أصبحت الآمال بالعثور على ناجين في مكسيكو شبه معدومة الأحد، بعد خمسة أيام من زلزال عنيف بقوة 7,1 درجات ضرب العاصمة المكسيكية وتسبب بمقتل أكثر من 300 شخص وانهيار مبان.
ولا تزال السلطات تواصل البحث استجابة لنداءات ذوي المفقودين الذين يصرون على متابعة عمليات البحث والإنقاذ في عدد من المواقع.
وتحاول فرق إنقاذ أجنبية من اليابان والولايات المتحدة ودول أخرى بمساعدة كلاب مدربة ومعدات متطورة رصد مؤشرات لوجود ناجين تحت الركام.
وتم انتشال 69 ناجيا من تحت الأنقاض في الأيام الثلاثة الأولى التي أعقبت الزلزال. ولكن العمليات لم تفلح منذ يوم الجمعة سوى في انتشال جثث.
ورصدت سلسلة من الهزات الارتدادية في جنوب مكسيكو السبت، بينها هزة بقوة 6,1 درجات أطلقت إنذارا بحصول زلزال جديد في العاصمة المكسيكية، وتسببت بحالات ذعر بين السكان الذين لا يزالون تحت هول الكارثة التي حلت بمدينتهم الثلاثاء.
وأعلنت السلطات مقتل شخصين في ولاية واخاكا الجنوبية حيث يتركز النشاط التكتوني. وأدت الهزة العنيفة إلى التواء جسر وانهياره كما وانهيار عدد من هياكل الأبنية التي كانت تضررت جراء الزلزال.
وفي مكسيكو توفيت امرأة في الثمانينيات من العمر وأخرى عمرها 52 عاما جراء نوبة قلبية لدى محاولتهما إخلاء منزليهما.
ولم يكن باستطاعة العديدين سوى الصلاة حتى لا تحدث كارثة أخرى.
وهتفت تيريزا مارتينيز (74 عاما) لدى وقوفها في الشارع مع سيدات اخريات باكيات "ارحمنا يا الله".
فريسة للزلازل
وأجبرت الهزات التي قد تكون ارتدادية للزلزال الذي ضرب جنوب المكسيك قبل أسبوعين وبلغت قوته 8,2 درجات، عمال الاغاثة على تعليق عملياتهم في العاصمة المكسيكية لحوالي ساعتين.
والمكسيك معرضة تاريخيا للزلازل وهي تقع عند نقطة التقاء خمس صفائح تكتونية.
ولا تزال ذكريات مآسي الزلزال المدمر الذي ضرب مكسيكو في 1985 وأوقع 10 آلاف قتيل راسخة في الأذهان.
وتتمسك بعض العائلات بأمل رؤية احبائها مجددا متشبثة بـذكرى "معجزات" انتشال ناجين بعد اسبوع من زلزال 1985.
ويؤكد الخبراء أن الآمال بالعثور على ناجين تحت الأنقاض ضئيلة، بل ربما معدومة، بعد انقضاء ثلاثة ايام.
وصرح رئيس بلدية مكسيكو ميغيل انخل مانسيرنا لقناة "تيليفيزا" التلفزيونية "لا يزال من الممكن العثور على 30 شخصا (أحياء) في عملية البحث والإنقاذ هذه".
وقال باولو سولوريو (35 عاما) الذي له أقرباء لا يزالون تحت أنقاض مبنى انهار جراء الزلزال "قيل لنا انه تم رصد مواقع فيها مؤشرات حياة. لقد ادخلوا إليها كلابا اشارت إلى وجود مؤشرات حياة".
إلا أن روائح تحلل الجثث المتصاعدة من تحت ركام الأبنية المنهارة تنذر عائلات المفقودين بالحداد.
ويضع عمال الإنقاذ الكمامات على وجوههم لحماية أنفسهم من الروائح.
موجودون لإنقاذ الأرواح
وعلى الرغم من هذه الصورة السوداوية يرفض عدد من فرق الإنقاذ الأجنبية وقف عمليات البحث.
وتقول عاملة الإغاثة في فريق الإنقاذ الإسرائيلي كارن كفيتكا (29 عاما) "نحن هنا لإنقاذ الأرواح. عليك أن تتحلى بالإيمان وان تؤمن (بان العالقين) هم في مكان يصل إليه الهواء وأنهم تمكنوا من البقاء أحياء".
ولم يعثر الخبراء الأجانب حتى الآن الا على جثث. وشوهد عمال الانقاذ اليابانيون يرفعون خوذهم ويحنون رؤوسهم لدى انتشال جثة.
وتشير آخر حصيلة للضحايا الى 307 قتلى اكثر من نصفهم (169 قتيلا) في العاصمة مكسيكو.
وكان المشهد مؤثرا في موقع انهيار احدى المدارس في جنوب العاصمة حيث وضعت اكاليل من الزهور البيضاء فوق الركام الذي قتل تحته 19 تلميذا وستة بالغين. ووضع طفل عمره ثماني سنوات انتشل حيا من تحت الانقاض في غيبوبة اصطناعية في احدى المستشفيات.
وقتل الضحايا الآخرون في ولايات موريلوس، وبويبلا، ومكسيكو، وغيريرو، وواخاكا.
وبدأت بعض العائلات باقامة الجنازات ومن أوائلها جنازة غابريال موراليس واغويدا ميندوسا اللذين تم العثور على جثتيهما متعانقتين تحت الركام مع كلبهما "كينو".