ينتظر التونسيون السبت المناظرة التلفزيونية الثانية بين المرشحين لانتخابات الرئاسة التي ستجرى في 15 أيلول/سبتمبر لاختيار رئيس من أصل 26 مرشحا، في ما يشكل مبادرة نادرة في العالم العربي.
وأثارت هذه المناظرات شعورا بالفخر لدى العديد من التونسيين الذين يرون أن بلدهم بات مرجعا في الديموقراطية في المنطقة.
وتشكل هذه المناظرات بين المرشحين ذروة الحملة الانتخابية ونقطة تحول في السياسة التونسية قبل الانتخابات المقرر اجراؤها في 15 ايلول/سبتمبر.
وتتلقى تونس أشادت بصفتها قصة نجاح نادرة للتحول الديموقراطي بعد انتفاضات الربيع العربي التي أشعلتها الثورة التونسية في العام 2014.
وآخر هذه المواقف صدرت عن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الذي قال الأحد أن "الانتقال الديموقراطي يجري بشكل سليم". وصرح لودريان "إنها ديموقراطية فتية، ودستور حديث وأول بلد في الربيع العربي لكنه ربيع استمر على الطريق الديموقراطي".
تمّ توزيع المرشّحين على ثلاث أمسيات كان أولها السبت وشارك فيها ثمانية منهم. ويشارك في مناظرة الأحد تسعة مرشحين والإثنين ثمانية آخرون.
وتجري المناظرات تحت شعار "الطريق إلى قرطاج. تونس تختار". وتستمر كل مناظرة ساعتين ونصف الساعة. وبثت المناظرة الأولى مباشرة على إحدى عشر قناة تلفزيونية بما في ذلك قناتان عامتان وعشرون إذاعة.
بلهجة مازحة، يقول بلعباس بن كريدة مؤسّس مبادرة "مناظرة"، الشريك غير الحكومي للعمليّة، تعليقاً على هذه المناظرات "لا مجال للإفلات منها".
شارك في مناظرة السبت عدد من أبرز المرشّحين من أصحاب "الوزن الثقيل"، بينهم المرشّح الإسلامي عبد الفتاح مورو وأوّل رئيس تونسي ما بعد الثورة منصف المرزوقي، ورئيس الوزراء السابق مهدي جمعة، والناشطة المعارضة للإسلاميين عبير موسي.
وكان هناك كرسي فارغ لرجل الأعمال المثير للجدل نبيل القروي، المرشّح الذي أودع السجن بتهم غسل الأموال.
وجاء في تغريدة على الصفحة الرسمية للقروي تعليقاً على غيابه "حرموني هذه الليلة من حقّي الدستوري للتعبير أمام الشعب التونسي. ويجرؤون على الحديث عن انتخابات شفافة وديمقراطية في غياب مبدأ أساسي وهو التساوي في الحظوظ".
ودرس المنظّمون إتاحة مشاركته في النقاش عبر الهاتف من زنزانته، لكنّ القرار تُرِك للقضاء.
- "نحن فخورون" -
نُظّمت المناظرة التي بدأ الإعداد لها منذ شهر آذار/مارس الفائت، في مقرّ قناة "الوطنية" التونسية العامة، ووقف خلالها المرشّحون على شكل نصف دائرة أمام منابر اختيرت على أساس القرعة وفي الوسط صحافيّان يُديران الحوار وفقاً للتوقيت المحدّد.
طرح الصحافيّان أسئلةً أعدّها إعلاميّون وكانت اختيرت بالقرعة مساء الجمعة، ورَدّ عليها المشاركون على امتداد ساعتين. وشملت الأسئلة مجالات تتعلّق بحقوق الإنسان والأمن والاقتصاد والعلاقات الخارجيّة، إضافة إلى تعهّدات المرشحين للأيّام المئة الأولى من الحكم.
وفي نهاية المناظرة، منح كل مرشح 99 ثانية لتوضيح برنامجهم ووعودهم الانتخابية.
وتجمع التونسيون في المقاهي لمشاهدة المناظرة، وكانت أنظارهم مشدودة إلى شاشات التلفزيون كما لو كانوا يتابعون مباراة مهمة لكرة القدم.
وقال أسامة (33 عاما) إن المناظرة كانت "باردة وتجنبت الصدام"، لكنّها ساعدته على اتخاذ قرار بعدم التصويت لمرشحين محددين. وأضاف "لكن نحن فخورون لأن كل العرب في كل مكان كانوا يشاهدوننا هذا المساء".
ويؤكد كثير من التونسيين أنّهم ينتظرون المناظرة الكبرى لتحديد موقفهم.
ويقول الأسعد خضر رئيس نقابة قنوات التلفزيون الخاصة "في العالم العربي، في أغلب الأحيان عندما نتحدّث عن المنافسة، نعرف من سيفوز في النهاية بنسبة 99,99? من الأصوات. أما اليوم فنحن لا نعرف من سيفوز".
لكن في الواقع، يصعب التكهن بنتائج الانتخابات الرئاسية التونسية، مع هذا العدد الكبير من المرشحين والبرامج والقضايا التي يصعب حصرها في بعض الأحيان.
وتقول منية ذويب عضو اللجنة المنظمة "هذا غير مسبوق! بصفتي صحافية تونسية، أنا فخورة بهذا ومتلهفة للأمر".
في عام 2012، بعد 15 شهرًا من إطاحة الرئيس حسني مبارك من جانب حركة احتجاج استلهمت الثورة التونسيّة، نظّمت مناظرة تلفزيونية، وُصِفت حينها بأنها "تاريخية" بين مرشّحين اثنين من بين 13 مرشحاً للرئاسة.
وفاز محمد مرسي الذي ينتمي للإخوان المسلمين بهذه الانتخابات، لكن الجيش أطاحه بعد عام واحد إثر احتجاجات واسعة على حكمه الذي اتسم بالاضطرابات السياسية والاجتماعية.
المصدر: فرانس برس