لا يبدي محللون فلسطينيون تفاؤلا كبيرا إزاء تداعيات قرار حركة حماس، اليوم الأحد، بحل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، وموافقتها على إجراء الانتخابات العامة.
ورأى هؤلاء المحللون، خلال أحاديث منفصلة مع وكالة "الأناضول"، أن حركة حماس تريد من وراء هذا القرار، كسب ود الموقف المصري لصالحها، ورمي الكرة في ملعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأعلنت حركة حماس، فجر اليوم عن حلّ اللجنة الإدارية في قطاع غزة، والموافقة على إجراء الانتخابات، "استجابة للجهود المصرية بقيادة جهاز المخابرات العامة".
ودعت الحركة في بيان لها أصدرته، اليوم، ووصل وكالة الأناضول نسخة منه، "حكومة الوفاق للقدوم إلى قطاع غزة، وممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورا".
وساطات إقليمية ودولية في إنهاء هذا الانقسام.
وفي مارس/آذار الماضي، شكّلت "حماس" لجنة إدارية، لإدارة الشؤون الحكومية في قطاع غزة، وهو ما قوبل باستنكار الحكومة الفلسطينية، وبررت الحركة خطوتها بـ"تخلي الحكومة عن القيام بمسؤولياتها في القطاع.
واتخذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إجراءات بحق قطاع غزة، قال إنها ردا على تشكيل حماس هذه اللجنة، ومنها تخفيض رواتب الموظفين وإحالة بعضهم للتقاعد المبكر، وتخفيض إمدادات الكهرباء للقطاع.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي، عدنان أبو عامر، إن "استجابة حماس للوساطة المصرية بحل اللجنة الإدارية خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن التحديات مازالت ماثلة أمام ملف المصالحة".
وتابع يقول لوكالة "الأناضول":" صدور قرار حماس بحل اللجنة من مصر، يدلل على رغبتها الحثيثة بتوثيق علاقتها مع القاهرة، و(عربون) محبة للمصريين".
ويرى أبو عامر أن حلّ اللجنة "خطوة تنزع ذرائع الرئيس عباس".
لكنه أضاف مستدركا:" لا تعني أننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من مصالحة فلسطينية جادة".
من جانبه قال الكاتب السياسي، في صحيفة "الأيام" المحلية، الصادرة من الضفة الغربية، طلال عوكل، إن قرار حماس، بحل اللجنة، ودعوة حكومة الوفاق إلى القدوم للقطاع، "ينطوي على محاولة لتسهيل الوصول للمصالحة الفلسطينية".
وأضاف لوكالة الأناضول، خلال حديث هاتفي:" حماس تريد أن تقول إن كانت اللجنة الإدارية هي المعيق في طريق المصالحة، فها نحن قد حللناها، ولكن أعتقد أنها ليست المشكلة".
وتابع:" لست متفائلا، لأنه في كل مرة يبدو فيها أن العقبات المعلنة قد أزيلت بين حماس وفتح، تطفو عقبات جديدة إلى السطح".
وتوصلت حركتا حماس وفتح، لاتفاقيات عديدة، خلال السنوات الماضية، إلا أنها لم تجد طريقها نحو التنفيذ.
ويشكك عوكل في أن تكون لقاءات ومباحثات القاهرة، وحل اللجنة، "قادرة على النجاح في هدم الهوة بين الطرفين".
وتابع:" المؤشر لما يحدث في العاصمة المصرية سلبي، فعدم لقاء الحركتين وجهًا لوجه، والاعتماد على وسيط لنقل وجهات النظر، ليس بالأمر المبشر".
وفي 9 سبتمبر/ أيلول الجاري، وصل في زيارة رسمية إلى مصر، وفد من حركة "حماس"، برئاسة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، إلى جانب يحيى السنوار، رئيس الحركة بغزة.
والجمعة الماضية، وصل وفد من حركة "فتح" الفلسطينية برئاسة عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية للحركة ورئيس كتلتها البرلمانية، بالتزامن مع وجود وفد "حماس" هناك.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأربعاء الماضي، إن وفده سيناقش في القاهرة، أفكارا طرحها مسؤولون مصريون، على حركة "حماس"، لإنهاء الانقسام.
وأضاف عباس، خلال كلمة له في مستهل اجتماع اللجنة التنفيذية لحركة التحرير الوطني الفلسطينية (فتح)، برام الله: " الأفكار المطروحة هي إلغاء اللجنة الإدارية التابعة لها (مسؤولة عن إدارة المؤسسات الحكومية في غزة)، وفتح الطريق أمام حكومة الوفاق الفلسطينية للعمل في القطاع، والاتفاق على إجراء الانتخابات".
ومؤخرا، تحدّثت وسائل إعلام عربية عن وجود جهود مصرية لعقد اجتماعات بين قادة الحركتين في القاهرة.
من جانبه، يعتقد الدكتور حسام الدجني، المحلل السياسي الفلسطيني، أن حماس تريد أن "تمنح مصر دورًا ومكانة في القضية الفلسطينية، وتطور العلاقات معها".
وقال متحدثًا لوكالة الأناضول:" حماس لعبت سياسيًا بشكل صحيح، أرادت كسب الموقف المصري لجانبها".
وتابع:" حماس رمت الآن الكرة في ملعب الرئيس الفلسطيني، وحل اللجنة يأتي لاستيضاح موقفه من عقوباته الأخيرة ضد غزة".
ويرى الدجني أن استجابة حماس للجهود المصرية، بحل اللجنة " تعتبر قفزة جيدة للحركة".
ويتوقع الدجني بأن يعلن الرئيس الفلسطيني عن "مرسوم للتراجع عن إجراءاته ضد غزة".
وتابع:" على صعيد التجربة في ملف المصالحة، نتخوف من أن تنشب قضايا خلاف جديدة بين الطرفين، تعيد القضية للمربع الأول".
ورحّب عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عزام الأحمد، بإعلان حركة حماس عن حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، ودعوة الحكومة لممارسة عملها في القطاع، والموافقة على إجراء الانتخابات.
وأشار الأحمد في تصريح لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، اليوم الأحد، إلى أن اجتماعات مطوّلة عقدت بين وفد حركة فتح المتواجد (برئاسته) في القاهرة، مع رئيس جهاز المخابرات المصرية الوزير خالد فوزي.
وقال إن "اجتماعا ثنائيا سيعقد بين حركتي فتح وحماس، يعقبه اجتماع لكافة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق المصالحة الذي تم بتاريخ الخامس من أيار/ مايو عام 2011، للبدء في الخطوات العملية لتنفيذه بكافة بنوده".
ويسود الانقسام السياسي أراضي السلطة الفلسطينية، منذ منتصف يونيو/حزيران 2007، إثر سيطرة "حماس" على قطاع غزة، بينما بقيت حركة (فتح)، تدير الضفة الغربية، ولم تفلح وساطات إقليمية ودولية في إنهاء هذا الانقسام.