فاضت ساحات المسجد الأقصى، في مدينة القدس الشرقية المحتلة، بمصلين توافدوا من أنحاء الأراضي الفلسطينية، لإحياء ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، آملين أن تكون ليلة القدر.
وقال مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، الشيخ عزام الخطيب، للأناضول، إن "350 ألف مصلٍ أحيوا ليلة القدر في المسجد الأقصى اليوم".
ووسط إجراءات أمنية إسرائيلية مشددة، توافد المصلون، منذ صباح أمس، على الأقصى من أنحاء الضفة الغربية والمدن والبلدات العربية داخل الخط الأخضر (الأراضي المحتلة عام 1948- إسرائيل).
ومرحبا بالمصلين عبر مكبرات الصوت، قال مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني: "يا من زحفتم إلى المسجد الأقصى في هذه الليلة المباركة هنيئًا لكم أنكم مرابطون".
ومنعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية الفلسطينيين الذكور دون سن 40 عامًا من سكان الضفة الغربية من المرور عبر الحواجز الإسرائيلية للوصول إلى الأقصى.
والبارز هذا العام هو منع الفلسطينيين من سكان قطاع غزة من الوصول إلى القدس، للصلاة في المسجد كـ"إجراء عقابي".
ومنذ 30 مارس/ آذار الماضي يشارك فلسطينيون، قرب السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، في مسيرات سلمية تطالب بعودة اللاجئين إلى القرى والمدن التي هُجروا منها في 1948، وهو العام الذي قامت فيه إسرائيل على أراضيٍ فلسطينية محتلة.
ورغم قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي، يومي 14 و15 مايو/ أيار الماضي، أكثر من 120 فلسطينيًا في غزة، ما تزال مسيرات العودة مستمرة.
ورغم القيود الإسرائيلية، كانت غزة كانت حاضرة في دعاء المصلين، الذين ابتهلوا إلى الله أن يتم رفع الحصار عن أكثر من مليوني شخص في القطاع، الذي تحاصره إسرائيل منذ أكثر من 11 عامًا.
وانتشرت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية عند بوابات البلدة القديمة بالقدس، وفي أزقتها وصولًا إلى بوابات المسجد الأقصى.
وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية، ميكي روزنفيلد، في تصريح صحفي، إنه "تم اتخاذ إجراءات أمنية في القدس ومنطقة البلدة (القديمة) مع حلول ليلة القدر".
وهذه هي الليلة الوحيدة في العام التي تسمح فيها السلطات الإسرائيلية بفتح أبواب الأقصى 24 ساعة متواصلة، نظرًا للتدفق الكبير للمصلين.
وقال مدير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس: "منذ ساعات الصباح تم استكمال التجهيزات لاستقبال المصلين في الأقصى" .
وأضاف الخطيب: "تولت لجان النظام، بالتنسيق مع حراس وسدنة المسجد وفرق الكشافة، مسؤولية النظام في الأقصى".
وقامت فرق النظام بالفصل بين النساء والرجال، وتسهيل مرور المصلين إلى أماكن الصلاة، فضلًا عن تمكين الفرق الطبية من تقديم خدماتها للمصلين.
وتابع الخطيب أن "الترتيبات شملت برامج دينية داخل المسجد، حيث أعطى علماء دروسًا دينية، فضلًا عن تلاوة القرآن الكريم".
وانتشر المصلون، منذ الصباح، في كل أنحاء المسجد، وبينهم عائلات بكاملها هرعت إلى المسجد لإحياء ليلة القدر.
وقال راضي (32 عامًا)، من الخليل جنوبي الضفة الغربية، للأناضول: "أحرص سنويًا على إحياء ليلة القدر، والحمد الله ربنا ييسر الأمور رغم القيود الإسرائيلية".
وفي إحدى الزوايا الشرقية للمسجد، انهمك عشرات الشباب في إعداد وجبات إفطار مقدمة من الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، خاصة للمصلين القادمين من خارج القدس.
وقال الخطيب إن "مؤسسات قدمت أكثر من 100 ألف وجبة إفطار".
وأحدث توافد المصلين إلى القدس رواجًا تجاريًا في المدينة، التي تعاني كسادًا، بسبب الإجراءات الإسرائيلية.
واشترى فلسطينيون وجبات إفطار وعصائر وخبزًا وكعكًا وحلويات من الحارات القريبة من المسجد الأقصى.
وأغلقت الشرطة الإسرائيلية شوارع محيطة بالبلدة القديمة، وخاصة شارعي السلطان سليمان وصلاح الدين، بدعوى تفادي حدوث اكتظاظات مرورية في المنطقة.
وتولت المئات من الحافلات نقل المصلين من الضفة الغربية والمدن والبلدات العربية داخل الخط الأخضر إلى المسجد.
وأدى المصلون صلاة التراويح، التي تناوب عليها أئمة من حفظة القرآن الكريم.
وتضرع المصلون إلى الله أن يتحرر المسجد الأقصى ومدينة القدس وسائر الأراضي الفلسطينية، وأن يتحرر الأسرى من السجون الإسرائيلية.
وتعمل إسرائيل على تكريس احتلالها للقدس الشرقية، خاصة في ظل اعتبار الولايات المتحدة الأمريكية، العام الماضي، القدس بشقيها الشرقي والغربي عاصمة مزعومة لإسرائيل، القوة القائمة باحتلال المدينة، من عام 1967.
ومنذ بداية شهر رمضان، تشهد مصليات وأروقة المسجد الأقصى تواجدا مكثفا لمصلين جاؤوا من القدس والضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948، لأداء الصلوات، خاصة صلاتي التراويح والفجر، ولإحياء العشر الأواخر من الشهر الفضيل.