بحصوله على 57% من الأصوات الصحيحة للناخبين بالاقتراع الذي جرى أمس الجمعة، أُعلن اليوم رسميا فوز حسن روحاني بالسباق، ليحافظ على منصبه كرئيس لإيران لولاية ثانية، ولمدة 4 سنوات مقبلة.
ذلك الفوز الذي حققه روحاني على منافسه إبراهيم رئيسي، المرشح المحافظ والمقرب من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي، اعتبرته صحف عالمية، "يعكس رغبة الإيرانيين في الاعتدال والانفتاح، والإصلاح".
ورغم نهج "الاعتدال والانفتاح" الذي اتبعه روحاني (69 عامًا) منذ وصوله إلى الحكم عام 2013، وساهم في صعود شعبيته في الشارع الإيراني، إلا أن ذلك الفوز يظل "مهددًا"، بسبب قصور في السياسات الداخلية لإدارة روحاني، وتجدد التوتر مع واشنطن.
ولاقى روحاني في وقت سابق انتقادات عدة طالته من تيار المحافظين، بسبب بعض سياساته، وصل بعضها إلى حد التهديد بسحب الثقة عنه كرئيس للجمهورية في مجلس صيانة الدستور، بحسب وسائل إعلام إيرانية.
واليوم السبت، رأت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، أن "الاتفاق التاريخي بشأن الملف النووي الإيراني مع الدول الكبرى (صيف 2015)"، هو الذي عزز في الأساس فرص فوز روحاني بولاية ثانية، في إشارة إلى أن السياسات الداخلية لم تكن السبب في هذا الفوز.
ويبدو أن إدارك روحاني لتلك الحقيقة، دفعه لمطالبة الإيرانيين بمنحه "فرصة" من أجل استكمال تلك الإصلاحات حتى تطال السياسة الداخلية للدولة، وسياسات الانفتاح الخارجي، بحسب تقارير إعلامية.
فبموجب الاتفاق النووي، تمكن روحاني من كسر عزلة إيران جزئيًا فيما يتعلق بعلاقتها بدول أوروبا والولايات المتحدة، التي تعتبرها طهران عدوتها الرئيسية منذ الثورة عام 1979.
ومع ذلك فإن تهديد جديد يواجه روحاني، ظهر مع تلميح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتخلي عن "الاتفاق النووي"، ما قد يضاعف الأعباء على إدارة الأول، خاصًة مع اتجاه واشنطن إلى توثيق علاقتها بالسعودية، المنافس الإقليمي لإيران في المنطقة، وانخراط طهران في عدد من الأزمات السياسية في اليمن وسوريا.
لذا رغم الفوز الحديث لروحاني الذي ترسخ بعمق في المؤسسة الأمنية الإيرانية منذ الأيام الأولى للثورة، إلا أنه لم يعد يتمتع بالقوة نفسها التي كان عليها عام 2013، لإخلافه وعوده في ملفات منها مسألة الحريات، وفق إعلام محلي.
وبخلاف أنصار التيار المحافظ، فإن الإصلاحيين أنفسهم، لديهم الكثير من العتب على روحاني، لعدم إطلاقه حرية السياسيين الإصلاحيين البارزين مهدي كروبي ومير حسين موسوي اللذين يقبعان تحت الإقامة الجبرية منذ عام 2011، إثر خلافات مع إدارة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، ودعم الربيع العربي، حسب إعلام محلي.
ورغم أن روحاني لم يكن ليوقع على الاتقاق النووي مع الدول الكبرى سوى بموافقة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، إلا أن الانتقاد مازال موجهًا ضده من أنصار التيار المحافظ ، جراء عدم تمكنه من رفع العقوبات كليًا عن البلاد، وهو ما قد يكبح من طموحاته السياسية خلال فترة ولايته الثانية.
اعتدال حذر
عندما تقدم روحاني للانتخابات الرئاسية عام 2013، كان يعلم أنه يواجه مؤسسة "تتكدس بالمتشددين"، وفق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
ورغم أن روحاني يعد جزءا من تلك "المؤسسة المتشددة" إلا أنه حاول مواجهتها برفع شعار "الاعتدال والحكمة" لجذب الإيرانيين لسياساته وبرنامجه، لاسيما وأن المواطنين كانوا يعانون من تدني في مستويات حياتهم المعيشية إبان عهد نجاد.
وخلال ولايته الأولى، كان روحاني يخطط لتحقيق نمو اقتصادي بمعدل 8%، وجذب رؤوس أموال أجنبية بقيمة 50 مليار دولار سنويًا، بهدف إنهاء الركود الاقتصادي في البلاد، إلا أنه لم ينجح في ذلك.
ووفق "بي بي سي" اعتقد الكثيرون أن روحاني لم يكن عام 2013 الاختيار الأول لخامنئي.
لكنها أشارت إلى أن دعم خامئني لروحاني كان في سبيل "إنهاء المواجهة النووية مع القوى العالمية الكبرى دون زعزعة استقرار النظام برمته".
وفي ذلك الإطار، سمح المرشد الأعلى بتفويض وزارة الخارجية لقيادة المفاوضات النووية مع الغرب، عوضًا عن المجلس الأعلى للأمن القومي.
وقبل توليه الرئاسة، شغل روحاني عدّة مناصب في إيران، منها عضو المجلس الأعلى للدفاع، ونائب في البرلمان، ونائب رئيس الأركان خلال الحرب العراقية الإيرانية، وقيادة الدفاع الجوي، وكبير المفاوضين الإيرانيين السابق في الملف النووي، وأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي.