جمعت الولايات المتحدة خمسمئة طفل مهاجر بأهلهم فيما لا يزال أكثر من ألفي طفل آخر مفصولين عن ذويهم وسط غموض حول الجدول الزمني والآليات للم شمل العائلات، وجدل محتدم حول سياسة الرئيس دونالد ترامب.
وبعد تراجعه هذا الأسبوع عن موقفه المتشدد، بما كان يفترض أن يضع حدا لسياسة فصل عائلات المهاجرين غير الشرعيين، دعا ترامب الأحد إلى مزيد من الحزم في هذا الملف، ملمحا إلى إمكانية طرد المهاجرين بصورة غير شرعية بدون رفع ملفاتهم إلى القضاء.
وكتب على تويتر "لا يمكن أن نسمح لهؤلاء الأشخاص باجتياح بلادنا. حين يدخل أحد، علينا طرده فورا بدون قضاة أو قرارات قضائية إلى المكان الذي قدم منه".
ونشرت الإدارة الأميركية السبت أولى الأرقام الرسمية منذ أن أصدر الرئيس مرسوما الأربعاء وضع حدا لسياسة فصل الأطفال عن عائلاتهم بصورة منهجية عند توقيف الأهل لعبورهم الحدود من المكسيك بصورة غير شرعية.
وأعلنت وزارة الصحة في بيان أن الجيش الأميركي "جمع 522 طفلا أجنبيا معتقلين تم فصلهم عن البالغين في إطار سياسة +عدم التسامح التام+ بعائلاتهم" مضيفة أن 2053 قاصرا مفصولين عن ذويهم كانوا لا يزالون الأربعاء في عهدة دائرة الخدمات الصحية والإنسانية.
وتابع البيان الذي أعقب عدة أيام من الفوضى والغموض أن "حكومة الولايات المتحدة على علم بمكان وجود جميع الأطفال في مراكز الاعتقال وتعمل على جمعهم بعائلاتهم".
من جهته قال وزير الدفاع جيم ماتيس الأحد أن الجيش الأميركي يعمل على إقامة مخيمات في اثنتين من قواعده لـ"تقديم مأوى (للاجئين) الذين لا مأوى لهم"، مشيرا إلى أن العسكريين يريدون تقديم "دعم لوجستي" لأجهزة الأمن الداخلي.
وأدت سياسة "عدم التسامح التام" التي تبنتها إدارة ترامب بوجه الهجرة غير الشرعية إلى فصل العديد من الأطفال عن أهلهم، ما أثار موجة استنكار في الولايات المتحدة طاولت صفوف الجمهوريين حتى، وفي العالم بأسره مع صدور انتقادات حادة عن الامم المتحدة.
ومن الأسئلة الرئيسية التي كانت لا تزال مطروحة الأحد كم من الوقت سيستغرقه لم شمل جميع العائلات التي تم فصلها.
- "حزن كبير" -
لا يزال حوالى ألفي قاصر مبعدين عن أهلهم بحسب أرقام وزارة الصحة، ويقول المحامون العاملين على هذا الملف إنهم يواجهون متاهة لإتمام الإجراءات الضرورية.
وروى بنجامين ريموندو (33 عاما) الذي أبعد إلى غواتيمالا لوكالة فرانس برس أنه غادر بلاده في نيسان/أبريل لكنه فصل عن ابنه روبرتو البالغ من العمر خمس سنوات بعدما اعتقلته الشرطة في كاليفورنيا. ونجح أحد أقربائه المقيم في الولايات المتحدة، بتحديد مكان وجود الطفل بمساعدة محام وتم جمعه به في نهاية المطاف.
يقول ريموندو مبديا أسفه "اشعر بحزن كبير، وكأنني لن أرى ابني بعد اليوم" وهو لا يتوقع العودة إلى الولايات المتحدة في الوقت الحاضر.
ورأى السناتور المستقل أنغوس كينغ متحدثا لشبكة "إن بي سي" الأحد أن الأزمة الحالية تتعلق "أكثر بطالبي لجوء ولاجئين" مضيفا "إنهم أشخاص يصلون بصورة شبه حصرية من أميركا الوسطة وليس من المكسيك (...) هربا من العنف".
كما هاجم السناتور عن ولاية ماين إدارة ترامب بصورة مباشرة قائلا "الحكومة قامت بخيار فظيع يقضي بفصل الأطفال عن أهلهم" و"الآن يقولون +حسنا، سوف نبقيهم معا وسوف نبقيهم معا قيد الاعتقال+. لست واثقا أيضا بأن ذلك ضروري".
- أجواء سياسية مشحونة -
ويقترن الغموض المخيم على الأرض بخطاب ملتبس من جانب ترامب الذي يبدي بمعزل عن تشدده المعلن، مماطلة في المفاوضات الجارية في الكونغرس بهدف إصلاح قانون الهجرة.
ودعا الرئيس معسكره الجمهوري الجمعة إلى "التوقف عن إهدار وقته على الهجرة إلى أن يتم انتخاب المزيد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب" الجمهوريين في انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني/نوفمبر.
وبعد يومين، حض معارضيه على التحرك فكتب على تويتر "أيها الديموقراطيون، أصلحوا القوانين، لا تقاوموا".
وأكد رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الجمهوري مايكل ماكول الأحد في برنامج "فوكس نيوز سانداي" أنه يأمل في إقرار قانون هذا الأسبوع بشأن الهجرة وقال "كلمت البيت الأبيض أمس، قالوا إن الرئيس يدعمنا مئة بالمئة".
غير أن الأجواء السياسية تبقى مشحونة.
ونشر الحاكم الجمهوري السابق مايك هاكابي والد المتحدثة باسم البيت الأبيض ساره هاكابي ساندر السبت على تويتر صورة لعصابة "إم إس 13" الأميركية السلفادورية، أرفقها بتعليق عن رئيسة الديموقراطيين في مجلس النواب "نانسي بيلوسي تقدم فريق حملتها الجديد لاستعادة المجلس".
وغالبا ما يشير ترامب إلى هذه العصابة لتبرير خطابه المعادي للهجرة.