من بين 45 رئيسا عرفتهم الولايات المتحدة منذ تأسيسها قبل 240 عاما، ينضم الرئيس دونالد ترامب اليوم لرئيسين سبق أن صوّت مجلس النواب على عزلهما.
ففي عام 1868 صوت مجلس النواب لصالح عزل الرئيس أندرو جاكسون، وبعد أكثر من 130 عاما صوت المجلس لصالح عزل الرئيس بيل كلينتون عام 1998. وفي الحالتين برأ مجلس الشيوخ الرئيسين واستمرا في ممارسة مهامهما الرئاسية.
وينتظر أن يصوت مجلس النواب للمرة الأولى في تاريخه على لائحة اتهام لرئيس جمهوري، إذ انتمى الرئيسان كلينتون وجاكسون للحزب الديمقراطي.
وتشمل لائحة الاتهام مخالفتين أولاهما تتعلق بإساءة استغلال الرئيس ترامب لسلطاته، أما الثانية فتتعلق بعرقلة ترامب لعمل الكونغرس.
وأظهر تصويت أعضاء اللجنة القضائية بمجلس النواب التزاما حزبيا صارما في التصويت مع أو ضد عزل ترامب، حيث صوت كل الأعضاء الديمقراطيين الـ23 لعزل ترامب، في حين رفض كل الأعضاء الجمهوريين الـ17 قرار العزل.
وينتظر أن تعكس نتيجة تصويت مجلس النواب التزاما حزبيا كبيرا، لكن يتوقع أن يصوت أربعة أعضاء ديمقراطيين ضد أحد بندي لائحة الاتهام أو كليهما.
وتشير خريطة حديثة لدوائر مجلس النواب إلى وجود 31 دائرة فاز بها ديمقراطيون في انتخابات الكونغرس 2018، في الوقت الذي فاز بها ترامب عام 2016.
ويحتاج الديمقراطيون إلى 218 صوتا من بين أعضاء مجلس النواب المكون من 435 لإصدار قرار عزل الرئيس ورفعه لمجلس الشيوخ لمحاكمة الرئيس. ويملك الديمقراطيون أغلبية مريحة تبلغ 235 عضوا مقابل مئتين للجمهوريين.
غضب ترامب
عبر ترامب أمس عن غضبه بصورة واضحة في خطاب من خمس صفحات أرسله لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي اتهمها فيه بتقويض الديمقراطية الأميركية، "وبمحاولة الانقلاب".
وحذر ترامب بيلوسي في رسالته من أن "التاريخ سيحكم عليكِ بشكل قاس".
من ناحية أخرى، دعا سبعمئة عالم من مختلف الولايات المتحدة الكونغرس إلى ضرورة عزل ترامب "وإنقاذ أميركا"، وأدان العلماء سلوك الرئيس الذي يرونه "خطرا واضحا وحاضرا على الدستور".
وشملت قائمة العلماء مؤرخين وخبراء قانون وخبراء في مجالات علمية مختلفة.
ويعتقد هؤلاء العلماء أن "عرقلة ترامب غير القانونية لمجلس النواب، الذي سعى على نحو مشروع للحصول على وثائق وإفادات شهود في إطار أداء دوره الرقابي المنصوص عليه دستوريا، تمثل خروجا غير مشروع على ممارسات يجب أن تلتزم بها أي حكومة ديمقراطية".
خطوات غامضة
لا أحد على وجه الدقة يعرف ما الخطوات التالية في إجراءات عزل الرئيس ترامب، ولم يتعرض الدستور الأميركي إلى تفاصيل القيام بإجراءات عزل الرئيس، وتم ترك ذلك لقادة مجلسي الكونغرس ورؤساء اللجان المعنية بقضية العزل.
ولم توفر الخبرات التاريخية القليلة التي اضطر الكونغرس فيها لبدء إجراءات عزل الرئيس، سوابق يمكن الاعتماد عليها، إذ ترتبط السوابق التاريخية بخصوصية وظروف لا يمكن تطبيقها في حالة دونالد ترامب.
من ناحية أخرى، يعوق الاستقطاب الكبير بين الديمقراطيين والجمهوريين حول قضية عزل الرئيس ترامب وجود أي أرضية مشتركة بين الطرفين حول الخطوات التالية.
واعتبر رئيس الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، إجراءات وأهداف عملية عزل الرئيس بمثابة عملية سياسية وليست عملية قضائية. "لا يمكن أن أكون محايدا في عملية سياسية، هذه ليست عملية قضائية على الإطلاق"، بهذه الكلمات تحدث ماكونيل للصحفيين أمس في واشنطن.
وأضاف ماكونيل "لقد اتخذ الديمقراطيون موقفا حزبيا واضحا لعزل الرئيس. وأتوقع أن يكون التصويت داخل مجلس النواب متطابقا مع الانتماء الحزبي". وأكد زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ أنه "لن يكون محايدا تجاه إجراءات عملية عزل الرئيس".
الخطوات اللاحقة
يُطلب من أعضاء المجلس الـ 435 التصويت على قرار عزل الرئيس الذي يحتاج إلى أغلبية بسيطة (النصف إضافة لصوت واحد) كي يمر.
ويتوقع على نطاق كبير أن يمرر مجلس النواب القرار، إذ يتمتع الديمقراطيون بأغلبية 235 عضوا مقابل مئتي عضو للجمهوريين، ومن ثم يرفع المجلس هذا القانون إلى ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ.
وتعهد ماكونيل بالتعامل سريعا مع قرار مجلس النواب، وتبدأ محاكمة مجلس الشيوخ للرئيس ترامب، بعد العودة من عطلات أعياد الميلاد.
وينتظر أن تستغرق المحاكمة عدة أسابيع. ويترأس المحاكمة رئيس المحكمة الدستورية القاضي جون روبرتس، ويجب أن يشارك في المحاكمة كل أعضاء مجلس الشيوخ المئة الذين يقومون بدور هيئة المحلفين، ويصوتون لصالح أو ضد قرار عزل الرئيس ترامب، وهو القرار الذي يحتاج أغلبية ثلثي الأعضاء.
ويتمتع الجمهوريون بأغلبية 53 عضوا مقابل 47 للديمقراطيين، ولإدانة الرئيس وعزله من منصبه، يحتاج الديمقراطيون إلى أصوات عشرين سيناتورا جمهوريا، وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظروف الاستقطاب الراهنة.
المصدر : الجزيرة