في تأكيد عملي على المقولة الفلسطينية الشهيرة «الكبار يموتون والصغار لا ينسون»، أحيا الفلسطينيون فعاليات ذكرى «النكبة الـ 71»، في مسيرات حاشدة، جددوا من خلالها التمسك بـ «حق العودة» إلى ديارهم التي هجروا منها قسرا على أيدي العصابات الصهيونية، ونددوا بالمخطط الأمريكي الرامي لتصفية قضيتهم والمنتظر أن يطرح بشكل رسمي خلال الأسابيع القليلة المقبلة تحت مسمى «صفقة القرن».
وعلى وقع التظاهرات الحاشدة التي عمت الصفة، وأعادت كبار السن إلى ذكريات ما قبل 71 عاما، وأعطت الأطفال والشباب، آمالا جديدة بتحقيق أحلامهم بالعودة إلى الديار التي هجر منها الآباء والأجداد، دوت في مواقع الفعاليات الصفارات للتعبير عن حالة «الحداد»، لمدة واحد وسبعين ثانية، بعدد سنوات التهجير.
وانطلقت مسيرة مركزية كبيرة في مدينة رام الله، من أمام ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، حتى وصلت إلى مركز المدينة، وشارك في المسيرة، رئيس الوزراء محمد اشتية، وعدد من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واللجنة المركزية لحركة فتح، والأمناء العامون للفصائل، وممثلو القوى الوطنية، والمؤسسات والفعاليات الشعبية.
ورفع المشاركون خلال الفعالية أعلاما فلسطينية، وحملوا لافتات تحمل أسماء المدن والقرى التي هجر منها الفلسطينيون في عام 1948، ورايات سوداء، وهتفوا ضد الاحتلال كما رددوا شعارات تنادي بحق العودة.
وانتهت المسيرة بمهرجات خطابي حاشد، ألقيت فيه العديد من الكلمات من قبل المسؤولين، التي أكدت جميعها على تسمك الفلسطينيين بحق العودة، وضرورة إنجاز الوحدة الوطنية لمواجهة المخططات الإسرائيلية والأمريكية.
وأقيم العديد من الفعاليات الشعبية في مدن ومخيمات أخرى في الضفة. فقد أحيت مدينة قلقيلية الذكرى بمسيرة شعبية نظمتها القوى الوطنية واللجنة الشعبية لخدمات اللاجئين في المدينة، انطلقت من أمام البلدية، ورفع المشاركون خلالها يافطات تؤكد على حق العودة.
وخلال المسيرة قال أمين سر حركة فتح في المدينة محمود ولويل «إن الاحتلال يحتفل اليوم بما يسمى استقلاله، ونحن نعلنها اليوم أن لا أمن ولا استقلال للمحتل في أرض ليست أرضه ولا بد أن يأتي يوم ويرحل فيه عن أرضنا وننعم بالحرية التي راح ضحيتها ملايين من الشهداء والجرحى و الأسرى». وأقيمت فعالية أخرى في مدينة بيت لحم، شاركت فيها حشود كبيرة، وتعرضت لاعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي عندما وصلت التظاهرة إلى المدخل الشمالي للمدينة المؤدي الى القدس المحتلة.
وقال محافظ بيت لحم كامل حميد «إن الأساس من النكبة أن ينسى الشعب وتصبح الأرض مباحة للاحتلال دون شعب وقيادة ولا هوية». وأضاف «لكن ما نراه اليوم في شوارع المخيمات والبلدات والعالم هو انبعاث حقيقي سنوي من الشعب الفلسطيني نحو الحرية والعودة والاستقلال، والإصرار على تحقيق النصر أقرب من أي وقت».
تمسك الفلسطينيين بثوابتهم
في السياق قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي «إن رسالة فعاليات إحياء الذكرى مفادها أن شعبنا متمسك بالثوابت الوطنية المتمثلة بحق عودة اللاجئين وتعويضهم وفقا للقرار 194 واستمرار عمل وكالة الأونروا إلى أن يكون هناك حل عادل».
وأكد أن القدس المحتلة وقضية اللاجئين «ليست للبيع أو المساومة مقابل حفنة دولارات في صفقة القرن»، مشددا على أن شعبنا «قدّم آلاف الشهداء والأسرى والجرحى للحصول على حقوقه المشروعة ولن يتنازل عنها».
وصادف أمس الموافق 15 مايو/ أيار، ذكرى النكبة لعام 1948، حين طردت العصابات الصهيونية الفلسطينيين من أراضيهم ومدنهم بالقوة، إلى مخيمات الشتات في فلسطين ودول الجوار، وما تبع النكبة من «نكسة» وقعت في عام 1967، حين احتلت إسرائيل باقي الأراضي الفلسطينية، وأجزاء من دول عربية محيطة.
وتسببت اعتداءات العصابات الصهيونية وقتها علاوة على تشريد 800 ألف فلسطيني، الذين بات عددهم الآن يقترب من الستة ملايين لاجئ، في استشهاد الكثير منهم، علاوة على تدمير المدن والقرى، بعد الاستيلاء على خيراتها.
ومنذ ذلك التاريخ ترفض إسرائيل بمساعدة أمريكا الالتزام بالقوانين والقرارات الدولية، التي تعطي الفلسطينيين الحق في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها وفقا للقرار الدولي 194، وتتنكر لحقوقهم مرتكزة بذلك إلى لغة القوة.
المصدر: القدس العربي