تمكنت حركة النهضة ( إسلامية ديمقراطية /68 نائبا) إثر استحقاق البلديات أمس الأحد من العودة إلى صدارة المشهد السياسي التونسي بعد أن أزاحها "نداء تونس" من موقع القوة السياسية الأولى إثر الانتخابات التشريعية التي جرت خلال أكتوبر 2014 .
في الوقت نفسه، واصل الشباب " غيابه" عن الاستحقاقات الانتخابية في تعبير واضح عن "خيبة أمل " تجاه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي لم تتغير منذ ثورة يناير 2011 .
وتصدّر حزب حركة "النهضة" نتائج الانتخابات البلدية في تونس، التي جرت اليوم الأحد، بنسبة 27.5%، وفق استطلاع خروج.
وبسب نتائج الاستطلاع، التي بثها التلفزيون الرسمي، فقد حلّ حزب حركة "نداء تونس "في المرتبة الثانية بنسبة 22.5% من الأصوات.
وفي بلدية العاصمة فازت قائمة حركة النهضة برئاسة سعاد عبد الرحيم بنتائج الانتخابات البلدية بـ 33.8 بالمائة، لتصبح بذلك أول تونسية تراس بلدية العاصمة.
وقالت البيانات المنشورة أن حركة ند تونس ( 55 نائبا) جاءت في المرتبة الثانية بـ 25.8 بالمائة ثم التيار الديمقراطي ( 3 نواب) بـ 10.7 بالمائة والتحالف المدني ( ائتلاف 11حزبا من الليبيراليين واليسار المعتدل) بـ 9.7 والجبهة الشعبية ( ائتلاف 11 حزبا يساريا وقوميا 15 نائبا ) بـ 6.8 بالمائة من الأصوات
وتبرز ثلاثة عوامل رئيسية وراء فوز حركة النهضة وهي القوة التنظيمية للحركة و تشتت ماكينة المنافس الرئيسي الانتخابية وعزوف نسبة هامة من الناخبين المفترضين عن التصويت.
الحزب الأكثر فعالية خلال الحملة الانتخابية
برزت حركة النهضة خلال الحملة الانتخابية كقوة سياسية رئيسية منظمة ومهيكلة من خلال قدرتها على تأمين ترشحها في كافة الدوائر الانتخابية الـ 350 رغم تجنبها الحملات الاستعراضية .
وأسقطت الهيئة العليا المستقلة للانتخابت ( هيئة دستورية) 5 دوائر للحزب المنافس لها، حركة نداء تونس ليشارك بـ 345 دائرة بلدية، فيما حزب التيار الديمقراطي ( وسط يسار/ 3نواب) ب 69 دائرة.
وشارك حزب مشروع تونس ( ليبيرالي) بقيادة محسن مرزوق المنشق عن حركة نداء تونس ( 21 نائبا) بـ 69 دائرة وحزب حراك تونس الإرادة ( 4 نواب أسسه الرئيس السابق المنصف المرزوقي) بـ 46 دائرة وحزب أفاق تونس ( ليبيرالي / 6 نواب) بـ 43 بالاضافة الى المستقلين وقائمات ائتلافية أخرى.
وقال مسؤول حزبي معارض رفض الكشف عن اسمه في تصريح خاص للأناضول " النهضة ظهرت بمثابة الحزب المنظم الوحيد خلال الحملة الانتخابية"، وكان أنصاره الأكثر مشاركة أو الأقل عزوفا.
وبرز من خلال الاستحقاقات الانتخابية التي مرت بها تونس منذ ثورة يناير 2011 أن حركة النهضة تمتلك قاعدة انتخابية وفية في كل الأحوال رغم ما يتردد عن خلافات داخلية على مستوى القيادة.
وشوهدت قيادات تُحسب على الغاضبين داخل النهضة في حملات دعائية لفائدة قائمات الحركة حتى في أقاصي البلاد ومناطقها الداخلية.
تشتت ماكنية " الخصم"
مرّت حركة نداء تونس، القوة السياسية التي تقدمت على حركة النهضة خلال الانتخابات التشريعية الماضية ( أكتوبر 2014) متحصلة على 85 مقعدا في مجلس نواب الشعب من أصل 217 مقابل 69 نائبا للنهضة بأزمات سياسية أدت منذ 2015 إلى خروج قيادات مؤسسة للحزب من النداء وتاسيسها مشاريع سياسية جديدة.
وأسس للأمين العام السابق لنداء تونس محسن مرزوق إلى حدود ديسمبر – كانون الأول 2015 حركة مشروع تونس ( 21 نائبا) وتم تأسيس حزب "تونس أولا"من قبل رضا بلحاج مدير الديوان الرئاسي السابق وحزب المستقبل للطاهر بن حسين وحزب بني وطني لوزير الصحة السابق سعيد العايدي فيما استقال آخرون دون تأسيس أحزاب على غرار النائب مصطفى بن أحمد.
وهذه الأحزاب كلها نافست قائمات نداء تونس على نفس القاعدة الانتخابية.
العزوف رسالة الشباب "اليائس من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية خلال المؤتمر الصحفي الأول بعد بروز مؤشرات على فوز النهضة بالانتخابات البلدية قال عماد الخميري الناطق باسم حركة النهضة في خصوص تدني نسبب المشاركة "في ديمقراطية ناشئة مثل تونس هذا يدعونا الى دراسة سبب عزوف الشباب".
وبلغت نسبة التصويت في الانتخابات البلدية تونس، التي جرت الأحد، 33.7%، بحسب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وقالت الهيئة، في بيان مساء أمس الأحد تلقت الأناضول نسخة، أن مليونا و796 ألفا و154 أدلوا بأصواتهم، من أصل 5 ملايين و369 ألفا مسجلين في قوائم الناخبين.
وفي مقابلة خاصة مع الأناضول نشرت الأسبوع الماضي قال كمال ايدير مرشح حركة نداء تونس للتنافس على بلدية العاصمة إن "الأجواء السياسية مشحونة في تونس، ولا يوجد إعداد نفسي للمواطن قبل خوض غمار العملية الانتخابية، خصوصا في ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الأخير"، ما قد يؤثر على نسبة المشاركة."
وذهب محللون كثيرون على برامج القنوات التونسية مساء أمس الأحد إثر خروج مؤشرات النتائج إلى أن الشباب واصل مقاطعته الحياة السياسية وأرجعوا ذلك إلى عدة أسباب منها عدم تقديم الحكومات المتتالية منذ الثورة إجابات واضحة عن رغبات الشباب في العمل .
فيما قال محللون أخرون إن الانتخابات المحلية في كل العالم تشهد نسبا أقل من تلك المسجلة في الانتخابات العامة .
يذكر أن آخر اقتراع ذهب إليه التونسيون بمناسبة الدور الثاني للانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس الباحي قايد السبسي ( ديسمبر -كانون الأول 2014) سجل مشاركة 3 ملايين و896 ألفا و672 ناخبا من بين 5.3 ملايين مسجل بما نسبته 6.11 بالمائة.
واعتبر المحلل السياسي نصر الدين بن حديد في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك أن "ما يهمّ المراقبين الدوليين من الانتخابات البلدية هو أن ثلثي المصوتين قاطعوا الانتخابات مما يطرح تساؤلات حارقة عن مستقبل الاستقرار الاجتماعي في تونس وكذلك العدد الجملي من الاصوات لكل حزب، من باب قراءة المشهد استعدادا للمحطات الانتخابية القادمة".