شارك مئات الالاف المطالبين بالديموقراطية في هونغ كونغ الأحد في مسيرات كبيرة هدفها التأكيد ان الحركة الاحتجاجية لا تزال تحظى بدعم شعبي واسع رغم تصاعد العنف والتحذيرات المتزايدة من بكين.
وتدفق مئات الآلاف من المتظاهرين الذين يحملون مظلات الى وسط جزيرة هونغ كونغ متحدين الأمطار الغزيرة وأوامر الشرطة بعدم الخروج من حديقة تجمعوا فيها في وقت سابق.
وتسببت عشرة أسابيع من الاحتجاجات في إغراق المدينة التي تعد مركزا تجاريا دوليا في أزمة مع مشاهد متكررة لمتظاهرين مقنعين يدخلون في مواجهات مع قوات مكافحة الشغب وسط سحب الغاز المسيّل للدموع.
واستمرت تظاهرات الأحد التي قالت "الجبهة المدنية لحقوق الإنسان" بأنها استقطبت أكثر من 1,7 مليون شخص في أكبر تجمع خلال أسابيع حتى الليل.
ووصفتها بانها عودة إلى الأصول "السلمية" لحركة الاحتجاج.
وفي الوقت نفسه اتخذت الصين القارية الشيوعية مواقف متشددة متزايدة تجاه المحتجين، معتبرة التظاهرات الأكثر عنفا أعمالا "شبه إرهابية".
ومنع متظاهرون الثلاثاء مسافرين من اتمام إجراءات السفر في مطار المدينة، ولاحقا اعتدوا على رجلين اتهما بأنهما جاسوسان للصين.
وأساء انتشار الصور والمشاهد إلى الحركة التي لم تستهدف حتى ذلك الوقت سوى الشرطة أو مؤسسات حكومية، ودفعت بالمتظاهرين للتفكير مليا بأهدافهم.
ووصف متظاهر احتجاجات الأحد بأنها "سيل متدفق"، مشيرا إلى أنّ الحركة تستطيع التأقلم باستمرار للتحايل على أساليب الشرطة.
وقال الشاب واسنه الاول لو (25 عاما) "لقد تطورت الحركة وأصبحت أكثر مرونة".
- سلمية أم عنيفة -
واستغلت آلة الدعاية الصينية أعمال العنف، وفاضت وسائل الإعلام الرسمية بالمقالات والصور والفيديوهات المنددة.
ونشرت وسائل الإعلام الرسمية أيضا صورا لعسكريين وناقلات جند مدرعة في شينزين قرب حدود هونغ كونغ، فيما حذرت الولايات المتحدة بكين من عواقب إرسال جنود، وهي خطوة يقول محللون إنها ستسيء إلى سمعة الصين وستكون كارثة اقتصادية عليها.
لكنّ الشرطة في هونغ كونغ منتشرة في شكل واسع للتصدي لتظاهرات مترامية وعرضة لانتقادات لاذعة بسبب تعاملها القاسي بما فيه استخدام الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاطي وضرب المتظاهرين، وهذه أحداث هزّت مواقع التواصل الاجتماعي في ارجاء العالم.
وقال المتظاهر جيمس لونغ لفرانس برس "اعتقد ان الاسلوب الذي تعاملت به الشرطة مع الأمر غير صحيح تماما. يمكن أن تصدر حكما استنادا إلى الفيديوهات العديدة" على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتباينت آراء المتظاهرين حيال العنف المتصاعد، الذي تخلله استخدام المتظاهرين المتشددين الحجارة والزجاجات الحارقة.
وقال البعض إنّ العنف دفع الحركة المطالبة بالديمقراطية في اتجاه غير مناسب.
وقال راي شينغ (30 عاما) اثناء مشاركته في التجمع ان "البعض يعبر عن اراء متشددة".
وتابع "لكننا حاولنا عدة مرات بأساليب سلميّة ... أمل أن تصغي الحكومة إلينا".
وأشاد متحدث باسم حكومة هونغ كونغ بالشرطة التي تتعامل مع "أعمال غير قانونية بتسامح" ودعا المحتجين "للتعبير عن ارائهم بشكل سلميّ وعقلاني".
بدورها، قالت بوني لوينغ المتحدثة باسم "الجبهة المدنية لحقوق الإنسان" التي دعت لتظاهرات الأحد "إذا كانت خطة بكين و(حكومة) هونغ كونغ هو الانتظار حتى تموت حركتنا فهم مخطئون (...) فنحن سنتابع بإصرار".
- أزمة غير مسبوقة -
بدأت التظاهرات في هونغ كونغ باحتجاجات على مشروع قانون يتيح تسليم المطلوبين إلى الصين القارية، لكنها توسعت للمطالبة بحقوق ديموقراطية في المدينة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.
وتتمتع هونغ كونغ بحريات غير معروفة في البر الصيني بموجب اتفاقية بدأ تطبيقها عندما أعادت بريطانيا مستعمرتها السابقة إلى الصين في 1997.
ويقول العديد من أهالي هونغ كونغ إن الحريات تتضاءل، خصوصا منذ وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ للحكم.
وباستثناء تعليق مشروع قرار تسليم المطلوبين، لم تبد بكين وحاكمة المدينة كاري لام رغبة في تلبية المطالب الرئيسية للمحتجين مثل التحقيق في عنف الشرطة بحق المتظاهرين والسحب النهائي للمشروع ومنح عفو للاشخاص المتهمين في احداث مرتبطة بالتظاهرات.
وطلبت بكين من شركات هونغ كونغ والاثرياء البقاء موالين لها وإدانة الاحتجاجات.
والسبت، سارعت شركات المحاسبة "الأربع الكبرى" في المدينة إلى التنصل من إعلان نشره أرباب أعمال في صحف محلية يؤيدون فيه الاحتجاجات.