يكتنف الغموض، تفاصيل وأهداف العملية التي نفذتها قوة إسرائيلية خاصة مساء الأحد، داخل قطاع غزة، وأسفرت عن استشهاد 7 فلسطينيين، وضابط إسرائيلي وإصابة آخر.
ففي البداية، راج الاعتقاد، أن هدف التسلل كان اغتيال القائد الميداني في كتائب القسام، نور الدين بركة.
لكن إسرائيل وكتائب القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، ذكرتا أن هدف العملية أكبر من ذلك بكثير، دون الكشف عن تفاصيل.
فمن جانبها، قالت كتائب القسام، في بيان أصدرته الإثنين، إن عملية التوغل الإسرائيلية لم تكن تستهدف اغتيال القيادي "بركة"، بشكل خاص، بل تنفيذ "مخطط عدواني كبير استهدف خلط الأوراق"، دون الكشف عن ماهيته.
أما رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت، قد قال اليوم الإثنين، إن الوحدة الخاصة "نفذت عملية ذات أهمية كبيرة لأمن إسرائيل"، دون أن يحدد أيضا، طبيعة المهمة.
وفي ذات السياق، قال أفيخاي أدرعي، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، الإثنين، إن العملية "لم تكن تهدف لتنفيذ عملية اختطاف أو اغتيال".
بدورها، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، الإثنين، أن "معظم تفاصيل العملية ستبقى سرية، بما فيها هوية الضابط القتيل وهو برتبة مقدم".
ويرى محللان سياسيان، تحدثت إليهما وكالة "الأناضول"، أن هدف إسرائيل من وراء العملية "غير واضح"، لكنها خططت أن تكون "صامتة" دون ترك أثر يشير لإسرائيل، وذلك بهدف إرباك الجبهة الداخلية الفلسطينية.
ويأتي تنفيذ هذه العملية الإسرائيلية في مدينة خانيونس بالتزامن مع حدوث تقدم كبير في جهود التهدئة التي تقودها مصر وأطراف دولية، بين الفصائل الفلسطينية بغزة وإسرائيل.
** ثلاثة سيناريوهات
حمزة أبو شنب، الكاتب والمحلل السياسي، يقول إن السيناريو الأول المتوقع، قد يتمثل في تنفيذ القوة الخاصة لعملية اختطاف لأحد قيادات القسّام، وهو السيناريو الأكثر ترجيحا، حسب وجهة نظره.
ويقول أبو شنب لـ"الأناضول":" إن ما رشح عن الإعلام الإسرائيلي ورتب المنفذين يشير إلى أن العملية عسكرية وليست استخباراتية".
لكن يبقى الغموض يكتنف هذا الأمر، ما يمنع الجزم بطبيعة السيناريو الأدق، جراء شح المعلومات الإسرائيلية حول منفذي العملية وطبيعتها، بحسب أبو شنب.
وتابع:" بسبب قلة المعلومات لا نستطيع أن نجزم من الجهاز الذي نفذ العملية، الجيش الإسرائيلي أم الاستخبارات".
ويبين أبو شنب أن السيناريو الثاني هو تنفيذ عملية استخباراتية لجمع المعلومات حول المقاومة بغزة وزراعة أجهزة تجسس في قطاع غزة.
وفي إطار هذا السيناريو، يعتقد أبو شنب أن عملية الاشتباك جاءت كتطور ميداني لم يكن مخطط له منذ البداية.
وعن وجود قوة إسرائيلية خاصة لتنفيذ عملية استخباراتية، في حين أن الجيش الإسرائيلي يلجأ بالعادة إلى تجنيد عملائه من أجل هذا الغرض، يقول أبو شنب:" يمكن الاستدلال بتجربة الجيش في لبنان حينما كان يريد زراعة أجهزة تجسس، حيث كان يكلف وحدة إسرائيلية خاصة".
وأرجع أبو شنب ذلك إلى "صعوبة التعامل مع تلك الأجهزة، وخطورتها، كونها تحتاج إلى فنيين وخبراء، الأمر غير المتوفر لدى العملاء المحليين".
وفيما يتعلق بالسيناريو الثالث، يقول ابو شنب إنه يتمثل بتنفيذ عملية اغتيال ضد أحد قادة كتائب القسام بغزة، لكنه سيناريو مستبعد.
واتفق مع أبو شنب، حسام الدجني، الكاتب والمحلل السياسي قائلا:" سيناريو الاغتيال ربما يكون مستبعد في هذا الأمر".
ورجح الدجني السيناريو الأمني، من وراء تنفيذ عملية خانيونس، قائلا:" ربما تكون قوة دخلت لتفحص طبيعة جهوزية المقاومة في حال تم تنفيذ عمليات إسرائيلية داخل القطاع".
ويوضح الدجني أن نقص المعلومات يجعل من الصعب الجزم بطبيعة أي من السيناريوهات، مشيرا إلى أن حادث الاشتباك "قد يكون وقع جراء حدث ميداني غير مخطط له وقد يكون مخطط له".
وفي وقت سابق اليوم، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، عن الجيش زعمه أن الهجوم العسكري الذي نفذه الليلة الماضية، جنوبي قطاع غزة، هو "عملية إنقاذ وإزالة تهديد معقدة جدا، وتم إزالة التهديد خلالها".
**العملية "الصامتة"
يقول الدجنى إن إسرائيل في كافة السيناريوهات كانت تهدف لتنفيذ عملية صامتة بغزة من خلال عدم ترك أي أثر يشير إليها، من أجل إرباك وحدة الصف الفلسطيني الداخلي.
وتابع قائلا:" العملية في حال نجاحها، كانت ستترك أثارها لدى الشعب الفلسطيني من حيث دائرة الاتهامات الداخلية".
كما أرادت إسرائيل من وراء تنفيذ تلك العملية " خلط الأوراق مما يفسد صورة الإنجازات التي حققتها مسيرة العودة وكسر الحصار؛ التي بدأت منذ نهاية مارس/ آذار الماضي".
وتعكس العملية وتضارب المعلومات حولها، وجود انقسام داخل إسرائيل بين "المؤسسة العسكرية، والسياسة، والاستخباراتية"، بحسب الدجني.
ويستدل الدجني بذلك إلى قطع "رئيس الوزراء الإسرائيلي زيارته إلى فرنسا وتوجهه إلى تل بيب"، في إشارة إلى فشل إدارته للأمور.
**تداعيات
على المستوى الداخلي الإسرائيلي يرى المحللان أن لعملية "خانيونس" التي نفّذتها قوة إسرائيلية خاصة تداعيات كبيرة نظرا لفشلها ولتوقيتها الذي يتزامن مع جهود كبيرة تبذلها مصر وقطر والأمم المتحدة من أجل تثبيت التهدئة في قطاع غزة.
ويعتقدان أن جدلا عميقا في الساحة الإسرائيلية الداخلية سيثار عقب هذه العملية، وبالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات.
كما تضع هذه العملية إسرائيل في حرج أمام الوسطاء الإقليميين والدوليين في ملف التهدئة.
ويقول الكاتب الدجني في هذا السياق:" فشل هذه العملية لن يشكل ضربا لملف التهدئة مع إسرائيل، لكنه سيعزز من موقف حركة حماس في هذا الملف".
وتقود مصر وقطر والأمم المتحدة، مشاورات منذ عدة أشهر، للتوصل إلى تهدئة بين الفصائل الفلسطينية بغزة وإسرائيل، تستند على تخفيف الحصار المفروض على القطاع، مقابل وقف الاحتجاجات التي ينظمها الفلسطينيون قرب الحدود مع إسرائيل.
ويجري وفد أمني مصري، جولة مكوكية بين غزة والضفة الغربية وإسرائيل منذ أسابيع، يلتقي خلالها مسؤولين في حركتي "حماس" و"فتح"، والحكومة الإسرائيلية، في إطار استكمال المباحثات التي تقودها بلاده حول ملف المصالحة الفلسطينية و"التهدئة" بغزة.
وكان مصدر فلسطيني مطلع، قد كشف للأناضول، مطلع الشهر الجاري، أن المخابرات المصرية، التي تقود جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، قد حققت تقدما ملموسا في مفاوضات التهدئة.
وتشمل بنود الاتفاق المرتقب، تخفيف الحصار عن قطاع غزة، مقابل وقف الاحتجاجات التي ينفذها الفلسطينيون قرب السياج الحدودي بين قطاع غزة وإسرائيل.
أخبار ذات صلة
الإثنين, 12 نوفمبر, 2018
الفلسطينيون بغزة يشيعون شهداء الهجوم الإسرائيلي السبعة
الإثنين, 12 نوفمبر, 2018
استشهاد قيادي في القسام و 7 فلسطينيين ومقتل ضابط إسرائيلي بغزة