بعد ثلاثين عاماً من الصدور أوقفت دار الحياة للصحافة والطباعة والنشر الخميس 31 مايو/ أيار 2018، طباعة نسخها الورقية التي كانت توزع في أنحاء العالم، بعد طبعها في كل من بريطانيا ومصر، ولبنان، وقالت الصحيفة إن نسخة إلكترونية يومية بصيغة PDF ستصدر يومياً من الموقع الإلكتروني.
وكانت الحياة نشرت في الثاني من نيسان/أبريل على صفحتها الأولى أن مجلس إدارة «دار الحياة» عقد يومي 27 و28 آذار/مارس 2018، اجتماعاتٍ تداول فيها أوضاع الدار، والمستجدات التي يشهدها الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، نتيجة تراجع الدخل من الإعلانات، والتحوّل في النشر الورقي إلى الرقمي، ما انعكس على كل المؤسسات الإعلامية والصحافية.
وقالت الصحيفة إنه "حرصاً على استمرار مطبوعات الدار، جرى التأكيد مجدداً على إعادة الهيكلة، ليكون مكتب الدار في دبي لتوحيد كل الجهود في غرفة أخبار موحدة، من خلال دمج كل الإمكانات البشرية والمالية لتوفير المحتوى والمضمون لمنتوجات الدار الورقية والرقمية بجودة ونوعية وصدقية ميّزتها لأعوام، ولا تزال.
الحياة الدولية والسعودية والإلكترونية
والحياة صحيفة لبنانية النشأة، أسسها كامل مروة الكاتب والإعلامي اللبناني سنة 1946 وتتخذ من لندن مقراً لها. وتصدر عن دار الحياة. وتولى رئاسة تحريرها مجموعة من أهم الصحافيين العرب، مثل جهاد الخازن، وغسان شربل، وشارك فيها صحفيون وكتاب عرب معروفون.
وعادت الجريدة إلى الصدور في تشرين الأول/أكتوبر 1988 بعد توقف طويل، في فترة عرفت بالتوتر والأزمات في الصحافة الورقية. ومنذ أن سمح بتداولها في السعودية سنة 1996، اشتراها الأمير خالد بن سلطان وأصبح مالك الصحيفة حتى الآن، ويصدر من صحيفة الحياة يومياً ثلاث نسخ، (طبعة لندن)، (طبعة الرياض) و(طبعة بيروت) وتوزع في أنحاء العالم، ورئيس التحرير الحالي زهير قصيباتي.
في مطلع 2005، شهدت "الحياة" ولادة طبعتها السعودية واتخذت من الرياض مقراً لها، تصدر يومياً في ثلاث نُسخ تضيء على مسائل وقضايا تُعنى بالشؤون المحلية، ولم توضح "دار الحياة" بعد إن كانت ستستمرّ بالصدور ورقياً أم لا.
أزمة مكتب بيروت لم تحل
وكانت صحيفة الحياة قررت نهائياً مطلع ???? إقفال مكتبها في بيروت في الثلاثين من حزيران الجاري، وكان مكتب بيروت يتألف من صحيفة «الحياة» ومجلة «لها».
وبدأ الموظفون الذين يبلغ عددهم حوالي المئة والذين سيصرفون من عملهم إلى بحث خيارات قانونية مع محاميهم أكرم عازوري، ورَفضت خلالها إدارةُ الحياة تزويدَ الموظفين بنُسخة عن الميزانيات لإثبات عجزها، وشملت ردود محامي الصحيفة تهديدات للموظفين المعترضين على غياب الشفافية.
الصحافة المطبوعة تتراجع بسرعة
وتواجه الصحافة المطبوعة حالياً العديد من الأزمات المهنية والمالية. هناك أولاً مشكلة السرعة، فالصحفيون لم يعودوا مصدر الأخبار الوحيد، فهناك الشبكات الاجتماعية والناشطون والبث المباشر للمتطوعين وغيرها، ما جعل التنافس في السرعة أو السبق الصحفي يزداد صعوبة.
وهناك أشياء مهنية تتطلب بعض الوقت لإنجازها. وقد صارت الصحف تجد صعوبة في هذه المنافسة على السرعة في تقديم الخبر، والمقصود هنا أخذ بعض الوقت للحديث إلى مصادر متعددة؛ لتأكيد المعلومات وتوثيقها قبل نشرها أو بثها، وتناول الموضوعات بصورة أوسع وأكثر شمولاً، وتقصّي الحقائق، والحصول على تعليقات واقتباسات مناسبة.. هذه المهام المهنية لم تعد مطروحة كثيراً في الأخبار التي تتدفق بسرعة كبيرة على الإنترنت، ما يجعل الصحف خارج سباقات السرعة الإخبارية.
القراء لن يتوقفوا عن قراءة الأخبار ولكن سيتوقفون عن دفع ثمنها
"ومن المحزن أن انخفاض حظوظ صناعة الأخبار لدى الصحف الورقية والآليات التي تحكم التوزيع الإخباري عبر الإنترنت- يشير إلى أنه من غير المرجح أن تتحسن الأمور في أي وقت قريب"، كما يقول روب أورشارد المؤسس المشارك ومدير التحرير لشركة "الصحافة البطيئة".
ويضيف: "بالطبع، لم يتوقف الناس عن قراءة الأخبار، لكنهم توقفوا عن دفع ثمنها. فالخدمات الإخبارية المجانية على الإنترنت تحظى بشعبية كبيرة، وأصبح الناشرون يركزون أكثر على المواد الإلكترونية".
وصحيح أن هذا يحقق عائداً للمواقع عبر الإعلانات التي يتم بثها على المواقع التي يقبل الناس عليها، لكن الناس يستخدمون موقع جوجل للبحث عن المصادر، وينقرون غالباً على واحدة من أول 3 نتائج فقط. وبالطبع، جوجل لا تهتم بما أنفقته الصحف من وقت ومال وجهد في البحث عن القصة الصحفية وتقصِّي حقائقها وأبعادها، فهو مجرد محرك بحث، وهذا الوضع انعكس بشدة على ميزانية الصحافة.
فعلى سبيل المثال، انخفض عدد الصحفيين في غرف الأخبار الأميركية، بنسبة 31? خلال 10 سنوات بين عامي 2002 و2012؛ لأن الصحف تفتقد المال وتضطر أمام تراجع التوزيع إلى تقليص الميزانيات، وفي بريطانيا، مثلاً، فقدت صحيفة "الغارديان" 30.9 مليون جنيه إسترليني في عام 2013، بمتوسط 122.134 جنيه لكل يوم عمل واحد، كما يقول أورشارد.
المصدر: عربي بوست