أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الخميس أن الانسحاب من سوريا سيحصل بالفعل، نافيا أي تناقض بين مواقفه واستراتيجية الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط.
وقال بومبيو في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري سامح شكري إن "قرار الرئيس (دونالد) ترامب بسحب قواتنا من سوريا اتُخذ وسنقوم بذلك".
ونفى وجود تناقض بين إعلان ترامب الانسحاب من سوريا وبين الشروط التي ذكرها في ما بعد مسؤولون أميركيون كبار من بينهم مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون.
وقال ردا على سؤال بهذا الصدد إنه لا يوجد تناقض، مشددا على أن "هذا من فعل الإعلام".
وبعد أن أعلن ترامب عن انسحاب كامل وفوري من سوريا، اضطرت الإدارة الأميركية إلى التراجع وأعلنت على لسان بومبيو وبولتون شروطا لهذا الانسحاب يبدو أن من شأنها إرجاء الانسحاب الى أجل غير مسمى.
وتتمثل هذه الشروط في هزيمة نهائية لتنظيم الدولة الاسلامية الذي لا يزال متواجدا في بعض النقاط في سوريا، والتأكد من أن المقاتلين الأكراد الذين قاتلوا الجهاديين بمساندة الأميركيين سيكونون في مأمن في وقت تهدّد تركيا بشن هجوم عليهم.
ويبدو الانسحاب من سوريا حيث تتدخل إيران عسكريا الى جانب النظام، متناقضا مع عزم الإدارة الأميركية المعلن على محاصرة النفوذ الإيراني وحماية اسرائيل.
وشدد الوزير الأميركي على أن "التزامنا باستمرار العمل على منع عودة ظهور (تنظيم) الدولة الإسلامية حقيقي وكبير وسنواصل العمل به. ببساطة سنقوم بذلك بطريقة مختلفة في مكان محدد وهو سوريا" حيث تتدخل الولايات المتحدة عسكريا منذ العام 2014 في اطار تحالف مناهض للجهاديين.
- "قوة من أجل الخير"-
وسيلقي بومبيو في وقت لاحق بعد ظهر الخميس خطابا في الجامعة الاميركية بالقاهرة سيحاول فيه إثبات تماسك الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط.
ويلخص عنوان الخطاب الذي سيلقيه بومبيو في القاهرة الرسالة التي يريد أن يوجهها: "قوة من أجل الخير: أميركا تسترد قوتها في الشرق الأوسط".
وسيقول في هذا الخطاب بحسب مقتطفات وزعت على الصحافيين "في 24 شهرا بالكاد، أعادت الولايات المتحدة، تحت رئاسة ترامب، تأكيد دورها التقليدي كقوة من أجل الخير في هذه المنطقة".
وكان دونالد ترامب حدد خلال زيارة الى الرياض، كانت الأولى التي يقوم بها الى الخارج بعد توليه الرئاسة مطلع 2017، خطاً رئيسياً لسياسته في الشرق الأوسط وهو توحيد حلفاء الولايات المتحدة ضد إيران، إضافة الى مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا.
وفي موازاة ذلك، تعهد الرئيس الأميركي بالتوصل الى اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين، لكن لم يحصل أي تقدم على هذا الصعيد.
ومنذ ذلك الحين تسببت قرارات اتخذها ترامب تنفيذا لوعوده الانتخابية لقاعدته الشعبية، بخلط الأوراق وأثارت استياء بعض حلفائه.
-السيسي "شريك صلب"-
ويبدو الانسحاب من سوريا حيث تتدخل إيران عسكريا الى جانب النظام، متناقضا مع عزم الإدارة الأميركية المعلن على محاصرة النفوذ الإيراني وحماية اسرائيل.
ومن المقرر أن يقول بومبيو في خطابه إن "أمم الشرق الأوسط لن تعرف أبداً أمناً واستقرارأ اقتصادياً اذا استمر النظام الثوري الايراني على الطريق التي يسلكها حاليا".
ومن أجل تحقيق ذلك، يعتمد بومبيو على الحلفاء الأقرب للولايات المتحدة: فبعد الأردن والعراق، يزور الآن القاهرة حيث التقى صباحا الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وبالرغم من انتقادات المدافعين عن حقوق الإنسان لأداء السلطات المصرية في هذا المجال، تصف وزارة الخارجية الأميركية الرئيس المصري بأنه "حليف صلب في مكافحة الإرهاب وصوت شجاع في إدانة الإيديولوجية الإسلامية الراديكالية التي تغذيه".
وقبل القرار المتعلق بسوريا، اتخذ دونالد ترامب قرارات أخرى أدّت الى تعقيد الأوضاع، مثل الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران الذي أغضب حلفاء واشنطن الأوروبيين، والاعتراف الأحادي بالقدس عاصمة لاسرائيل الذي دفع الفلسطينيين الى إنكار دور الولايات المتحدة التقليدي كوسيط من أجل السلام.
ومنذ ذلك الحين، يتم مرة تلو أخرى تأجيل الإعلان عن خطة السلام الفلسطينية الاسرائيلية التي قال البيت الأبيض إنه أعدّها. ومن المستبعد أن يكشف بومبيو الأوراق الأميركية بهذا الشأن، وهو ليس معنيا بهذا الملف.
وقبل أن يتوجه الى الرياض خلال الأيام المقبلة، سيؤكد بومبيو صلابة التحالف مع السعودية على الرغم من الانتقادات التي طالت الرياض على خلفية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول.