يتوجه الثلاثاء مئتا مليون ناخب أمريكي، يحق لهم التصويت، إلى مكاتب الاقتراع لاختيار الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية. ويأتي يوم الانتخابات الكبير بعد حملة انتخابية ضارية لعدة أشهر قادها المرشحان، الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون، وأثارت انقساما حادا في البلاد. وفيما تشير آخر استطلاعات الرأي إلى تقلص الفارق بينهما ما يجعل التكهن بالنتيجة أمرا صعبا.
قبل ساعات من بدء عمليات الاقتراع لانتخاب الرئيس الأمريكي الجديد، أظهرت آخر استطلاعات الرأي، ليلة البارحة الإثنين، أن المنافسة شديدة بين المرشحين، مع تقدم المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بفارق ضئيل. ففي استطلاع رأي نشره موقع "ريل كلير بوليتكس"، تقدمت هيلاري كلينتون على منافسها الجمهوري دونالد ترامب بنسبة 3,2%.
كما أتت نتيجة أحدث استطلاع نشرته شبكة "سي بي إس" الإخبارية لصالح المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أيضا بتقدمها بأربع نقاط مئوية لتحصل على تأييد بنسبة 45% مقابل 41% لترامب.
وتوقعت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية كذلك فوز كلينتون بأصوات كبار الناخبين؛ فقد توقعت شبكة "إن بي سي" حصول كلينتون على 274 من أصوات كبار الناخبين مقارنة مع 170 صوتا لترامب، وقالت إن الاستطلاعات في الولايات التي تملك 94 من أصوات كبار الناخبين المتبقية تظهر نتيجة متقاربة بين المرشحين. إلا أن ذلك سيكون كافيا لحصول كلينتون على الأصوات الضرورية للفوز بالغالبية والبالغة 270 صوتا.
ورغم ذلك التقارب في نتيجة استطلاعات الرأي بين المرشحين، فإن موقع "فايف ثيرتي آيت" الإخباري، ذي التأثير الجماهيري، خالف الجميع بتوقع نتيجة يعتبرها البعض خيالية، وهي فوز هيلاري كلينتون بنتيجة 68,3% مقابل 31,6% لدونالد ترامب وذلك بناء على استقراءات خاصة به.
في حين أظهر استطلاع أجرته جامعة كوينبياك الإثنين أن الفارق يضيق بين المرشحين في ولايتي فلوريدا وكارولاينا الشمالية المتأرجحتين. إذ تتقدم كلينتون بنسبة 46% في فلوريدا مقارنة مع 45% لترامب، وبنسبة 47% في كارولاينا الشمالية مقارنة مع 45% لترامب.
قضية البريد الإلكتروني لكلينتون
تأتي هذه النتائج رغم الضربة القوية التي تلقتها حملة كلينتون قبل عشرة أيام في 28 أكتوبر/تشرين الأول، عندما أعلن جيمس كومي، مدير مكتب المباحث الفيدرالية "إف بي آي"، أنه لا يزال هناك آلاف الرسائل الإلكترونية التي أرسلتها كلينتون من خادم بريد إلكتروني خاص أثناء ترأسها لوزارة الخارجية بحاجة لتدقيق وقراءة متأنية للتعرف على محتوياتها.
هذا الإعلان الذي لاقى ترحيبا من حملة ترامب، ونظرت إليه حملة كلينتون على أنه طعنة موجهة للمرشحة الديمقراطية وحظوظها في الفوز، سرعان ما تراجع عنه "الإف بي آي" في رسالة وجهها للكونغرس صرح فيها بأن المكتب لم يعثر على أي دليل يدين كلينتون، ولم يغير من الخلاصة التي توصل إليها في يوليو/تموز الماضي بشأن هذه الرسائل، وهو ما عد إغلاقا لهذه القضية.
توجهات الناخبين والتصويت
وقبل بداية اليوم الانتخابي، يحاول الخبراء والمحللون استشراف توجهات الناخبين ونواياهم للتصويت بناء على إثنيتهم (أعراقهم) أو مستويات تعليمهم.
بعض هؤلاء الخبراء يؤكدون أن مشاركات الأمريكيين المتحدرين من أصول لاتينية في التصويت، وهي شريحة مؤيدة للديمقراطية، شهدت ارتفاعا ملحوظا بمعدل الضعف مقارنة بالتصويت بولاية فلوريدا في هذه المرحلة من الانتخابات الماضية. وهو ما يعتبر مؤشرا جيدا لحملة هيلاري كلينتون، فيما تحدثت وسائل إعلام محلية في ولاية نيفادا عن صفوف انتظار طويلة في الأحياء اللاتينية في لاس فيغاس. وتبلغ نسبة تأييد كلينتون في أوساط هذه الشريحة 75% تقريبا.
بيد أن هذا التقدم اللاتيني يواجه بتراجع ملحوظ في نسبة مشاركات السود في التصويت مقارنة بالفترتين الانتخابيتين الماضيتين التي كان فيها باراك أوباما مرشحا وخاصة في ولاية كارولينا الشمالية. وهو ما يرجح في النهاية كافة البيض المؤيدين لترامب والذين بلغ عدد من صوت منهم رقما أعلى نسبيا.
وترى صحيفة "نيويورك تايمز" أنه إذا كان ثمة فوز محتمل لدونالد ترامب فإنه سيكون على أكتاف البيض الأمريكيين الذين لم يكملوا مرحلة التعليم الأساسي. فقد تخطى عدد هؤلاء البيض عتبة الخمسين مليون شخص من الكتلة التصويتية البالغة مئتي مليون شخص يحق له التصويت. فدونالد ترامب يحظى بنسبة تأييد تصل إلى 57% في أوساط هذه الشريحة بينما كلينتون لا تتخطى 29%.
ترامب: "سنجفف المستنقع"
وقبل التوجه لمكاتب الاقتراع، أعلن المرشح الجمهوري دونالد ترامب، أن فوزه في الانتخابات ودخوله المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض سيعني بلا شك "نهاية مؤسسة واشنطن السياسية الفاسدة"، في إشارة للإدارة الحالية وممثليها باراك أوباما وهيلاري كلينتون. وجاء هذا الإعلان خلال تجمع انتخابي بولاية فلوريد الحاسمة بالنسبة للمرشحين الإثنين.
وتعهد ترامب ببدء خطة لوضع حد لفساد الحكومة وانتزاع "بلادنا من مجموعات الضغط التي أعرفها جيدا" على حد قوله، وصاح أمام أنصاره قائلا: "أريد أن تسمع كل المؤسسة السياسية في واشنطن الكلمات التي سنقولها جميعا حين نفوز غدا: سنجفف المستنقع".
في حين تعهدت كلينتون بتوحيد البلاد المقسمة جراء الحملة الانتخابية الضارية التي شنها المرشحان خلال الأشهر الماضية والتي أثارت استياء في العالم إثر تخطيها جميع الخطوط الحمراء وابتذالها. وقالت كلينتون بأنها ستكون "رئيسة للجميع" في حالة فوزها بالانتخابات وأعلنت أن مهمتها الأساسية هي "لم شمل البلاد".