سيصوت النواب البريطانيون الخميس على اقتراح الطلب من الاتحاد الأوروبي تأجيل بريكست، في وقت زجّت عملية إنهاء عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بالبلاد في أزمة سياسية عميقة.
ووافقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على طلب التأجيل قبل أسبوعين ليس إلا من حلول موعد الانسحاب المقرر في 29 آذار/مارس، لكنها حذرت من أن أي تأجيل ستطول مدته على الأرجح إلا إذا تراجع النواب عن موقفهم المعارض للاتفاق الذي توصلت إليه مع بروكسل.
ودعت إلى تصويت ثالث على اتفاقها بشأن بريكست في الأيام القليلة المقبلة بعدما تعرضت لهزيمتين مهينتين في البرلمان.
وخلال عدة أيام سادتها الفوضى في كثير من الأحيان في مجلس العموم، صوت النواب الثلاثاء على رفض اتفاق ماي للمرة الثانية ورفضوا الأربعاء اقتراح مغادرة التكتل بدون اتفاق.
وبينما ارتفعت قيمة الجنيه الاسترليني بعد التصويت الرافض للخروج بدون اتفاق، إلا أنه تراجع مجددا في وقت مبكر الخميس إذ لا يزال من الممكن أن تنفصل بريطانيا عن التكتل في 29 آذار/مارس بدون خطة تنظم ذلك ما لم يتم الاتفاق على بديل، وهو ما سيتسبب بصدمة في الأوساط الاقتصادية.
وستطلب ماي لاحقا من النواب البريطانيين تأييد تأجيل الانسحاب واقترحت عرض اتفاقها مجددا عليهم الأربعاء المقبل للسماح لها بطلب تمديد في قمة الاتحاد الأوروبي في اليوم التالي.
وسيكون الإرجاء حتى 30 حزيران/يونيو في حال الموافقة النهائية على اتفاق بريكست الذي تفاوضت عليه.
لكن في حال صوت النواب مجددا برفض الاتفاق، لن يكون الإرجاء لفترة طويلة، بحسب ما أعلنت ماي، وهو ما ستضطر بريطانيا بموجبه المشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي في أيار/مايو.
وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الخميس إن التكتل قد يوافق على تأجيل الانسحاب لفترة طويلة "في حال وجدت المملكة المتحدة أنه من الضروري إعادة التفكير باستراتيجيتها المتعلقة ببريكست وتمكنت من خلق إجماع حولها".
- "انهيار بريكست" -
وعلق بريكست في دهاليز البرلمان البريطاني، ما يعكس الانقسامات العميقة السائدة بعد ثلاث سنوات من استفتاء 2016 الذي صوت البريطانيون فيه بفارق ضئيل لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
ورسخت جلسات هذا الأسبوع الانقسامات السياسية داخل البرلمان وفي البلاد ككل إذ بدت ماي أقرب إلى فقدان السيطرة على حزبها والحكومة.
وفي مشاهد بدت أحيانا هزلية في البرلمان الأربعاء، تحدى أربعة أعضاء في الحكومة بين 17 نائبا محافظا ماي ولم يصوتوا مع الحكومة.
وفي نقلها للأحداث، عنونت صحيفة "دايلي ميل" "الفوضى تعم" بينما جاء على صفحة "ذي تايمز" الأولى "انهيار بريكست".
بدوره، أقر وزير المالية فيليب هاموند أن "هذه فترة تحديات كبيرة" لكنه أصر على أن الحكومة لا تزال تحاول "بناء توافق لدعم الاتفاق".
وقال مصدر في الحزب الديموقراطي الوحدوي لوكالة فرانس برس إن الحكومة تخوض محادثات جديدة في مسعى لكسب حلفائها في البرلمان من الحزب الإيرلندي الشمالي وغيرهم من أشد أنصار بريكست.
وأفاد هاموند شبكة "بي بي سي" "بات من الواضح أن هناك من صوّت من زملائنا ضد الاتفاق وهم الآن يريدون معرفة أين يأخذنا مجلس العموم ويتساءلون إن كان الاتفاق هو الحل الأفضل".
- إمكانية "لا محدودة" لاتفاق تجاري مع واشنطن -
وتأتي سجالات هذا الأسبوع في البرلمان بعد عامين من بدء العد العكسي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد الاستفتاء.
وحذر قادة عالم المال والأعمال من أن بريطانيا "تحدق مباشرة في فوهة البندقية" إن هي قطعت علاقاتها المستمرة منذ 46 عاما مع أكبر شريك تجاري لها دون اتفاق.
من جهته، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس على وجود إمكانية "لا محدودة" لإبرام اتفاق تجاري بين واشنطن ولندن، وهو أمر ينتظره أنصار بريكست بفارغ الصبر.
وأعلنت الحكومة البريطانية الأربعاء عن سلسلة من الاجراءات في حال خرجت بريطانيا بدون اتفاق بينها إلغاء الرسوم الجمركية على معظم الواردات وعدم تطبيق عمليات مراقبة عند الحدود مع إيرلندا.
وأملت ماي بأن يوافق البرلمان على الضمانات التي حصلت عليها في اللحظات الأخيرة من قادة الاتحاد الأوروبي بشأن نقاط شائكة في الاتفاق، وتحديدا اقتراح "شبكة الأمان" الهادف لإبقاء الحدود مفتوحة مع إيرلندا.
لكن النائب العام البريطاني النافذ جيفري كوكس نسف ما توصلت إليه إذ أكد أن التعديلات الأخيرة لا تسمح لبريطانيا بالتخلي عن خطة شبكة الأمان من جانب واحد.
وأثار ذلك المخاوف في أوساط أنصار بريكست من احتمال أن تعلق البلاد في اتحاد جمركي بلا نهاية مع التكتل.
في المقابل، يرى معارضو بريكست أن التطورات الأخيرة تصب في مصلحتهم إذ يعتقدون أن فشل اتفاق ماي ورفض النواب فكرة الانسحاب بدون اتفاق سيدفع البلاد نحو استفتاء ثان أو إلغاء عملية بريكست برمتها.
وأعطت تصريحات ماي الأربعاء زخما لهذه النظريات إذ قالت أمام البرلمان "يمكن أن ننسحب بالاتفاق الذي تفاوضت عليه هذه الحكومة، لكن مع احتمال إجراء استفتاء ثان. غير أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى عدم خروج بريطانيا من الاتحاد".
المصدر: فرانس برس