وجهت بكين الاثنين اول تحذير واضح من تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة غداة تصريحات للرئيس المنتخب دونالد ترامب هدد فيها بتغيير مسار 40 عاما من العلاقات الصينية-الاميركية متطرقا الى احتمال استئناف علاقات رسمية مع تايوان.
واعربت الحكومة الصينية عن "قلقها البالغ" من تصريحات ترامب عن امكانية تراجع واشنطن عن دعم سياسة الصين الواحدة إذا لم تقدم بكين تنازلات حول التجارة وقضايا اخرى.
وفي مقابلة اجرتها معه قناة "فوكس" الاميركية الاحد، قال الرئيس الاميركي المنتخب ردا على سؤال عن المحادثة الهاتفية مع رئيسة تايوان تساي اينغ-وين "لا اعلم لماذا علينا ان نتقيد بسياسة الصين الواحدة الا في حال ابرمنا اتفاقا مع الصين يتعلق بقضايا اخرى، بينها التجارة".
ومنذ مطلع الشهر الحالي كثف ترامب التصريحات المحرجة لبكين التي تلقت في المقابل نبأ انتخابه في 8 تشرين الثاني/نوفمبر بارتياح. وقد ذهب النظام الصيني الى حد تجنب مهاجمة تايوان وعزا الحادث الدبلوماسي بين تايوان والولايات المتحدة الى "عدم خبرة" ترامب السياسية.
لكن بكين وجهت تحذيرا اول الاثنين باسم الدفاع "عن مبدأ الصين الواحدة" الذي هدد ترامب بعدم الاعتراف به بعد الان.
وحذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شانغ من انه في حال تراجع واشنطن عن التزامها بمبدأ الصين الواحدة، فإن "النمو الصحي والمطرد للعلاقات الصينية الاميركية بالاضافة الى التعاون الثنائي في مجالات كبرى سيصبح غير وارد".
وكان ترامب خرق في اتصال مع رئيسة تايوان قبل عشرة ايام، احد مبادئ الدبلوماسية الاميركية منذ اربعين عاما. فمنذ 1979 ولتجنب اغضاب الصين، لا يجري اي رئيس اميركي يمارس مهامه او منتخب اتصالات مباشرا برئيس تايواني بينما تدافع واشنطن عن مبدأ "الصين الواحدة".
ودافع ترامب في المقابلة الاحد عن نفسه قائلا انه كان من المهين عدم الرد على اتصال تساي التي كانت تريد تهنئته بفوزه في الانتخابات. وقال متسائلا "كان اتصالا لطيفا وقصيرا. باسم ماذا يمكن لامة اخرى ان تقول انه يجب الا ارد على الاتصال؟".
واثارت المكالمة الهاتفية غضب بكين التي تعتبر الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي اقليما مارقا على طريق التوحيد، بالقوة ان دعت الحاجة. وتفرض الصين الاعتراف بهذا المبدأ على كل دولة تقيم معها علاقات دبلوماسية.
تقنية تفاوض
ولم يسبق لاي رئيس اميركي فعلي او منتخب ان تحدث الى رئيس تايواني منذ قطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية مع الجزيرة المستقلة بحكم الامر الواقع العام 1979.
وذكر جينغ بان "مسالة تايوان تمس بسيادة ووحدة اراضي الصين. وهي مرتبطة بالمصالح الجوهرية للصين"، مؤكدا ان "احترام مبدأ الصين الوحدة هو اساس تطور العلاقات الصينية-الاميركية".
وعكست الصحف الصينية موقف الصين وحذرت ايضا من المساس بمبدأ الصين الوحدة.
وكتبت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية أن "سياسة الصين الواحدة لا يمكن المساومة عليها"، واصفة ترامب بأنه "جاهل في الدبلوماسية تماما كطفل".
وحذر المقال من أنه إذا دعمت الولايات المتحدة استقلال تايوان وزادت مبيعات الأسلحة للجزيرة، فإن الصين قد تقدم الدعم "لقوى معادية للولايات المتحدة". وتساءلت الصحيفة "ما الذي يمنعنا من دعم (تلك القوى) في شكل علني، أو بيعها أسلحة سرا؟".
لكن جهات اخرى تدعو الى توخي الحذر مثل وو شينبو المتخصص في العلاقات الصينية-الاميركية في جامعة فودان في شنغهاي الذي يرى في تصريحات ترامب "تقنية تفاوض".
واضاف الخبير "هو يعلم ان مسألة تايوان حساسة جدا" بالنسبة للصين قائلا "انه يلعب هذه الورقة على امل الحصول على تنازلات من الصين حول المسائل التجارية التي تثير قلقه".
واعتبر الخبير انه يجب على الصين الا تقلق جدا او ان ترد بشكل عنيف قائلا "يجب انتظار توليه مهامه (في 20 كانون الثاني/يناير) ومعرفة ما سيقوم به بشكل ملموس".
والى جانب مسالة تايوان، جدد ترامب ايضا الاحد انتقاداته المعتادة لبكين متهما اياها بخفض قيمة عملتها من اجل دعم صادراتها وبناء "حصن هائل في بحر الصين الجنوبي" او حتى عدم القيام بشيء لوقف طموحات كوريا الشمالية النووية.