أعلنت مصر السبت الماضي أن المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي وصلت إلى طريق مسدود. وبينما شددت على استعدادها لحماية حقها التاريخي في مياه النيل طالبت في ذات الوقت بوسيط دولي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية.
والأطراف المعنية بشكل أساسي هي دولة المنبع: إثيوبيا، ودولة المعبر السودان، ودولة المصب مصر.
ولكن تشييد السد يهم أيضا بقية دول حوض النيل وهي: كينيا وأوغندا والكونغو ورواندا وتنزانيا وبوروندي وإريتريا وجنوب السودان.
وفيما يلي عرض لأهم المعلومات والأرقام المتعلقة بالسد.
الموقع
يقع سد النهضة على النيل الأزرق بولاية بني شنقول قماز شمال غربي إثيوبيا، ويبعد ما بين عشرين وأربعين كيلومترا عن الحدود الإثيوبية السودانية.
وبدأت إثيوبيا بناء السد عام 2011، ومن المتوقع الانتهاء منه عام 2020.
المواصفات
يعتر أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية، والعاشر عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء.
ويبلغ ارتفاعه نحو 145 مترا، في حين يبلغ طوله نحو 1800 متر، وتبلغ سعته التخزينية 74 مليار متر مكعب من المياه، وسيحتوي على 15 وحدة لإنتاج الكهرباء
التكلفة
تشير التقديرات إلى أن التكلفة الإجمالية ستقارب خمسة مليارات دولار، وكانت الحكومة الإثيوبية صرحت بأنها تتولى تمويل المشروع بالكامل.
مشروع أمة
تعول أديس أبابا على السد في تحقيق نهضة تنموية شاملة وإنتاج ستة آلاف ميغاوات طاقة كهربائية، أي ما يوازي ما تنتجه ست منشآت تعمل بالطاقة النووية.
وعند بدء تشغيل السد ستصبح إثيوبيا أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا.
وتنظر أديس أبابا إلى سد النهضة على أنه مشروع الأمة الإثيوبية التي يزيد عددها عن 105 ملايين نسمة معظمهم تحت خط الفقر، وأنه كالسد العالي للمصريين.
مكاسب سودانية
من المتوقع أن يساعد السد السودان على التحكم في الفيضانات التي تصيبه خاصة عند سد الروصيرص، ومن خلال تخزين طمي النيل الأزرق، وهو ما سيطيل عمر السدود السودانية.
كما سيحصل السودان على كميات كبيرة من الكهرباء المستمرة بأسعار زهيدة جداً مقابل التوليد الحراري المكلف.
في المقابل هناك مخاوف من أن يتسبب بناء السد في إغراق نحو نصف مليون فدان من الأراضي الزراعية السودانية وتهجير نحو ثلاثين ألف مواطن بالقرب من منطقة إنشاء السد.
الخاسر الأكبر
في المقابل، ستكون مصر المتضرر الأكبر، حيث تخشى من تأثير السد على منسوب نهر النيل الذي تعتمد عليه بنسبة تتجاوز 95% لتأمين حاجاتها المائية.
وتستند مصر إلى حقوق تاريخية بموجب اتفاقيتي 1929 و1959 اللتين تمنحانها 87% من مياه النيل وهو ما يقدر بـ 55 مليار متر مكعب سنويا.
وبموجب هاتين الاتفاقيتين أيضا تمتلك مصر حقّ الموافقة على مشاريع الري في دول المنبع.
لكن إثيوبيا تقول إنها ترفض الاعتراف المباشر أو غير المباشر بأي معاهدة سابقة لتحديد حصص المياه.
النقاط الخلافية
وتتعلق النقاط الخلافية بقواعد تشغيل السد وتصريف المياه وكيفية التعامل مع سنوات الجفاف. ورفضت إثيوبيا الشهر الماضي اقتراحا لمصر بشأن تشغيل السد.
ولم تذكر أديس أبابا حجم تدفق المياه الذي تريده بينما تصر مصر على أن يتدفق إليها ما لا يقل عن أربعين مليار متر مكعب من مياه السد سنويا.
لكن الخلاف يحتدم أساسا حول مدة ملء بحيرة السد، فبينما تريد إثيوبيا ملء البحيرة خلال فترة من أربع إلى سبع سنوات ترى مصر أن هذه الفترة قليلة وأنها ستحد من تدفق المياه إليها.
وثيقة مبادئ
وكان قادة الدول الثلاث وقعوا يوم 23 مارس/آذار 2015 وثيقة مبادئ بشأن سد النهضة، عقب جهود دبلوماسية رفيعة المستوى لتخطي نقاط الخلاف.
وبموجب الوثيقة تعترف مصر بحق إثيوبيا في بناء السد مقابل تعهدات الأخيرة بمشاركة القاهرة في إدارته.
طريق مسدود
لكن مصر أعلنت في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 2019 أنّ المحادثات حول السدّ وصلت إلى "طريق مسدود" بسبب "تشدد الجانب الأثيوبي" مطالبة بتدخل وسيط دولي في المفاوضات.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي "أؤكد أن الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية المصرية في مياه النيل ومستمرة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي وفي إطار محددات القانون الدولي لحماية هذه الحقوق وسيظل النيل الخالد يجري بقوة رابطاً الجنوب بالشمال برباط التاريخ والجغرافيا".
وعلى الفور رفضت إثيوبيا اقتراح حكومة مصر بدعوة طرف ثالث في المناقشات الخاصة بسد النهضة.
وأكدت خارجيتها في بيان التمسك بمبادئ الاستخدام المنصف والمعقول لمياه السد، وعدم التسبب في أي ضرر كبير لأي دولة مشاطئة أخرى في استخدام مياه النيل.
ونص البيان الإثيوبي على أن "الحكومة ستواصل اتباع نهج لا يؤدي إلى الاعتراف المباشر أو غير المباشر بأي معاهدة سابقة لتحديد حصص المياه".
وأضاف "ستعزز إثيوبيا جهودها لتحقيق تنمية مواردها المائية لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية لشعبها الذي يستحق التنمية ومستوى معيشة لائقا".
المصدر: الجزيرة