أوقفت قوات الأمن السودانية ثلاثة من قادة المعارضة حسب ما أعلن مساعدوهم السبت، بعد لقائهم رئيس الوزراء الإثيوبي خلال زيارته للخرطوم في محاولة للتوسط بين طرفي النزاع بعد أيام من حملة قمع دامية أحبطت آمال تحقيق انتقال ديموقراطي سريع للسلطة.
والتقى آبي أحمد الجمعة المجلس العسكري الحاكم في السودان وقادة الاحتجاجات في محاولة لإحياء المباحثات بين الطرفين بشأن أي منهما يُفترض أن يدير المجلس الذي سيحكم البلاد في الفترة المقبلة.
ويأتي ذلك بعد أيام من شن قوات الأمن حملة قمع دموية الاثنين ضد اعتصام استمر أسابيع، ما أدى إلى مقتل العشرات من المتظاهرين.
ويقول شهود عيان إن الهجوم نفذته "قوات الدعم السريع" المنبثقة من قوات الجنجويد المتهمة بارتكاب فظائع في إقليم دارفور (غرب) في عامي 2003 و2004.
وتولى المجلس العسكري الحكم في نيسان/أبريل بعد أن أقال الرئيس عمر البشير عقب أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه الذي استمرّ ثلاثين عاماً.
ومذاك، قاوم قادة الجيش دعوات وجهها إليهم المحتجون والمجتمع الدولي لنقل السلطة إلى إدارة مدنية، وانهارت أخيراً في منتصف أيار/مايو جولات محادثات عدة.
وفي محاولة لإحياء المفاوضات، توجه رئيس الوزراء الإثيوبي إلى الخرطوم الجمعة في مهمة مصالحة وعقد لقاءات منفصلة مع الطرفين.
وقال آبي في بيان بعد الاجتماعات إن "الجيش والشعب والقوى السياسية يجب أن يتحلوا بالشجاعة والمسؤولية باتخاذ خطوات سريعة نحو فترة انتقالية ديموقراطية وتوافقية". وأضاف "على الجيش أن يحمي أمن البلد وشعبها وعلى القوى السياسية أن تفكر في مستقبل البلد".
- دعوة لإجراء تحقيق دولي -
أوقف متمردان بارزان وقائد معارض بعيد لقائهم رئيس الوزراء الاثيوبي، ضمن وفد يمثل حركة الاحتجاج، حسب ما أعلن مساعدوهم السبت.
وأُوقف السياسي المعارض محمد عصمت الجمعة في حين اعتُقل القيادي في الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال اسماعيل جلاب، من منزله في وقت مبكر السبت.
وقال رشيد أنوار وهو أحد مساعدي جلاب، لوكالة فرانس برس إن "مجموعة مسلحين حضرت على متن سيارة عند الساعة الثالثة (01,00 ت غ) من صباح اليوم (السبت)، وأخذت اسماعيل جلاب (...) من دون إعطاء أي سبب".
وأوضح أن مبارك اردول الناطق باسم الحركة، وهي الفرع الشمالي من حركة تمرد جنوبية سابقة، اعتُقل أيضاً. وأضاف "لا نعرف أين يتمّ احتجازهم".
عصمت وجلاب هما عضوان بارزان في تحالف الحرية والتغيير، الذي يضمّ أحزاب ومجموعات متمردة ومنظمي الاحتجاجات التي تعمّ السودان منذ كانون الأول/ديسمبر الفائت.
ويهدد توقيفهم بزيادة التعقيدات أمام جهود مصالحة حركة الاحتجاج والجنرالات.
وبعد حملة القمع الوحشي التي نُفذت الاثنين، تبدو فرص تحقيق انتقال ديموقراطي سريع بعيدة وسط إصرار قادة الاحتجاج حالياً على أن استئناف المحادثات مع الجيش لن يتم إلا في حال استوفيت شروط معينة.
وقال أحد أبرز قادة تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير" عمر الدقير الجمعة إن على المجلس العسكري الانتقالي "الاعتراف بوزر الجريمة" التي ارتكبت في ساحة الاعتصام و"سحب المظاهر العسكرية من الطرقات". كما دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للنظر في "مجزرة فض الاعتصام".
ودعا الدقير المجلس العسكري إلى إعادة خدمة الإنترنت والسماح بالحريات العامة وحرية الإعلام.
وكتب السفير البريطاني لدى الخرطوم عرفان صديق في تغريدة "في الدبلوماسية، الحوار هو كل شيء و(وضع) شروط مسبقة للحوار ليس فكرة جيدة بشكل عام. لكن بعد ما حصل في 3 حزيران/يونيو، هذه (...) الشروط من أجل العودة إلى المحادثات تبدو منطقية جداً".
- شوارع خالية -
ومنذ فضّ الاعتصام، فرغت شوارع الخرطوم وبقي السكان داخل منازلهم، خصوصاً بعد أن حذّر قائد "قوات الدعم السريع" محمد حمدان دقلو من أنه لن يسمح بأن ينزلق البلد إلى الفوضى.
وقال شهود عيان إن العديد من الطرقات كانت لا تزال مغلقة السبت عبر صخور وجذوع أشجار وإطارات وضعها محتجون بعد حملة القمع.
وأضاف هؤلاء أن "عناصر قوات الدعم السريع موجودين في بعض الساحات والشوارع لكن ليس بشكل واضح".
ومُنع الوصول إلى موقع الاعتصام أمام مقرّ القيادة العامة للجيش، وقد أحاط جنود وعناصر من "قوات الدعم السريع" بكل جوانبه لإبقاء المتظاهرين بعيدين.
ولم يكن بالإمكان سماع شعارات المحتجين التي هزّت الخرطوم على مدى أشهر.
وأوضح الخبير في شؤون السودان مارك لافيرن من مركز فرنسا الوطني للأبحاث العلمية لفرانس برس هذا الأسبوع أن قمع حركة الاحتجاج "يهدف إلى إحباط شعب الخرطوم نفسيا".
وأضاف أن المتظاهرين "في الشوارع جميعهم متعلمون ولديهم تطلعات للديموقراطية وحقوق الإنسان والحرية".
المصدر: فرانس برس