تجمع 2.5 مليون حاج يوم السبت على جبل عرفات في أهم شعائر الحج طلبا للمغفرة وسط حر قائظ ثم توافدوا على مزدلفة استعدادا لأداء آخر مناسك الحج.
وقضى الحجاج بملابس الإحرام البيضاء الليل في مخيمات مترامية الأطراف في نطاق جبل عرفات حيث اختبر الله إيمان نبيه إبراهيم عندما طلب منه أن يذبح ولده إسماعيل وحيث ألقى محمد رسول الإسلام خطبة الوداع.
وصعد حجاج آخرون كانوا في منطقة منى القريبة في حافلات أو سيرا على الأقدام إلى الجبل قبل الفجر. كان البعض يحمل طعاما وسجاجيد استعدادا للتخييم ومراوح للتخفيف من حدة الحرارة التي قاربت 40 درجة مئوية قبل أن يسقط المطر.
وبمجرد أن وصلوا إلى عرفات، جلس الحجاج وصلى البعض وبكى آخرون وألتقط البعض صورا ذاتية (سيلفي) أو بثوا مقاطع مصورة للأصدقاء والأقارب في الوطن.
وقال اليمني زايد عبد الله (30 عاما) الذي يعمل في محل بقالة بالسعودية إنه يدعو الله من أجل بلده الذي سقط فيه عشرات الآلاف من القتلى في حرب دفعت باليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم كما يدعو للمسلمين كافة.
وقال ”ما ندعو لليمن فقط، ندعو للمسلمين أجمع، أن يجمع الله شتات المسلمين وأن يجمعهم تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله“.
وأضاف وهو يقترب من الجبل الجرانيتي الذي يعرف أيضا بجبل الرحمة ”نتحمل الحر لأن ذنوبنا أكبر من هذا. نسأل الله أن يخفف عنا حر الآخرة، أما حر الدنيا فنتحمله“.
وجاء حمود إسماعيل وزوجته رغداء من سوريا مرورا بتركيا وجاء سائق السيارة الأجرة خالد معتوق من ليبيا. وقال الثلاثة إنهم يدعون الله أن ينهي المعاناة في بلديهما اللذين مزقتهما الحرب.
وبالنسبة لآخرين يعتبر الحج مصدر شعور بالرضا. وقال تاجر الأجهزة الكهربائية المصري رمضان الجعيدي إنه سعيد بتمكنه من مرافقة والدته لأداء فريضة الحج بعد وفاة والده العام الماضي.
وقال ”أحسن شعور إن ربنا سبحانه وتعالى اختارنا لنكون في هذا المكان“.
وقال نظمي ماروجي نيد من الفلبين إنه يشعر بالرضا لكنه متوتر قليلا لأنه يحج لأول مرة. وأضاف ”إن شاء الله كل من هم هنا سيتقبلهم الله“.
ووصل إلى المشاعر المقدسة نحو 2.49 مليون حاج أغلبهم من الخارج لأداء المناسك التي تستمر خمسة أيام.
ومن بين من وصلوا من الخارج 200 من الناجين وأسر القتلى في الهجومين اللذين وقعا على مسجدين في نيوزيلندا في مارس آذار.
حجاج على جبل الرحمة بعرفات يوم السبت. تصوير: اوميت بكطاش - رويترز
وبعد أن قضى الحجاج النهار على جبل عرفات انتقلوا مع غروب الشمس إلى وادي مزدلفة لجمع الحصى الذي سيستخدمونه في شعيرة رمي الجمرات التي تبدأ يوم الأحد أول أيام عيد الأضحى برمية العقبة الكبرى.
* التوترات الإيرانية
تعلق السعودية سمعتها على إشرافها على الحرمين الشريفين في مكة والمدينة المنورة وتنظيم الحج.
ومن المخاوف الدائمة في موسم الحج احتمال انتشار أمراض بين الحجاج لكثافة الأعداد في أماكن محدودة ولأن كثيرين منهم يتناولون طعامهم في العراء ويفترشون الأرض في الأماكن المقدسة.
وفي سنوات سابقة شهد الحج، الذي يعد أكبر تجمع عالمي للمسلمين، حوادث تدافع وحرائق وأعمال شغب. وسقط مئات القتلى في تدافع عام 2015 في واحدة من أسوأ الكوارث التي وقعت في موسم الحج منذ 25 عاما على الأقل.
وتشتد التوترات بصفة خاصة هذا العام بين السعودية وإيران خاصة بعد احتجاز سفن تجارية ووقوع هجمات على ناقلات قرب مضيق هرمز.
وقد أصبحت المنطقة محور مواجهة بين طهران وواشنطن التي عززت وجودها العسكري في الخليج منذ مايو أيار.
وطلب المسؤولون السعوديون من الحجيج أن يركزوا على الشعائر وحذروا من تسييس الحج.
وأدان الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي خطة أمريكية لإنهاء الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل ودعا الحجاج إلى الاعتراض عليها.
وقال التلفزيون الرسمي إن رسالة خامنئي تليت في تجمع للحجاج الإيرانيين في مخيمهم الذي بث التلفزيون لقطات منه لمئات الحجاج الإيرانيين وهم يهتفون باللغة العربية ”أمريكا عدو الله“ كما رفعوا لافتات كتب عليها ”الموت لإسرائيل“ و“الموت لأمريكا“.
ويمثل الحج عماد خطة للتوسع في السياحة في ظل حملة لتنويع اقتصاد المملكة بدلا من الاعتماد على النفط. ويدر الحج ورحلات العمرة على مدار العام مليارات الدولارات من إيرادات إقامة الحجاج وانتقالاتهم ومصروفاتهم وما يشترونه من هدايا.
ويهدف المسؤولون لزيادة عدد الزائرين للعمرة والحج إلى 15 مليونا وخمسة ملايين على الترتيب بحلول العام 2020 وزيادة عدد المعتمرين إلى 30 مليونا بحلول 2030.
المصدر: رويترز