لم تكد تمضي أيام قلائل على تراجع الرجل العسكري، رئيس وزراء مصر الأسبق الفريق أحمد شفيق عن الترشح لرئاسيات مصر 2018، حتى تقدم نظيره البارز الفريق سامي عنان بشكل مفاجئ خطوات للأمام على رقعة شطرنج الانتخابات الرئاسية، التي لم يعلن فيها الرئيس المصري الحالي، وزير الدفاع السابق، المشير عبد الفتاح السيسي حتى الآن عما في جعبته.
إعلان الفريق سامي عنان (70 عاما) رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، مساء الخميس (11 يناير / كانون الثاني الجاري)، خوضه انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في مارس / آذار المقبل، جاء على لسان مسؤول في حزب يتزعمه عنان.
وجاء القرار المفاجئ وفق سامي بلح، الأمين العام لحزب مصر العروبة الديمقراطي (أسسه عنان)، في اتصال هاتفي مع الأناضول، بعد اجتماع للهيئة العليا للحزب لم يعلن عنه في وسائل الإعلام.
وتضمن القرار تزكية الحزب ترشح عنان وبدء حملة انتخابية اليوم السبت.
وفي حال أكد عنان ترشحه بنفسه، فإنه سيكون ثاني رجل عسكري يعلن نيته خوض انتخابات الرئاسة المرتقبة بعد شفيق "المتراجع".
** عسكري مخضرم
وسامي عنان الذي ولد في فبراير / شباط 1948، بمركز المنصورة التابع لمحافظة الدقهلية (دلتا النيل / شمال)، شغل عدة مناصب قيادية بارزة في القوات المسلحة، منذ تخرجه في كلية الدفاع الجوي عام 1967.
في ديسمبر / كانون الأول 1967، التحق عنان بالخدمة العسكرية، وشارك في حربي الاستنزاف (1967 ـ 1970)، وأكتوبر / تشرين الأول (1973) (بين مصر وإسرائيل).
وفي عام 1990، عين عنان ملحقا للدفاع في دولة المغرب، وهو منصب استخباراتي، وفقا لأعراف القوات المسلحة.
وتدرج عنان في المناصب العسكرية، وكان أول منصب قيادي له في القوات المسلحة في أغسطس / آب 1992، قائد لواء في قوات الدفاع الجوي.
وعام 1996 تولى عنان قيادة الفرقة الخامسة عشرة دفاع جوي، ورأس فرع العمليات عام 1998، ثم تولى رئاسة أركان قوات الدفاع الجوي عام 2000، ثم قائدا لقوات الدفاع الجوي عام 2001.
ووصل عنان لقمته العسكرية حين عين رئيسا لأركان الجيش عام 2005، مستمرا لسبع سنوات.
** الثورة.. والرجل الثاني
لم يكن عنان اسما بارزا كباقي القادة العسكريين قبل ثورة 25 يناير / كانون الثاني 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك (1981 ـ 2011).
إلا أنه بات واحدا من أهم محركي الأحداث التي تلت الثورة، خاصة في ظل تولي المجلس العسكري (قادة الجيش) إدارة البلاد، خلال الفترة من 11 فبراير / شباط 2011 إلى يونيو / حزيران 2012، وكان بمثابة الرجل الثاني في المجلس، حيث كان نائبا للمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع وقتها، وأصبح الرجلان وجهين مألوفين للمصريين.
** الخروج الآمن
وفي أغسطس / آب 2012 أعفي عنان وطنطاوي من منصبيهما العسكري بقرار من محمد مرسي (أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا بالبلاد)، إثر حادث إرهابي كبير تعرض له جنود مصريون في سيناء (شمال شرق).
ومن بعيد، ظل عنان مراقبا للأحداث التي شهدتها مصر مع تولي مرسي السلطة (2012 ـ 2013) حتى قبيل الإطاحة بالأخير من الرئاسة.
وفي مطلع يوليو / تموز 2013، استقال عنان من منصب مستشار رئيس الجمهورية (مرسي)، بالتزامن مع خروج تظاهرات مهدت للإطاحة بمرسي، حين كان الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع، في 3 يوليو / تموز 2013.
** البديل المتراجع
ويعد عنان أبرز القادة العسكريين الطامحين في مقعد الرئاسة، رغم ندرة ظهوره للتعليق على وقائع تشغل الرأي العام المصري.
وخلال الفترة من يوليو / تموز حتى سبتمبر / أيلول 2013، والتي شهدت أحداثا عديدة وتغيرات بارزة في المشهد، وعلى رأسها فض اعتصامي أنصار مرسي في ميداني رابعة والنهضة بالقاهرة الكبرى، لم يظهر اسم الرجل في الإعلام إلا عبر بيانات معدودة.
وظهر اسم عنان ضمن تقارير محلية أنه بصدد نشر مذكرات عن أحداث الثورة، سريعا ما نفاها الجيش في بيان.
وقبيل رئاسيات 2014 أعلن عنان اعتزامه الترشح، قبل أن يتراجع في مؤتمر صحفي عن ذلك القرار "ترفعا منه أن يزج به في صراعات ومخططات تستهدف مصر والقوات المسلحة".
وفي يوليو / تموز 2017، بث أحمد موسى، الإعلامي المقرب من النظام الحالي، تسريبات لـ 13 مكالمة شخصية نسبها إلى محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق عدلي منصور، حول علاقاته ودوره في مصر عقب ثورة يناير / كانون الثاني 2011، كان من بينها مكالمة بينه وبين سامي عنان.
وفي تلك التسريبات، التي لم يتسن التأكد من صحتها ولم يعلق عليها عنان، دعا الأخير البرادعي إلى أهمية مخاطبة شباب الثورة بمنح البلاد فرصة للاستقرار.
وتنتهي ولاية السيسي في يونيو / حزيران 2018، ولم يحدد بعد موقفه من الترشح لولاية ثانية، راهنا ذلك بما سماه "إرادة المصريين"، لكن مراقبين يجزمون بترشحه.
وبجانب السيسي وعنان، أعلن المرشح اليساري خالد علي، ومحمد أنور السادات، نجل شقيق الرئيس الأسبق أنور السادات (1970 ـ 1981) نيتهما خوض الانتخابات.
وحتى الأربعاء الماضي، وصل عدد أعضاء البرلمان الذين وقعوا استمارة تزكية لترشح السيسي لانتخابات الرئاسة 510 نواب، من بين عدد أعضاء المجلس المقدر حاليا بـ 593 نائبا (عدد المقاعد المفترض 596، لكن هناك 3 شاغرة لوفاة نائب وإسقاط عضوية نائبين آخرين). ولا يحق للنائب تزكية أكثر من مرشح لانتخابات الرئاسة.
ووفق القانون، يجب على من يرغب في الترشح الحصول على تزكية 20 برلمانيا على الأقل، أو جمع توكيلات بتأييد ترشحه من 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل.
وحددت "الهيئة الوطنية للانتخابات" (مستقلة معنية بتسيير العمليات الانتخابية) تلقي طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية خلال الفترة من 20 يناير / كانون الثاني الجاري وحتى الـ 29 من الشهر ذاته.