شلّ العصيان المدني الحياة في العاصمة السودانية الخرطوم اليوم الأحد، حيث أغلقت المصارف أبوابها، وبدت الأسواق والشوارع شبه خالية، وتوقفت الملاحة الجوية في مطار الخرطوم الدولي، في حين سقط ثلاثة قتلى.
وجاء الدخول في العصيان المدني تلبية لدعوة من قوى الحرية والتغيير التي ترفض بقاء المجلس العسكري في السلطة.
وأوردت مصادر من منظمي العصيان أن قطاعات واسعة من السودانيين استجابت للدعوة، إذ لوحظ غياب في شوارع الخرطوم للمركبات العامة والخاصة، وخلت الطرقات من المارة.
ودخل موظفون في بنك السودان المركزي العصيان؛ مما أدى إلى توقف العمل في القطاع المصرفي، حيث أغلقت معظم البنوك أبوابها أمام العملاء.
وعلى شارع الستين الرئيسي بالخرطوم أغلقت أفرع بنوك تنمية الصادرات والبركة والخرطوم أبوابها تماما.
وتوقفت حركة البيع والشراء في أسواق الخرطوم، في حين لوحظ انتشار قوات الدعم السريع في شوارع الخرطوم، وسط غياب تام لقوات الجيش والشرطة.
وفي السياق ذاته، كشف رصد لموقع "فلايت رادار" عن توقف حركة الملاحة في مطار الخرطوم الدولي.
وبحسب آخر الصور من الموقع، فإن هناك طائرات تعود لشركات غير سودانية تعبر أجواء السودان.
وقال عضو في رابطة الطيارين السودانيين إن العصيان بين الطيارين ومساعدي الطيارين وأطقم الملاحة الجوية كان كبيرا ومؤثرا.
وأكد أنهم بصدد مخاطبة وكالات واتحادات طيران إقليمية ودولية لسحب طيارين أجانب يعملون في شركة بدر للطيران السودانية.
وأفاد شهود للجزيرة نت بأن قوات الدعم السريع دخلت أحياء جنوب الخرطوم وبدأت إزالة المتاريس.
وفي شارعي الأربعين والموردة بأم درمان، وقف متظاهرون على المتاريس حاملين لافتات داعية للعصيان في حضور قوات من الجيش.
وفي ضاحية شمبات بالخرطوم بحري، أطلقت قوات الأمن الغاز المدمع، وجرت عمليات كر وفر بين "شرطة الاحتياطي المركزي" وحراس المتاريس في شارع المعونة، أحد أهم الشوارع.
واستمر قطع خدمة الإنترنت في أول أيام العصيان، الذي تزامن مع انتهاء عطلة العيد.
وقال أحد الناشطين في حي الحضراب في ضاحية شمبات إن هناك استجابة كبيرة، ولم يخرج إلى العمل سوى اثنين فقط.
وتحول المتاريس على الطرق الرئيسية والفرعية في إحياء ولاية الخرطوم دون تحرك حافلات النقل العام.
وقال نجل الدين من أم درمان إنه وصل وسط الخرطوم بصعوبة بالغة صباح الأحد.
وفي ضاحية الثورة بأم درمان، قال وليد بكري إن العصيان ناجح وواضح للعيان، وأضاف أن جرافات فتحت الطرق صباحا تحت حراسة قوات عسكرية، "ولكن ما إن انسحبت حتى أعاد المحتجون المتاريس إلى مكانها مع حراستها".
وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية سقوط ثلاثة قتلى بمستشفى السلاح الطبي، إثر تعرضهم للضرب والطعن.
كما أعلن في وقت سابق سقوط قتيل بإطلاق نار، ونقل جثمانه إلى مشرحة مستشفى الخرطوم بحري.
في غضون ذلك، أكدت مصادر في قوى الحرية والتغيير للجزيرة تواصل حملة الاعتقالات في صفوف قادة الحَراك الشعبي.
كما ذكرت المصادر ذاتها للجزيرة أن قوات عسكرية اقتادت خمسة طيارين وأجبرتهم على الإقلاع بطائرات مدنية، لنقل عسكريين، رغم إعلانهم الإضراب العام.
وقال تجمع المهنيين السودانيين إن عددا كبيرا من ناشطيه تعرضوا للإخفاء القسري، مشيراً إلى أن حملة الاعتقالات شملت العاملين في المصارف وشركات الكهرباء والمطار والطيران المدني، وقطاعات حيوية أخرى.
وكانت قوى الحرية والتغيير أعلنت اليوم الأحد الدخول في عصيان مدني لحين سقوط المجلس العسكري الانتقالي، وتسليم السلطة لحكومة مدنية.
وأعلنت العديد من النقابات المهنية دعمها للعصيان المدني، ودعا تجمع أساتذة الجامعات الطلاب وأعضاءَ الهيئات التعليمية في الكليات لرفض قرارات المؤسسات التعليمية التي أعلنت استئناف الدراسة.
كما جددت لجنة صيادلة السودان المركزية التزامها بالعصيان المعلن، وقالت اللجنة إن العصيان يشمل القطاعات العامة والخاصة، باستثناء أقسام الطوارئ وفروع صيدليات الصندوق القومي للإمدادات الطبية في العاصمة.