لقي 28 شخصا مصرعهم وأصيب 24 آخرون في هجوم مسلح على ثلاث مركبات تقل أقباطا في محافظة المنيا بصعيد مصر صباح يوم الجمعة، ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى عقد اجتماع أمني مصغر لبحث تداعيات الهجوم الذي أثار موجة إدانات في الداخل والخارج.
وقالت وزارة الداخلية في بيان في صفحتها على فيسبوك إن الهجوم نفذه مسلحون مجهولون يستقلون ثلاث سيارات دفع رباعي.
وقالت وزارة الصحة إن عدد القتلى 28 والجرحى 24.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الآن عن الهجوم الدامي، لكن تنظيم الدولة الإسلامية أعلن مسؤوليته عن هجمات استهدفت كنائس في مصر منذ أواخر العام الماضي وأسفرت عن مقتل أكثر من 70 شخصا وإصابة عشرات آخرين.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط نقلا عن المكتب الإعلامي للرئيس أن السيسي "يتابع عن كثب الموقف الأمني بالبلاد كما وجه باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لرعاية المصابين".
وأدان رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل الهجوم ووصفه بأنه "حادث إرهابي غادر". وقال في بيان "لن ينجحوا في شق النسيج الوطني".
وقالت مصادر في مجلس الوزراء إن إسماعيل اتصل بالبابا تواضروس الثاني بابا الأقباط الأرثوذكس للتأكيد على العمل سريعا لكشف ملابسات الهجوم وملاحقة مرتكبيه.
وقالت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في بيان نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط "تلقينا بكل الألم والحزن أنباء ذلك الاعتداء الآثم الذي تعرض له مصريون أقباط في أثناء ذهابهم صباح يوم الجمعة لنوال بركة أحد الأديرة وأسفر عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى في منطقة مغاغة في صعيد مصر".
وأضافت "إذ نواسي كل هذه الأسر المجروحة ونتألم مع كل الوطن لهذا العنف والشر الذي يستهدف قلب مصر ووحدتنا الوطنية التي هي أثمن ما نملكه ونحفظه ونحميه، وإذ نقدر سرعة استجابة المسؤولين... (نقول) حفظ الله لمصر شعبها وأرضها وسلامها".
وقال شهود عيان ومصادر لرويترز إن مسلحين ملثمين أطلقوا الرصاص على الأقباط خلال توجههم للصلاة في دير (الأنبا صموئيل المعترف) بمنطقة جبل القلمون في الصحراء بغرب المنيا.
وأضافوا أن الضحايا كانوا يستقلون حافلتين وشاحنة صغيرة وأن الملثمين أوقفوهم على أول طريق غير ممهد يؤدي إلى الدير وأطلقوا عليهم النار.
وقال مصدر في النيابة العامة المصرية يشارك في التحقيق في الحادث إن المهاجمين استخدموا أسلحة آلية وطلقات خرطوش أصابت الضحايا في أنحاء متفرقة من أجسادهم.
وأدان شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي يزور ألمانيا حاليا الهجوم. وقال في تصريحات تلقتها رويترز بالبريد الإلكتروني "حادث المنيا لا يرضى عنه مسلم ولا مسيحي ويستهدف ضرب الاستقرار في مصر".
وأضاف "أطالب المصريين أن يتحدوا جميعا في مواجهة هذا الإرهاب الغاشم".
كما أدان مفتي الجمهورية شوقي علام الهجوم وقال في بيان "إن هؤلاء الخونة خالفوا كافة القيم الدينية والأعراف الإنسانية بسفكهم للدماء وإرهابهم للآمنين وخيانتهم للعهد باستهدافهم الإخوة المسيحيين الذين هم شركاء لنا في الوطن".
وأدان الهجوم القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر مشددا على أنه يدين "كافة الأعمال الإجرامية والإرهابية التي تستهدف الأبرياء وتحاول أن تهدد سلامة الوطن".
كما أدانه إبراهيم إسحق بطريرك الكنيسة القبطية الكاثوليكية.
ونددت أيضا دول عربية بالهجوم.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية نقلا عن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية أن المملكة تدين "وبأشد العبارات الهجوم المسلح في محافظة المنيا المصرية".
وقالت الوكالة إن المصدر أكد "تضامن المملكة ووقوفها إلى جانب جمهورية مصر العربية، مشددا على ضرورة تعزيز الجهود وتوثيق التعاون الدولي للقضاء على آفة الإرهاب والتطرف".
ووصفت الإمارات العربية المتحدة الهجوم بأنه "جريمة إرهابية نكراء" وأصدرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي بيانا قالت فيه "نقف مع مصر الدولة والشعب ضد التطرف والإرهاب".
وذكرت وكالة الأنباء الكويتية أن الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت أرسل برقية تعزية إلى الرئيس المصري يعبر فيها عن تعازيه ومواساته.
وقالت الوكالة إن الأمير أكد "استنكار دولة الكويت وإدانتها الشديدة لهذه الأعمال الإجرامية الشنيعة التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في البلد الشقيق ووقوف دولة الكويت إلى جانب جمهورية مصر العربية الشقيقة وتأييدها لكافة الإجراءات التي تتخذها لمواجهة هذه الأعمال الإرهابية الهادفة إلى زعزعة أمنها واستقرارها".
وأدانت البحرين الهجوم وأصدرت وزارة خارجيتها بيانا قالت فيه إنها تدين "بأشد العبارات الاعتداء الإرهابي الذي وقع اليوم بمحافظة المنيا في جمهورية مصر العربية وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات، معربة عن خالص التعازي لأهالي وذوي الضحايا وتمنياتها بالشفاء العاجل لجميع المصابين جراء هذا العمل الإجرامي الذي يستهدف ترويع الآمنين وتهديد حياتهم".
وقالت مصادر بمجلس الوزراء إن إسماعيل تلقى اتصالا من نظيره الأردني هاني الملقي الذي أكد مساندة بلاده لمصر في "مكافحة الإرهاب لاجتثاثه من جذوره وتجفيف منابع تمويله".
وأدان كذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس هجوم المنيا. ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) قوله في بيان إنه يندد "باسمه شخصيا وباسم دولة فلسطين وشعبها، بهذا الحادث الآثم، مؤكدا وقوف شعبنا إلى جانب مصر وقيادتها برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي في حربهم ضد الإرهاب وضد من يحاول خلق الفتنة والمس بالنسيج الاجتماعي".
كما ندد فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس بالواقعة ووصفها بأنها "جريمة بشعة ومدانة بشدة هدفها خلق مناخات طائفية عنصرية تستهدف وحدة شعب مصر وأمنها واستقرارها، والمستفيد الوحيد منها هم أعداء مصر وأعداء الأمة".
وكان 45 شخصا على الأقل قد لقوا حتفهم في تفجيرين انتحاريين استهدفا كنيستين للأقباط الأرثوذكس في مدينتي الإسكندرية وطنطا في أبريل نيسان.
وفي ديسمبر كانون الأول أودى تفجير انتحاري استهدف كنيسة ملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة بحياة 29 شخصا.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجمات الثلاثة وأعلن أنه يستهدف المسيحيين المصريين.
ويمثل المسيحيون ما يصل إلى عشرة بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليون نسمة وهم بذلك أكبر طائفة مسيحية تقريبا في الشرق الأوسط. ويغلب الأرثوذكس على مسيحيي مصر إذ يوجد فقط نحو 200 ألف من أتباع الكنيسة الكاثوليكية.
وقال مصدر كنسي في المنيا إن البابا تواضروس الثاني يتابع الحادث مع أربعة أساقفة في محافظتي المنيا وبني سويف التي جاء منها عدد من الضحايا لزيارة الدير.
وقال الأنبا أغاثون أسقف مطرانية مغاغة والعدوة بالمنيا للصحفيين إن إحدى الحافلتين اللتين تعرضتا للهجوم وهي حافلة صغيرة كانت تقل أطفالا في رحلة إلى الدير.
وكان مستشار لوزارة الصحة أبلغ قناة النيل للأخبار إحدى قنوات التلفزيون المصري بأن هناك عددا كبيرا من الأطفال بين الضحايا.
وقالت شاهدة عيان إن عشرات من أقارب الضحايا شاركوا في مظاهرة احتجاج على الهجوم في مدينة مغاغة في المنيا وحاولوا وقف حركة القطارات المارة بالمدينة.