قال مفكران مصريان بارزان، طارق البشري وفهمي هويدي، إن ما يحدث في مشهد رئاسيات بلادهما، المقررة في مارس/آذار المقبل، "ليس انتخابات".
وبعد تراجع عدد من الشخصيات عن اعتزامهم الترشح ورفض الجيش ترشح خامس، استقر المطاف على حسم مقعد "منافس" رئيس البلاد، عبد الفتاح السيسي، في الانتخابات، بعد أن قدم رئيس حزب "الغد" (ليبرالي)، موسى مصطفى موسى، أوراق ترشحه، أمس، آخر أيام لقي طلبات الترشح.
ولمدة ست سنوات، تنازع موسى رئاسة حزب "الغد"، الذي أسسه السياسي المعارض أيمن نور في 2004، قبل أن تصدر لجنة شؤون الأحزاب (معنية بالفصل في المنازعات الحزبية)، في 2011، قرار بتسمية موسى رئيسا للحزب.
وفي حديثين منفصلين مع الأناضول، دعا البشري الجماهير إلى فرض إرادتها، فيما رأى هويدي أن أجواء المقاطعة مبررة، وستحدث من غير دعوات، وستقل المشاركة في المدن بصورة كبيرة.
** إرادة الشعب
معلقا على تطورات المشهد الانتخابي، قال طارق البشري: "ليست انتخابات وليست استفتاء، ولكنها استمرار لأسلوب الحكم القائم في البلاد، والتجاوز في الفكرة الدستورية المتعلقة بانتخابات حرة نزيهة تقام كل أربع سنوات".
وبشأن رؤيته للحلّ، أضاف البشري: "ما يعول عليه هي التجمعات الجماهيرية القوية لا لتواجه الدولة، ولكن لتقف بإزائها، وتستطيع بتجمعها وتنسقها وتنظمها أن تفرض إرادتها".
وحول رأيه في المشاركة من عدمها في الرئاسيات، تابع البشري: "الحل الوحيد لا يكمن في الموقف من هذه الانتخابات بالمشاركة أو عدم المشاركة وإنما أكرر أن الحل هو أن يصبح الشعب قادرا على فرض إرادته"، متحفظا عن ذكر مزيد من التفاصيل بشأن رؤيته.
وكان البشري رئيس لجنة تعديل الدستور في مصر، عام 2011، بقرار من المجلس العسكري، الذي تولى مؤقتا إدارة شؤون البلاد آنذاك، بعد أن أطاحت ثورة شعبية بالرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك (1981-2011).
** عملية ترقيع
فيما قال المفكر المصري البارز، فهمي هويدي، في حديث للأناضول، إن "البحث عن مرشح أيا كان لينافس أفقد الانتخابات مضمونها الحقيقي".
وشدد على أن ما يحدث هو "عملية ترقيع تلجأ إليها أجهزة من أجل دفع مرشحين إلى سد الخانة، وهو ما أفقد الثقة في الانتخابات".
وأضاف: "بغير الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات، فالناس فقدت الحماسة وباتت أجواء المقاطعة مبررة، وأتوقع تراجع المشاركة في المدن".
وتابع هويدي أن "هناك إحساس بأن صوت الناخب لا قيمة له في ظل ما يحدث، والنظرة إلى الانتخابات تراجعت".
ودعا معارضون بارزون في مصر، أول أمس الأحد، إلى مقاطعة الانتخابات، وتشكيل جبهة للمعارضة.
وجاءت هذه الدعوة في بيان وقعه عبد المنعم أبو الفتوح، مرشح سابق في انتخابات 2012، ومحمد أنور عصمت السادات، الذي تراجع عن الترشح للانتخابات المقبلة، إضافة إلى رئيس مبادرة "الفريق الرئاسي"، عصام حجي، وهشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات (أعلى جهاز رقابي بمصر)، والأكاديمي حازم حسني.
والأخيران كانا مرشحين محتملين لمنصب نائب رئيس الجمهورية في حملة رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، الفريق سامي عنان.
** تراجع مرشحين
يقول منتقدون إن المناخ العام في مصر لا يسمح بإجراء انتخابات رئاسية نزيهة، في ظل الحشد الإعلامي والحكومي لصالح السيسي والتخوين لكل من يعارضه، فضلا عن تراجع الحريات، بينما تقول السلطات إنها ملتزمة بتكافؤ الفرص وضمان الحريات.
ولأسباب تتعلق بـ"المناخ العام"، تراجع عن الترشح كل من: الفريق عسكري متقاعد، أحمد شفيق، والسياسي محمد أنور عصمت السادات، والمحامي خالد علي، بينما أعلن رئيس نادي الزمالك، مرتضي منصور، تراجعه عن الترشح دون ذكر أسباب.
بينما استبعدت الهيئة الوطنية للانتخابات الفريق عنان من كشوف الناخبين، كونه لا يزال عسكريا، ما يفقده حق الترشح والانتخاب، وقد استدعاه المدعي العام العسكري للتحقيق معه، لإعلانه اعتزامه الترشح دون الرجوع إلى المؤسسة العسكرية.
فيما تراجع قياديان حزبيان كانا قد أعلنا اعتزامها خوض الرئاسيات في اللحظات الأخيرة، لعدم موافقة حزبهما، وهما: السيد البدوي رئيس حزب الوفد (ليبرالي)، وأحمد الفضالي، رئيس حزب السلام الديمقراطي (ليبرالي).
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية من 26 إلى 28 مارس/آذار المقبل، على أن تجرى جولة الإعادة بين 24 و26 أبريل/نيسان المقبل، حال عدم حصول مرشح على أكثر من 50% من الأصوات في الجولة الأولى.
لكن نتيجة الانتخابات شبه محسومة لصالح السيسي، الذي يسعى إلى فترة رئاسية ثانية من أربع سنوات.
وتولى السيسي الرئاسة، في 8 يونيو/ حزيران 2014، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية، عقب الإطاحة، في 3 يوليو/ تموز 2013، بمحمد مرسي، اول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، وذلك حين كان السيسي وزيرا للدفاع.
ويعتبر قطاع من المصريين الإطاحة بمرسي، بعد عام واحد من فترته الرئاسية، "انقلابا"، فيما يراها قطاع آخر "ثورة إنحاز إليها الجيش"، وهو ما أوجد حالة من الانقسام في المجتمع المصري.