قدّم وزراء مسلمون في الحكومة السريلانكية الاثنين استقالتهم بسبب هجمات كراهية واسعة ضد طائفتهم في أعقاب الاعتداءات الانتحارية التي أوقعت 258 قتيلا يوم أحد الفصح في البلد ذي الغالبية البوذية.
وجاءت استقالة تسعة وزراء وحكام ولايات إثر مطالبة راهب بوذي نائب في البرلمان ويدعم الرئيس مايثريبالا سيريسينا بإقالة ثلاثة من كبار المسؤولين المسلمين.
اندلعت تظاهرات شارك فيها الالاف في مدينة كاندي التي تعد مزاراً بوذياً في وسط سريلانكا الاثنين بعدما طالب الراهب اثورالي راتانا باستقالة حاكمي ولايتين ووزير زعم أنهم على صلة بالجهاديين المتورطين في الاعتداءات الدامية.
وأغلقت المتاجر والمكاتب في كاندي التي تبعد 115 كلم شرق كولومبو، وهي مقصد ديني مهم بالنسبة للبوذيين في سريلانكا.
وذكر مكتب الرئيس مايثريبالا سيريسينا في بيان أنّ حاكمي الإقليمين الشرقي والغربي وهما مسلمان قدما استقالتهما، وتم قبولها.
وخلال ساعات، قدم المسؤولون التسعة المنتمون إلى تيارات وأحزاب مسلمة ورئيسية استقالتهم قائلين إنهم يتخلون عن مناصبهم لضمان إجراء تحقيقات مستقلة في اعتداءات الفصح.
وتضم القائمة وزير التجارة رشاد بديع الدين الذي طالب الراهب راتانا باستقالته.
- "ثقافة الكراهية" -
وقال قادة الطائفة المسلمة في سريلانكا التي تشكل نحو 10 بالمئة من سكان البلاد البالغ عددهم 21 مليون نسمة، إن المسلمين أصبحوا ضحايا للعنف والمضايقات وخطاب الكراهية منذ اعتداءات عيد الفصح التي نسبت إلى إسلاميين متطرفين.
وقال وزير الموارد المالية رؤوف حكيم إنّ المسلمين تعاونوا مع أجهزة الأمن لتوقيف المشتبه بهم، لكن الطائفة بأكملها تقع ضحية الإيذاء الجماعي.
وأبلغ حكيم الصحافيين بعد وقت قصير من إعلان استقالته "نريد إنهاء خطاب الكراهية، وإنهاء ثقافة الكراهية والحصانة الممنوحة للمتورطين في الكراهية".
وأوضح ان الوزراء يغادرون مناصبهم أملا في قيام السلطات بالتحقيق في شكل كامل في المزاعم ضد أبناء طائفتهم خلال شهر.
وأكّد الوزراء المستقيلون في بيان جماعي الجمعة أنّهم سيظلون مخلصين لحكومة رئيس الوزراء رانيل ويكريميسينغي.
- انتهاء صيام الموت -
وفي معبد السنّ المقدس لدى البوذيين لاعتقادهم بوجود أحد أسنان بوذا بداخله، أنهى الراهب البارز اثورالي راتانا إضرابا عن الطعام سمّاه "الصوم القاتل" بعد قبول الاستقالات.
ونُقل راتانا في سيارة إسعاف الى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية.
كما تواجد في المعبد الراهب غالاغوداتي غنانا سارا الذي تم الإفراج عنه الشهر الفائت بعفو رئاسي بعد اتهامه بالتحريض على ارتكاب جرائم كراهية ضد المسلمين.
وكان راتانا، وهو نائب في البرلمان أيضا، يطالب بإطاحة حاكمي الإقليمين ووزير التجارة رشاد بديع الدين لاتهامهم بدعم المتطرفين المسؤولين عن اعتداءات 21 نيسان/ابريل التي هزّت سريلانكا.
- انتقادات للكاردينال الكاثوليكي -
وتعرضت ثلاث كنائس في كولومبو وخارجها وثلاثة فنادق فاخرة لهجمات منسقة نسبتها السلطات لجهاديين محليين وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عن هذه الاعتداءات التي لم تعرف لها البلد مثيلاً وأسفرت عن مقتل 258 شخصا بينهم 58 أجنبيا.
ووصل رئيس الكنيسة الكاثوليكية في كولومبو الكاردينال مالكولم رانجيث الى كاندي الاثنين للإعراب عن دعمه لراتانا حيث قال للصحافيين، "ندعم حملة الراهب (راتانا) لأن العدالة لم تأخذ مجراها بعد".
وانتقد المتحدث باسم الحكومة وزير المالية مانغالا ساماراويرا الكاردينال رانجيث لدعمه "الطائفية".
وكتب ساماراويرا على تويتر "الكاردينال مالكولم رانجيث يذكي نيران الكراهية والطائفية عبر زيارة الراهب الصائم راتانا. أحيط الفاتيكان علما بذلك".
وأعلنت الحكومة توقيف 100 شخص مرتبطين ب "جماعة التوحيد الوطنية" الجهادية منذ التفجيرات.
كما حظرت السلطات هذه الجماعة بالإضافة إلى مجموعة أخرى منشقة عنها هي "جماعة ملة ابراهيم".
وفي أعقاب التفجيرات، اندلعت أعمال شغب ضد المسلمين في عدة بلدات شمال العاصمة أودت برجل مسلم فيما تم تخريب مساجد ومئات المنازل والمتاجر المملوكة للمسلمين.
وقال ضابط شرطة لفرانس برس إنّ "المتظاهرين تفرقوا في شكل سلمي بعد ظهر اليوم".
وفرضت السلطات حال الطوارئ منذ اعتداءات عيد الفصح وتم نشر قوات الجيش والشرطة لاعتقال المشتبه بضلوعهم في الهجمات الدامية.
يشكل المسيحيون ما نسبته 7,6 بالمئة من السكان البالغ عددهم 21 مليون نسمة، والمسلمون 10 بالمئة في الدولة التي تدين غالبيتها بالبوذية.
وفي آذار/مارس 2018، قتل ثلاثة اشخاص واصيب أكثر من 20 آخرين في أحداث شغب ضد المسلمين استمرت اسبوعا.
المصدر: فرانس برس