قدم المحقق الخاص روبرت مولر الجمعة تقريره الذي طال انتظاره إثر تحقيقات استمرت طيلة عامين حول تدخل روسي في الانتخابات التي أوصلت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 2016، في ما يصفه الرئيس بانه "مطاردة وتنكيل" به بينما يقول معارضوه إنه يمكن أن يفضي إلى عزله.
وظل مضمون التقرير سرياً، لكن المدعي العام بيل بار كتب في رسالة إلى الكونغرس أنه قد يكون قادراً على تلخيص "استنتاجاته الأساسية" وعرضها على الكونغرس خلال إجازة نهاية هذا الأسبوع.
قضَّت هذه القضية حكم ترامب منذ توليه السلطة لما تحفل به من ادعاءات غير مسبوقة بالتواطؤ أو حتى الخيانة من قبل رئيس أميركي بالتعاون مع موسكو، بعد هزيمة هيلاري كلينتون المفاجئة في الانتخابات.
وظل ترامب يؤكد طوال الوقت أنه ضحية حملة "مطاردة" بينما تقول المعارضة الديمقراطية التي باتت تسيطر على مجلس النواب إن ترامب لم يقدم شرحاً وافياً لطبيعة صلاته مع روسيا.
عمل مولر، وهو محارب قديم في حرب فيتنام ومدير سابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، في سرية شبه تامة لمدة عامين. ومع اختتام مهمته كمحقق خاص، بات الأمر متروكاً الآن للمدعي العام بار الذي عينه ترامب، لتحديد مقدار ما سيتم نشره من محتوى التقرير.
وأمام الضغوط العامة والسياسية للكشف عن كامل محتوى التقرير، قال بار إنه "ملتزم بأكبر قدر ممكن من الشفافية".
وهناك معلومة رئيسية واحدة أكدتها بالفعل وزارة العدل وهي أن مولر لا يوصي بتوجيه اتهامات أخرى.
خلال التحقيق الذي أجراه، وجه مولر اتهامات إلى نحو ثلاثين من الأفراد والكيانات، بما في ذلك 25 من الروس وستة من مساعدي ترامب السابقين.
لكن الأخبار التي تفيد بعدم التخطيط لتوجيه مزيد من الاتهامات تعني أن شخصيات قريبة من الرئيس بما في ذلك ابنه دونالد ترامب جونيور وصهره القوي جاريد كوشنر يمكن أن ينعما براحة البال خلال نهاية هذا الأسبوع.
ولم يعلق ترامب الموجود في منتجعه في مارالاغو للغولف في فلوريدا على الأمر، بينما كان ينتظر التقرير. وقالت المتحدثة باسمه سارة ساندرز إن البيت الأبيض يتطلع الآن إلى أن "تمضي العملية قدما".
- تدخل روسي -
حتى قبل صدور التقرير، كشفت لوائح الاتهام التي وجهها مولر ووثائق المحكمة الكثير عن التحقيق الأكثر إثارة للصدمة في الانتخابات الرئاسية في تاريخ الولايات المتحدة.
وتحدثت وثائق المحكمة عن جهود مستمرة بذلتها موسكو للتأثير على انتخابات 2016 وتعطيل النظام الديمقراطي في البلاد.
وتحدث مولر عن قراصنة تحركهم الحكومة الروسية ويتحركون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عملوا لتعزيز فرص ترامب على حساب هيلاري كلينتون.
بعد التعرف على وجود عشرات الاتصالات غير المبررة بين حملة ترامب وشخصيات روسية، أطلق مكتب التحقيقات الفيدرالي التحقيق في تواطؤ محتمل. عندها تخلص ترامب من رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، ونتيجة لذلك تم وضع التحقيق في يد مدع خاص مستقل، هو مولر.
ومع تجنب أي تسريب إلى وسائل الإعلام، وهو أمر نادر الحدوث في واشنطن، قام فريق محامي مولر بتوجيه تهم ضد شركاء ترامب بول مانافورت وريك غيتس ومايكل فلين ومايكل كوهين وجورج بابادوبولوس وروجر ستون.
أدين خمسة منهم بجرائم مختلفة. ولكن المثير للاهتمام أن أيا منهم لم يتهم بالتآمر للتواطؤ مع الروس.
- ترامب يتصدى للتحقيق -
شكلت هذه الحقيقة أساسًا لتأكيدات ترامب الثابتة بأنه "لم يكن هناك تواطؤ" وأنه ضحية "خدعة" دبرها الديمقراطيون.
في الواقع، يقول الخبراء القانونيون إن مولر ربما نبش معلومات حول وجود صلات بين ترامب وروسيا لكن ليس بما يكفي كعناصر إثبات أمام القضاء.
هذا لا يعني، مع ذلك، أن القضايا ستزول. إذ يمكن أن يظل بعضها موضوع تحقيقات قسم الاستخبارات التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وقد تولى بالفعل بعض المدعين الاتحاديين التحقيق في بعض الجرائم المزعومة.
ومن بين العديد من الأسئلة التي لم تلق إجابة، حجم تعاملات ترامب التجارية مع روسيا والتي تشمل مسعى لم يكشف عنه سابقا لبناء برج ترامب في موسكو، مع استمرار المحادثات حتى عام 2016.
لكن ترامب قد يكون قادراً على القول إنه كان بريئاً منذ البداية لأن مولر لم يثبت أي تواطؤ.
واستمر ترامب في مهاجمة مولر على هذا الأساس حتى قبل ساعات قليلة من تسليم التقرير. وقال "لقد عشنا هذا العبث طيلة عامين، لأنه لا يوجد تواطؤ مع روسيا. الناس لن يقتنعوا بهذا".
كُلف مولر أيضاً بالتحقيق فيما إذا كان ترامب حاول عرقلة العدالة عن طريق إعاقة التحقيق الروسي. ولكن ترامب أجاب على ذلك بقوله لتلفزيون "فوكس": "عرقلت العمل عبر محاربة الخدعة. حسنا؟".
- معركة من أجل نشر كامل التقرير -
ويتوقع أن تدور المعركة الآن حول مقدار ما سينشر من التقرير ومن يمكنه الاطلاع على ذلك.
ودعا الديموقراطيون على الفور إلى نشر محتواه. وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر في بيان مشترك "من الضروري أن ينشر بار التقرير كاملاً وتقديم الوثائق والنتائج الأساسية للكونغرس".
وقال جيري نادلر الرئيس الديمقراطي للجنة القضائية بمجلس النواب والتي ستحصل على ملخص بار إن "الشفافية والمصلحة العامة لا تتطلبان أقل من هذا. يجب إعطاء الأولوية لثقة الجمهور بسيادة القانون".
وقد ردد تلك الدعوات المرشحون الديمقراطيون للرئاسة بمن فيهم السناتورة إليزابيث وارين التي قالت "حضرة المدعي العام بار: انشر تقرير مولر للشعب الأميركي. الآن".
المصدر: فرانس برس