تأمل الفتاة الفلسطينية عهد التميمي، بعد أن أفرج عنها من السجون الإسرائيلية، الأحد الماضي، أن تعود لممارسة حياتها الطبيعية بعيدا عن مضايقات الاحتلال الإسرائيلي.
وتضج ذاكرة التميمي (17 عاما) كما بقية أفراد عائلتها بذكريات قاسية تسببت بها القوات الإسرائيلية التي قتلت واعتقلت وأصابت عددا من أفراد عائلتها خلال السنوات الماضية.
والأحد الماضي، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن عهد التميمي ووالدتها ناريمان، بعد اعتقالهما قرابة 8 أشهر، بتهمة "إعاقة عمل جندي إسرائيلي ومهاجمته".
وكما أنها تتمنى أن تعود حياتها لطبيعتها، فإن "عهد" لن تتراجع عن طريق "مقاومة الاحتلال وستواجه الجيش الإسرائيلي مرة أخرى في حال اقتحم بيتها بقرية النبي صالح (قرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية)"، كما تقول لمراسل الأناضول.
وتضيف التميمي: "قدر الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال".
وعن طموحها بالفترة المقبلة، ذكرت "عهد" أنها تطمح لدراسة القانون الدولي للدفاع عن الأطفال الفلسطينيين وقضية شعبها.
وتلقت الفتاة الفلسطينية منذ أن خرجت من سجون إسرائيل منحا دراسية من عدد من الجامعات الفلسطينية والأردنية والبريطانية والتركية، لكنها لم تحسم أمرها بعد.
وكانت قد حصلت على شهادة الثانوية العامة داخل السجن.
وباسترجاع بعض مما عاشته عهد داخل السجن، تقول والدتها ناريمان لمراسل الأناضول: "أصيبت ابنتي بمرض في معدتها خلال الاعتقال، مما تسبب لها بآلام حادة صاحبها غثيان وفقدان للوعي".
"عشت لحظات صعبة في الاعتقال، تمثلت بالتحقيق القاسي وسجني بالعزل الانفرادي لمدة 15 يوما، إضافة لتلقي خبر اعتقال نجلي وعد، واستشهاد ابن عمي عز الدين التميمي على يد الجنود الإسرائيليين"، تكمل الأم ناريمان عن معاناتها الشخصية في الاعتقال.
وتعتبر ناريمان أن "قدر الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال"، مضيفة: "إن بقينا في بيوتنا فربما نموت حرقا كعائلة دوابشة، وإن خرج طفلي للمسجد قد يموت حرقا كمحمد أبو خضير، لماذا لا نخرج ونقاوم الاحتلال إذن؟".
وتقول: "كل أبناء قريتي (النبي صالح) يواجهون الاحتلال وعهد نموذجا لهم. وأنا أخت شهيد وخالي شهيد وعمي شهيد، وشقيقي البكر أصيب على يد القوات الإسرائيلية في لبنان، ووالدي اعتقل لسنوات طويلة بسجون الاحتلال".
ودعت ناريمان إلى تسليط الضوء على قصص المعتقلين بالسجون الإسرائيلية وخاصة الأطفال. وذكرت أن السلطات الإسرائيلية سعت لكسر إرادة عائلتها، لكنها فشلت.
وتشير المرأة الفلسطينية إلى بيتها قائلة: "حتى بيتي مخطر من قبل السلطات الإسرائيلية بالهدم، بينما تقام في جواره بيوت لمستوطنين قدموا إلى بلادنا قبل بضعة سنين".
وبالرجوع إلى طفلتها "عهد"، تقول الأم ناريمان: "منذ صغرها عاشت طفلتي على مواجهة الاحتلال، كانت تخرج للمسيرات وتقف في مواجهة الجيش الإسرائيلي مدافعة عن عائلتها وأبناء بلدتها".
وظهرت "عهد" مرات عدة أمام وسائل الإعلام وهي تقف في مواجهة جنود الجيش الإسرائيلي، وتمنعهم من اعتقال شقيقها، أو تدفعهم عن بقية أبناء قريتها، التي تشهد مواجهات على فترات متقاربة، بين الشبان الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية.
وإلى جوار زوجته كان يجلس باسم التميمي، وهو يتأمل عهد، قائلا لمراسل الأناضول: "أتمنى أن تعيش ابنتي مستقبلا هادئا وحياة جميلة بعيدا عن مضايقات الاحتلال".
ويضيف: "لكن الاحتلال هو من يأتي إلى بيوتنا ويعتدي علينا نحن لا نذهب إليه لذلك مقاومته واجبة".
واعتقل الفلسطيني باسم التميمي بسجون إسرائيل خلال الفترة بين عامي 1988 و2013، 9 مرات متقطعة بمجموع 4 سنوات ونصف، تعرض خلالها لتحقيق قاس أصيب على إثره بارتجاج في الدماغ ونزيف داخلي وبشلل استمر عدة أشهر.
ويكمل التميمي: "نحن مثال للعائلة الفلسطينية التي تعاني من الاحتلال، فشقيقتي استشهدت في العام 1993 على يد قوات الاحتلال، وابن عمي وابن خالي وعدد كبير من أصدقائي استشهدوا برصاص الجيش الإسرائيلي".
ووجه رسالة للاحتلال قائلا: "عليك أن تخرج من كل مفاصل حياتنا، وعلى المجتمع الدولي أن لا يبقى صامتا فقد حانت ساعة الصفر لإنهاء وجود الاحتلال على أرض فلسطين".
جدير بالذكر أنه في مارس/آذار الماضي، قضت محكمة عسكرية إسرائيلية بسجن عهد التميمي، 8 شهور، بتهمة "إعاقة عمل جندي إسرائيلي ومهاجمته"، بموجب تفاهم توصلت إليه النيابة العسكرية مع فريق الدفاع عنها.
وتحوّلت التميمي، عقب ساعات من إعلان اعتقالها، في 19 ديسمبر/ كانون أول 2017، إلى "أيقونة" للمقاومة الشعبية السلمية في فلسطين.
وتشهد قرية التميمي (النبي صالح) وقرى مجاورة، مسيرة أسبوعية، منذ العام 2009، ضد الاحتلال، واستمرار إسرائيل في الاستيلاء على أراضي البلدة.
وعادة ما يستخدم الجيش الإسرائيلي قنابل الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، والمياه العادمة، والرصاص الحي، لتفريق المسيرة.
ويقع على أراضي البلدة مستوطنة "حلميش" ومعسكر للجيش الإسرائيلي، وحاجز عسكري على مدخل البلدة.
وسبق لعهد التميمي أن تسلمت جائزة "حنظلة للشجاعة" عام 2012، من قبل بلدية "باشاك شهير"، في تركيا، لشجاعتها في تحدي الجيش الإسرائيلي، والتقت في حينه برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (رئيس الجمهورية الحالي) وعقيلته.