على أمتداد الطريق؛ من منطقة الحوبان، شرقا، حيث سيطرة مليشيات الحوثي؛ وصولاً إلى وسط مدينة تعز، حيث المناطق المحررة الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية؛ تنتشر عددًا من نقاط تحصيل ضريبة القات، التي على الطرفين ملايين الريالات يوميا.
يدفع موردوا القات، الواصل إلى محافظة تعز، الضريبة مرتين؛ الأولى لميليشيات الحوثي؛ والثانية للحكومة الشرعية، التي يتوزع في مناطق سيطرتها، من 9 إلى 11 مركزا تحصيليا، على امتداد الطريق من التربة (غربا) حتى وسط المدينة.
ويقول مورد القات "عبدالله الشرعبي"، إن مقدار الضريبة التي يدفعها على سيارته المحملة بالقات تصل أحيانا إلى 300 ألف ريال في اليوم الواحد، مع أنه غالبا- كما يؤكد- لا يحصل على سندات قبض رسمية من المحصلين..!!
وبحسب معلومات حصل عليها "يمن شباب نت"، تدخل يوميا إلى مدينة تعز ما لا يقل عن 15 سيارة محملة بالقات، من النوع الذي يماثل حمولة المورد الشرعبي. أي أن إجمالي ما يفترض تحصيله منها، يصل إلى 4,500,000 ريال (أربعة مليون وخمسمائة ألف ريال) كحد أدنى في اليوم الواحد.
غير أن ثمة مشاكل كثيرة، بل مخالفات، تجعل من حجم هذه الإيرادات تتضائل إلى أقل من ربع ذلك المبلغ. وأبرزها: أن معظم موردي القات يحصلون- في الغالب- على سندات رسمية بمبالغ أقل من التي يدفعونها!!
لكن ذلك على أية حال لا يمثل لهم أي مشكلة، كما يقول لـ"يمن شباب نت"، أحد الموردين- فضل عدم كشف هويته: "ليست مشكلتنا، طالما وأننا في النهاية نسترد قيمة الضريبة التي ندفعها، كاملة، ضمن سعر القات الذي نبيعه". إنها إذا مشكلة المواطن الذي تثقل اسعار القات المرتفعة كاهله، كما أنها أيضا مشكلة الدولة، التي تستنزف إيرادتها بهذه الطريقة..!! ذلك ما أراد قوله تلميحا لا تصريحا.
وثمة مشكلة أخرى، يذكرها مورد القات الشرعبي: "وجود جبايات أخرى إضافية، غير قانونية، تؤخذ من الموردين في عدد من نقاط الجيش والأمن التابعة للحكومة الشرعية، من خارج المراكز المحددة والمعروفة لدفع ضريبة القات المقرة رسميا..!!".
وأحتجاجا على ذلك، قام أحد موردي القات أواخر ديسمبر 2019، بإحراق سيارته مع حمولتها من القات على مدخل مدينة التربة، بريف تعز الجنوبي..!!
[لمزيد من التفاصيل.. أقرأ: بعد إحراق مقوت سيارته.."يمن شباب نت" يكشف بالوثائق مشكلة ضريبة القات في التُربة بتعز]
وتعليقا على تلك الحادثة، يقول الشرعبي: "إن الاستغلال، وغياب الرقابة والضمير، من قبل مكتب الضرائب، قد يدفعك لفعل أي شيء، وإن كان هذا الشيء جنونيا".
غير أن هذه المشكلة "غياب الرقابة والضمير من قبل مكتب الضرائب" بتعز، التي يتحدث عنها الشرعبي وفقا لوجهة نظره تلك؛ سيتضح لنا أنها ليست مجرد مشكلة جزئية بسيطة، تقتصر تأثيراتها على نهب أموال موردي القات فحسب؛ بل تتعدى ذلك إلى نهب جزءًا كبير من إيرادات ضريبة القات بمحافظة تعز برمتها..!!
مشكلة الإيرادات في تعز
كانت محافظة تعز تعتبر واحدة من أكثر المحافظات تحصيلا للإيرادات المالية الحكومية، قبل أن تفقدها الحرب معظم مصادر دخلها الذاتية، المباشرة وغير المباشرة..!!
خلال العام 2013، حصدت محافظة تعز أكثر من 50 مليار ونصف المليار ريال، لإجمالي للموارد العامة، بحسب ما أكدته وزارة المالية في عددها رقم (57) من "نشرة إحصائية مالية الحكومة للربع الثالث من العام المالي 2014"، وهو آخر عدد متوفر على الموقع الألكتروني للوزارة..!!
أما اليوم، أصبحت المحافظة تعاني من شحة شديدة في مواردها الذاتية، بسبب الحرب. حتى أن ما فضل لها من أوعية إيرادية، يتم تقاسمه مع ميليشيات الحوثي الإنقلابية، التي تستحوذ على النصيب الأكبر من تلك الإيرادات، بحكم الأمر الواقع الذي أفرزه الصراع المسلح في المحافظة، حيث تواصل الميليشيات فرض حصارا على المحافظة من منافذها الرئيسية، شرقا وغربا.
ومع أن هذا الخلل الكبير، الذي أحدثته الحرب في ميزان الإيرادات العامة لمصلحة المتمردين الحوثيين، كان كافيا لإحداث ضربة موجعة للسلطة المحلية الشرعية في تعز، ويجعلها أكثر حرصا على كل فلس تتحصل عليه من الإيرادات الشحيحة المتبقية؛ إلا أن ما حصل كان مخيبا لأمآل وتطلعات أبناء المحافظة، بالنظر إلى ما تم كشفه مؤخرا من تلاعب وأهدار وضياع ونهب للملايين من أموال الإيرادات الضريبية..!!
فما الذي حدث بالضبط؟ وكيف حدث؟ هذا ما سنقوم بكشفه بالتفصيل في سياق هذا التحقيق الاستقصائي، الذي استندنا فيه على وثائق وأرقام رسمية، وقمنا بتعزيزها بمجموعة من المخططات والجداول البيانية (الأنفوجرافكس) في عدة مواضع، لمزيد من البيان والتوضيح..
فساد وإهدار الملايين يوميا
تحتل إيرادات الضرائب في الموازنة العامة، المرتبة الثانية من إجمالي الموارد العامة الذاتية للدولة، بعد النفط والغاز. في حين تشكل "ضريبة القات" في بلادنا واحدة من أكثر المورد "اليومية" أهمية، إلا أنها في الوقت ذاته تعد من أكثر المصبات الإيرادية عرضة للفساد، بحكم آلية تحصيلها غير المنضبطة بضوابط قانونية ورقابية فاعلة تمنع عمليات التلاعب بمحصولها الحقيقي..!!
وما يزيد من حجم المشكلة، أن ضريبة القات تعتبر من الإيرادات اليومية (التي يتم تحصيلها بشكل يومي)، ما يجعل التلاعب بها- بعيدا عن الرقابة- ليس فقط أمرا سهلا، بل لا يمكن تداركه إذا ما تم تحصيلها بصورة غير صحيحة..!!
وفي محافظة تعز، التي تواجه مشكلة كبيرة في تدني الإيرادات العامة بسبب الحرب- كما أسلفنا- تحتل إيرادات ضريبة القات المرتبة الأولى، مقارنة ببقية الإيرادات الأخرى المحصلة عبر المجالس المحلية بالمحافظة. وذلك بحسب ما تظهره وثيقة رسمية، حصل عليها "يمن شباب نت"، لإجمالي الضرائب المحصلة لشهر أبريل، وما قبله، من العام الجاري (2020). (أنظر الوثيقة المرفقة أدناه).
لكن، حتى برغم ذلك، إلا أن هذه الأرقام تعتبر أقل بكثير- (لا تتجاوز أكثر من 12 %، بالنسبة لشهر أبريل، و 14% لأشهر الربع الأول 2020)- من حجم الوعاء الضريبي الحقيقي المفترض تحصيله من ضريبة القات.
ومؤخرا، أثيرت مشكلة وجود تلاعب كبير في تحصيل إيرادات هذه ضريبة القات، من قبل مكتب الضرائب بتعز، الذي يتهم بالفساد، وضياع وإهدار الملايين من إيرادات هذه الضريبية الهامة، وتحصيلها خارج خزينة الدولة..!!
وبعد البحث والمتابعة، حصل "يمن شباب نت" على وثائق رسمية، بعضها لم تنشر من قبل، تكشف حجم الفساد، والتلاعب، والمخالفات القانونية الواضحة، في تحصيل ضريبة مبيعات القات في المحافظة..!!
وعلى رأس تلك الوثائق- وربما أهمها- مذكرة رسمية رفعها الوكيل الأول للمحافظة الدكتور عبدالقوي المخلافي، إلى محافظ تعز بتاريخ 7 مايو/ آيار الماضي، والتي أوجز فيها أبرز الملاحظات والإختلالات القائمة في عملية تحصيل هذه الضريبة من قبل مكتب الضرائب بتعز، وفقا للتقارير الشهرية للمكتب، وتقارير أخرى، بينها تقرير لجنة الموارد المالية..
ولأهمية ما ورد في المذكرة من ملاحظات ومخالفات، سنعيد تلخيصها هنا بشكل نقاط: -
- كشفت المذكرة عن وجود تدني للحصيلة الضريبية للربع الأول (يناير– فبراير- مارس) من العام الحالي (2020)، والتي توقفت عند المبلغ (67,408,969) ريال، وبمعدل شهري (22,469,656) ريال.
- اعتبرت المذكرة هذه الأرقام، بأنها "صادمة"، ولا تساوي ما نسبته (14%) من حقيقة الوعاء الضريبي الذي يتم تحصيله فعلا، بل أنها لم تتجاوز نصف الربط المقدر من قبل مكتب الضرائب لهذه الحصيلة، "على ضعف ذلك الربط وتدني مقداره".
- ذكرت أن حصيلة الربط التقديرية لضريبة القات تبلغ (1,820,000) ريال يوميا #مليون وثمانمائة وعشرون ألف ريال#، وبإجمالي شهري يصل إلى (54,600,000) ريال # أربعة وخمسين مليون وستمائة ألف ريال# وفقًا للمزايدة الخاصة بتحصيل ضريبة القات المتفق عليها من قبل اللجنة المشكلة من ديوان عام المحافظة، والمعلن عنها في أغسطس 2019. (سنفرد مساحة خاصة لهذه الجزئية لاحقا)
- حذرت المذكرة من أن استمرار تحصيل هذه الضريبة على هذا النحو، "سيتسبب في مزيد من الإهدار للمال العام، وسيؤدي الى حرمان المحافظة من مئات الملايين التي تضل طريقها الى البنك المركزي".
- أشارت المذكرة إلى أن تقرير لجنة تنمية الموارد المالية، أظهر أن مكتب الضرائب لم يقم بتحديد ربط يومي واسبوعي وشهري، على مستوى كل مركز تحصيل، ولا حصر كميات ونوع القات الوارد وتحديد اسعاره.
- كما لفتت إلى أن التقرير نفسه أيضا أشار إلى أن عملية التحصيل لهذه الضريبة يتم بآليات مخالفة وبدون قطع قسائم تحصيل فورية نموذج (50)- حسابات، والذي يعد مخالفة للقوانين واللوائح المالية.
- وأخيرا، نوهت المذكرة إلى ظهور مبالغ مدورة ومرحلة من شهر إلى آخر، على المتحصلين من العام 2018 – 2019...، كما لوحظ عدم الالتزام بتوريد المبالغ المحصلة أولا بأول، حيث يتم التوريد على فترات متباعدة كما هو ظاهر في كشوفات البنك المركزي وبما يتيح للمكتب ومتعهدي التحصيل التلاعب بأرقام الحصيلة اليومية. (سنتطرق لهذه الجزئية لاحقا)
(انظر الصورة المرفقة أدناه، والتي تعرض نسخة من صورة لمذكرة الوكيل الأول بالمحافظة، مع ملخص جانبي موجز لأبرز ما تضمنته من مخالفات وملاحظات)
تغيير آلية التحصيل (متعهد خارجي)
ومن الأمور، أو الاشكاليات الرئيسة، التي أشارت إليها مذكرة وكيل المحافظة أعلاه، هي: "عدم التزام مكتب الضرائب بإستكمال الإجراءات المنفذة لنتائج المزايدة التي أعلنت عنها اللجنة المشكلة من ديوان عام المحافظة ومكتب الضرائب في شهر أغسطس 2019، والتي أسفرت عن فوز العطاء المقدم بمبلغ يومي قدره (1,820,000) ريال، وبإجمالي شهري قدره (54,600,000) ريال، رغم توقيع العقد وتعميده من قبل المحافظة".
وتعد هذه الإشكالية واحدة من المخالفات القانونية الكبرى، التي بسببها تم إهدار ما يقارب من 300 مليون ريال خلال الفترة الماضية، (أي منذ توقيع الاتفاقية في أغسطس 2019، حتى شهر مايو/ آيار الماضي 2020).
وسنخصص المساحة التالية، لتوضيح تفاصيل هذه المخالفة. لكن، قبل أن نشرع في ذلك، علينا أولا الإحاطة بخلفية هذه المزايدة، والمبررات والأسباب التي أوصلت إليها؟..
في الواقع، لم تكن مشكلة التحصيل الضريبي للقات مشكلة حديثة، فلطالما ظلت مثار جدل وتساؤلات وتشكيكات تبرز من حين إلى آخر، لا سيما داخل أروقة السلطة المحلية، إلا أنها لم تحظى بالتركيز المناسب لحلها، ربما بحكم الظروف الاستثنائية التي مرت بها المحافظة..
لكن، مع استمرار النزيف أكثر، واتضاح أن السبب الرئيس في ذلك الإهدار الإيرادي الكبير يعود أساسا إلى التلاعب الذي يتم في نقاط التحصيل من قبل محصلي مكتب الضرائب بالمحافظة، فقد تم تشكيل عدد من اللجان، من حين إلى آخر، لدراسة المشكلة والبحث عن حلول مناسبة لها.
لكن تلك الدراسات والحلول، للأسف، كانت دائما ما تواجه بتعنت مدير الضرائب الحالي "محمد عثمان السبئي"، المعين من قبل المحافظ السابق أمين محمود منتصف 2018، والذي كان يرفض كافة الحلول ويصر على مواصلة العمل وفق الألية السابقة، التي لا تخضع لأي رقابة عملية فعالة..!! بحسب تأكيدات مصادر متطابقة في المحافظة ومكتب الضرائب.
ومع الكثير من الشكوك المتدافعة، ووسط استمرار تدهور عملية التحصيل، وتزايد نسبة الشكاوى من موردي القات بوجود تلاعبات واضحة، ارتفعت حدة الخلافات الداخلية بين المدير العام وبين بعض الموظفين المعنيين بهذا الموضوع داخل مكتب الضرائب نفسه، حتى وصول الأمر إلى تشكيل لجنة جديدة خاصة للمراجعة والدراسة، والخروج بتصورات ناجعة لحلول نهائية عاجلة ومناسبة، تحت إشراف الوكيل الأول للمحافظة عبد القوي المخلافي.
في نهاية المطاف، خلصت اللجنة إلى الاتفاق على تعديل آلية العمل القديمة بآلية جديدة تتمثل بفتح باب التنافس أمام متحصلين ومتعهدين خارجيين لتحصيل ضريبة القات. ورغم رفض مدير الضرائب تلك الآلية بشدة- كما أشرنا سابقا- إلا أنه قبل أخيرا، لا سيما وأن اللجنة لم تدع له مجالا لمواصلة الرفض والتعنت هذه المرة، بعد أن واجهته بأرقام وحقائق مالية تؤكد إهدار وضياع الملايين من أموال التحصيل الضريبي للقات.
وبعد مراجعتها لإيرادات النصف الأخير من العام 2018 وشهري يونيو ويوليو للعام 2019، وإضافة نسبة نمو 20%، حددت اللجنة شروط المزايدة بإعتماد تكلفة تقديرية للربط اليومي بمبلغ (1,820,000) ريال "مليون وثمانمائة وعشرون الف ريال".
وفي 22 يوليو 2019 تم الاعلان عن المزايدة وفقا للشروط المتفق عليها، عملا بالقانون رقم (313) لسنة 2007 بشأن المناقصات والمزيدات.
(أنظر الوثيقة المرفقة أدناه، والخاصة بالإعلان الخاص بفتح باب المناقصة لمزايدة المتعهدين لتحصيل ضريبة مبيعات القات في المناطق المحررة، وفيها شروط المزايدة)
وتشير الوثائق التي حصل عليها "يمن شباب نت"، إلى تقدم أربعة متعهدين خارجيين للمزايدة بعطاءات مالية متقاربة، لتقوم لجنة المناقصات بتحديد المتعهد الفائز صاحب العطاء الأقرب للمبلغ المحدد.
(أنظر الوثيقتين المرفقتين أدناه: على اليميين، تجد الوثيقة الخاصة بمحضر المزايدة، بتاريخ 1 أغسطس 2019، والتي توضح اسماء الأربعة المتقدمين مع الأسعار المقدمة لكل واحد منهم؛ وعلى اليسار الوثيقة الخاصة بقرار اللجنة باختيار المتعهد الفائز بالمزايدة).
ويؤكد المحضر وقرار لجنة المناقصات، المشكلة برئاسة مدير عام الضرائب نفسه، أن المزايدة رست على المتعهد محمد أحمد عبد الوهاب الحاشدي، كونه صاحب أعلى سعر مقدم، وتم إغلاق المزاد على السعر النهائي للمزايدة بربط يومي مبلغ 1,820,000 ريال.
عرقلة الأتفاق الجديد
وبناء عليه، استوفى المتعهد الجديد كافة الشروط اللازمة، بما في ذلك توريد الضمان النقدي بمبلغ (16,740,000) ريال بشيك مقبول الدفع إلى البنك الأهلي بتاريخ 5 أغسطس. وفي 19 أغسطس 2019، تم توقيع العقد الرسمي مع مكتب الضرائب لمزاولة عمله كمقاول متعهد في تحصيل ضريبة القات في المناطق المحررة بتعز. (أنظر صورة العقد الموقع بين الطرفين المرفق أدناه)
ومع ذلك، إلا أن المتعهد لم يستلم عمله حتى اليوم..!! ويُتهم مدير الضرائب بعرقلة تنفيذ العقد المبرم على أرض الواقع، وعدم تمكين المتعهد من عمله بموجب الاتفاق..!!
وقال مصدر خاص في مكتب الضرائب لـ"يمن شباب نت"، إن مدير مكتب الضرائب تلاعب بالمناقصة بتواطؤ مسؤولين في المحافظة، وأصرّ على إبقاء أحد أقاربه، ويدعى فهد عبدالحميد السبئي، كمتحصل متعهد في المركز الرئيسي بـ"نجد قسيم".
ويعتبر مركز "نجد قسيم" نقطة التحصيل الرئيسية لضريبة القات الذي يدخل المدينة، وفيه يتم تحصيل قرابة 75 % من إجمالي ضريبة القات اليومية. إلا أنه في الوقت ذاته يعتبر أكثر المراكز التحصيلية مخالفة وتلاعبا بالإيرادات الضريبية..!!
أنظر الوثيقة المرفقة أدناه، والتي تكشف جزء بسيطا من تلاعب المُتحَصِّل في نجد قسيم (النقطة المركزية) في توريد مبالغ تحصيل ضريبة القات.
أضف إلى ذلك- بحسب المصدر الذي فضل عدم ذكر أسمه لأسباب أمنية- أنه وعقب فوز المتعهد الحاشدي بالمناقصة، قام مدير الضرائب بجمع مسلحين وهدد الموردين بمنعهم من إدخال القات إلى المدينة في حال عدم التزامهم بتوريد الضريبة إلى المتحصل السابق (أي قريبه)..!!
وقد حاول أحد المراسلين المشاركين في هذا التحقيق الأستقصائي، التواصل مع مكتب مدير الضرائب لأخذ موعد للتعليق والرد على تلك الاتهامات، إلا أنه لم يلق أي تجاوب..!!
مخالفة قانونية
وبناء على تظلم رفعه المتعهد الفائز بالمزايدة، محمد أحمد عبدالوهاب الحاشدي، إلى محافظ المحافظة، يشكو فيه عدم تمكينه من تنفيذ العقد الموقع بينه وبين مكتب الضرائب، مقدما بعض الإحصائيات الخاصة بتوريد ضريبة القات من قبل متحصلي هذه الضريبة التابعين لمكتب الضرائب، كدليل على تدني التحصيل نتيجة عدم تمكينه من التنفيذ..
وفي 10 مايو/ آيار 2020 رفع مدير عام الشئون القانونية بمحافظة تعز "عبد الوهاب عبد الجليل المليكي"، مذكرة رسمية تتضمن الرأي القانوني بشأن العقد المبرم بين المتعهد محمد أحمد عبدالوهاب الحاشدي لتحصيل ضريبة القات، وبين مكتب الضرائب بتعز..
سردت المذكرة كافة الإجراءات القانونية التي تمت، وصولا إلى توقيع العقد بتاريخ 19/8/2019، من قبل الطرفين وتعميده من جهة المحافظة، ممثلة بوكيلها الأول..
وفي النهاية، خلصت المذكرة إلى أن "مكتب الضرائب ملزم (قانونيا) بتنفيذ العقد المتمحص عن المزايدة، كون العقد قد أبرم في بتاريخ 19/8/2019، مالم يكن هناك مبرر قانوني مقنع أو إخلال من قبل المتظلم".
وعلى ضوء ذلك، وجه الوكيل الأول للمحافظة عبد القوي المخلافي بعرض الرأي القانوني على محافظ المحافظة "للإطلاع والتوجيه". وأضاف على ظهر المذكرة التوضيح التالي: "علما بأن المذكور استوفى جميع الشروط وسلم الضمانة التقديرية وفقا للمزايدة، غير أن مدير الضرائب والختم تم عرقلة العقد والتنفيذ، ولم يلتزم مدير الضرائب بإلتزماته وفقا للعقد". (أنظر الوثيقة المرفقة أدناه، المتضمنة تفاصيل الرأي القانوني، وتوجيهات الوكيل الأول للمحافظة عليها)
حساب المفقود الضريبي
إذا، من الواضح أن مدير الضرائب بتعز تعمد عرقلة تنفيذ العقد القائم على الألية الجديدة تنفيذا للمزايدة، ليتسنى له مواصلة العمل بالألية السابقة، التي يتم فيها أهدار وضياع أكثر من 50% من الإيرادات المستحقة لخزينة المحافظة من ضريبة القات..!!
وفي الحقيقة، فإن هذه النسبة المفقودة (أكثر من 50%) تنطبق فقط عند المقارنة مع مبلغ الربط المحدد في المزايدة (1,820,000 ريال)، أما عند المقارنة مع حقيقة ما يتوجب تحصيله يوميا من هذه الضريبة، فإنها تفوق هذه النسبة بكثير..!! وهو ما سنكشفه ونتطرق إليه بالتفصيل في سياق هذا التحقيق الإستقصائي، لكننا سنبدأ أولا بحساب الأرقام المفقودة بناء على الربط المحدد بالمزايدة والعقد المبرم.
بحسب وثيقة رسمية صادرة عن مدير إدارة الشئون القانونية لضرائب تعز "صادق علي سلطان الشلبي"، بتاريخ 9 أبريل 2020، فإن الحصيلة الشهرية للربع الأخير (أكتوبر- نوفمبر- ديسمبر) من عام 2019 بلغت مبلغًأ وقدره (71,250,190) ريال، بينما بلغ إجمالي الحصيلة الشهرية للربع الأول (يناير- فبراير - مارس) من العام الجاري (2020)، مبلغًا وقدره (58,335,335) ريال.
وهنا أيضا وصفت المذكرة تلك الأرقام بأنها "صادمة"، "ولا تساوي نسبة 50% للحصيلة التقديرية التي أقرها المكتب بالمزايدة في منتصف عام 2019م".
(أنظر الوثيقة المرفقة أدناه، والصادرة عن مدير إدارة الشئون القانونية بمكتب ضرائب تعز، بخصوص ملاحظاته لتنمية الموارد المالية)
وعلى الرغم من ملاحظتنا وجود بعض الاختلافات الطفيفة في الأرقام الرسمية الخاصة بحصيلة الإيرادات، بين مذكرة وأخرى، إلا أن ذلك لا يعيقنا عن معرفة، وتحديد، حجم الإيرادات المفقودة رياضيا..
فعلى سبيل الإشارة، نجد أن الوثيقة الأولى (رقم "1" أعلاه)، حددت حصيلة إيرادات ضريبة القات للربع الأول 2020 بإجمالي (67,017,750 ريال)؛ بينما أن مذكرة الوكيل الأول للمحافظة (الوثيقة رقم "2" أعلاه)، ذكرت أن حصيلة الربع الأول نفسه بلغت (67,408,969 ريال)، فيما أن المذكرة الأخيرة، والخاصة بمدير الشئون القانونية (المرفق رقم "7" أعلاه) حددت حصيلة هذا الربع بمبلغ (58,335,335 ريال)..!!
وللتوصل إلى حساب إجمالي حجم الإهدار المالي بالإرقام، فإننا سنعتمد هنا على البيانات الرسمية الواردة في المذكرة الأخيرة، الخاصة بمدير الشئون القانونية، كونها وفرت لنا حصيلة ستة أشهر متتالية (الربع الأخير من العام الماضي (2019)، والربع الأول من العام الحالي (2020))، وبالتالي سهلت علينا جزء من مهمة احتساب المفقود من الضريبة، خلال الأشهر التي أعقبت توقيع عقد المزايدة (غير المنفذ من قبل مكتب الضرائب)، وحتى آخر شهر تحصيلي مضى من هذا العام (2020).
وعليه، ولكون العقد وقع في 19 أغسطس/ آب 2019، فإن المدة التي سنقوم بإحتسابها هي تسعة أشهر؛ تبدأ من شهر سبتمبر/ أيلول 2019، وتنتهي في شهر مايو/ آيار 2020.
وبشكل عام، فإن العمليات الحسابية التي سيتوجب القيام بها، للحصول على فارق الأموال المهدرة، ستمر بثلاث خطوات، هي: -
الخطوة الأولى: احتساب إجمالي الإيرادات الرسمية التي حصّلها مكتب الضرائب فعليا، خلال فترة التسعة الأشهر التي أعقبت توقيع العقد. (وهذه العملية ستمر بثلاث مراحل: الأولى احتساب الأشهر الأربعة التالية على التوقيع للعام 2019؛ والثانية احتساب الأشهر الخمسة الماضية من العام الجاري 2020؛ والثالثة احتساب الإجمالي العام للأشهر التسعة).
الخطوة الثانية: احتساب إجمالي ما كان يفترض تحصيله من ضريبة القات (فيما لو تم تنفيذ الاتفاق) خلال الفترة نفسها.
الخطوة الثالثة: احتساب الفارق بين المحصل فعليا (1)، وبين ما كان يفترض تحصيله بالاتفاقية (2)، والذي ستمثل نتيجته حجم المبالغ التي اهدرت خلال الفترة المذكورة.
(أنظر الأنفوجرافك رقم "1"، المرفق أدناه، والذي يوضح كافة تلك الخطوات المشار إليها آنفا، وصولا إلى احتساب إجمالي المبالغ التي تم اهدارها نتيجة عدم التزام مكتب الضرائب العمل بإتفاقية المزايدة)
من البيانات المعروضة في مخطط الأنفوجرافك أعلاه، يتضح لنا أن: -
- 95,000,253 ريال، هو إجمالي ما تم تحصيله فعليا (على أرض الواقع) خلال الأشهر الأربعة التالية لتوقيع الاتفاقية (سبتمبر، أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر- 2019). [1]
- 97,225,557 ريال، هو إجمالي ما تم تحصيله فعليا خلال الأشهر الخمسة الماضية من العام 2020. [2]
- 192,225,810 ريال، هو حصيلة جمع [1] و [2] أعلاه، للحصول على الإجمالي العام لحصيلة الأشهر التسعة التالية على توقيع عقد المزايدة. [3]
- 491,400,000 ريال، هو الإجمالي العام لما كان يفترض تحصيله خلال الأشهر التسعة نفسها، فيما لو تم العمل بإتفاقية المزايدة، (التي حددت الربط اليومي بمبلغ 1,820,000 ريال يوميا، أي بواقع 54,600,000 ريال شهريا). [4]
- 299,174,190 ريال، هو الفارق بين المحصلتين الأخيريتين ([4] – [3])، وتساوي إجمالي المبالغ التي تم اهدارها من عدم تنفيذ إتفاقية المزايدة خلال التسعة الأشهر المحددة.
وبقراءة تحليلية سريعة للأرقام السابقة، أعلاه، يتضح الأتي:-
- أن الـ(192,225,810 ريال)، الذي يمثل إجمالي ما تم تحصيله خلال الفترة الماضية (أي التسعة الأشهر التي اعقبت توقيع عقد المزايدة) لا يساوي حتى 40% من إجمالي مبلغ الربط المفترض (وفقا للمزايدة)، والذي كان يفترض أن يصل إلى (491,400,000 ريال) خلال الفترة المحددة!!
- وأن إجمالي ما تم إهداره من أموال ضريبة مبيعات القات، جراء عدم العمل باتفاقية المتعهد الخارجي، والبالغ مقداره حسابيا (299,174,190 ريال)، يصل إلى نسبة 64% مما تم تحصيله فعليا..!!
- وأنه، وفقا لهذه الحسبة، فإن مقدار المبالغ المهدرة شهريا تصل إلى 33,241,576 ريال/ ثلاثة ملايين، ومائتين وواحد وأربعين ألف، وخمسمائة وستة وسبعين ريال شهريا/ وبواقع يومي يصل إلى 1,108,052 ريال/ مليون، ومائة وثمانية ألف، وأثنين وخمسون ريال يوميا/..!!
وكان مدير إدارة الشؤون القانونية لضرائب تعز، صادق الشلبي، لفت ضمن مقدمة مذكرته المشار إليها سلفا (وثيقة رقم "7")، إلى أن ضريبة مبيعات القات هي عبارة عن "إيراد يومي لا يمكن تداركه، إذا تم تحصيله بصورة غير صحيحة، أو كان التحصيل لا يلائم واقع الحصيلة الفصلية أو التقديرية المتوسطة".
إن مثل هذه الأرقام المتدنية، والفوارق الكبيرة، جعلت المدير القانوني لمكتب الضرائب يحذر من أنه لو استمر تحصيل ضريبة مبيعات القات على هذا المنوال، فإن ذلك سيتسبب "في إهدار وضياع مبالغ كبيرة من الحصيلة التقديرية المتناسبة مع الواقع الفعلي".
بل وجدناه، من ناحية أخرى، يقرر أن معيار التحصيل العشوائي لضريبة مبيعات القات، حاليًا، هو "أسلوب مخالف للنظام المتبع واللوائح المعمول بها، لعدم تحديد سياسة الربط التقديري للحصيلة اليومية لكل مركز، وتركها بيد المتحصلين يقدرونها بما يتناسب مع مصالحهم الشخصية".
ربط تصحيحي جديد وفاقد أكبر
في الواقع، ليست تلك الأرقام السابقة، سوى بداية متواضعة لمعرفة حجم الإهدار المالي بفعل الفساد المستشري في مكتب الضرائب بتعز. إذ كلما تعمقنا في هذه المشكلة أكثر، أكتشفنا إهدارا وفسادا أكبر..!! لدرجة أننا سنكتشف لاحقا أن هذه المزايدة، لم يعد من المجدي التمسك بها، مهما كانت قانونيتها، خصوصا وأن الأرقام الحقيقية تتضاعف بشكل كبير لتتجاوز تلك المحددة في المزايدة بفوارق كبيرة !! بل ربما- من خلال الأرقام الجديدة- سنقرر أن هذه المزايدة كانت جزء من الفساد نفسه!! خصوصا وأن هناك من تقدموا- لاحقا- بمزايدات تفوق تلك المزايدة الفائزة بمئآت الآلاف.
فعلى سبيل المثال، حصلنا على وثيقة، عبارة عن مذكرة تقدم بها أحد المتعهدين الخارجين، تضمنت عرضا بتحصيل مبلغ (2,520,000 ريال) يوميا، أي بزيادة تصل إلى 700 ألف ريال عن المزايدة السابقة. (أنظر الوثيقة رقم "8" المرفقة أدناه)
بل إن بعض المعلومات التي حصل عليها "يمن شباب نت"، تفيد أن هناك متعهدون تقدموا بتحصيل مبالغ تزيد اضعافا مضاعفة عن سابقاتها، حتى أن بعضها وصل إلى ستة مليون ريال يوميا، ولم ينظر إليها حتى الأن..!!
ومع ذلك، فبالنسبة لكثيرين، تبدو المزايدة الفائزة بمثابة الخيار الأفضل المتاح، في الوقت الراهن، بالمقارنة مع هذا الواقع الذي يواصل استنزاف الأموال بوحشية مفرطة، دون أي رادع..!!
وعليه، نرى أنه من الأفضل لنا المضي بشكل تدريجي في عرض التفاصيل لبلوغ الهدف دون أي تعقيدات. وفي هذه الأثناء، سنواصل تقدمنا في هذه المساحة من الطريق، على المنوال نفسه، لنجد أرقاما أخرى أيضا تقودنا إلى النتيجة ذاتها..
فمن الوثائق الرسمية لمكتب الضرائب، حصل "يمن شباب نت" على وثيقة صادرة بتاريخ 8 اكتوبر 2019، موجهة من مدير مكتب الضرائب محمد عثمان السبئي، إلى كل من نائبه لشؤون القات، ومدير الإدارة، يخطرهم بإلزام متحصلي ضريبة القات بالربط اليومي لشهر اكتوبر 2019، وفقا لما هو محدد قرين كل أسم ومركز تحصيل، شملت المراكز التحصيلية التسعة. (أنظر الوثيقة المرفقة أدناه، لمدير مكتب الضرائب بتحديد مبالغ الربط اليومي لكل مركز)
وثمة عدد من الملاحظات حول ما ورد في هذه الوثيقة: -
أولا: من خلال المبالغ المحددة في الوثيقة، وجدنا أن إجمالي الربط اليومي لكافة المراكز التسعة، يبلغ 1,819,200 ريال/ يوم. (من الملاحظ أن هذا المبلغ يساوي تقريبا المبلغ المحدد في المزايدة الخاصة بتحصيل ضريبة القات عبر متعهد خارجي، والذي رفض مدير الضرائب تمكينه رغم توقيع عقد العمل معه..!!)
ثانيا: ومع ذلك، سنكتشف أن المدير العام قام بربط بعض مراكز التحصيل بمبالغ أقل مما تدره من إيرادات فعلية يوميا..!! وذلك ما أكده نائب المدير لشئون القات، عبد الله مارش الشرعبي، ضمن مذكرته الرسمية بتاريخ 13 أكتوبر، ردا على مذكرة المدير العام بتحديد الربط اليومي. (أنظر الوثيقة المرفقة أدناه، المتضمنة رد نائب المدير العام لشئون القات بخصوص ملاحظاته على المذكرة السابقة للمدير العام بشأن مبالغ الربط اليومية)
ونظرا لأهميتها سنستعرض ملاحظات النائب، الواردة في المذكرة أعلاه، بشكل نقاط، على النحو التالي: -
- مركز نجد قسيم: تم ربطه من قبل المدير بمبلغ 1,288,000 ريال فقط، بينما ما يتم توريده من هذا المركز عمليا، مبلغ 1,400,000 ريال يوميا.
- مركز الدمغة: قام المدير بربطه بمبلغ 50 ألف ريال لاغير، بينما ما يتم توريده من قبل المتحصل يوميًا مبلغ 70 ألف ريال.
- كان يفترض زيادة مبالغ الربط لا نقصانها، نظرًا لزيادة كميات القات التي يتم عبورها في المركزين.
- ضرورة إعادة الربط بالمبالغ التي يتم توريدها من قبل المتحصيلن أنفسهم كون هذا الربط كان من تلقاء أنفسهم.
- التوصية بتشكيل فريق نزول ميداني إلى جميع المراكز والنقاط للوقوف أمام حجم الوعاء الضريبي والربط من خلاله بعد التحصيل، لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام أو يومين، وبعدها يتم الربط على المحصل.
ثالثا: أن هذه المذكرة جاءت بعد أقل من شهرين على توقيع عقد العمل مع المتعهد الخارجي (المزايدة)، ما يوحي أن المدير كان يريد الحصول على حجة مناسبة لتبرير موقفه الرافض لتنفيذ العمل بالعقد الموقع مع المتعهد الخارجي، وذلك على أعتبار أن مكتبه سيكون قادرا على تحصيل المبلغ المطلوب نفسه. إلا أن ما حدث غير ذلك تماما!!
فإذا ما صرفنا النظر عن تلك الملاحظات السابقة للنائب، وافترضنا جدلا أن المدير كان يريد فعلا تصحيح الخطأ المتمثل بعدم تنفيذ اتفاقية المزايدة، وبالتالي فإن مبالغ الربط التي حددها في مذكرته السابقة، كانت مناسبة، فما هي النتيجة العملية التي حصلنا عليها من كل ذلك؟
في الحقيقة، حين نكتشف ما حدث فعليا على أرض الواقع، ستصدمنا تلك النتيجة..!! حيث أن ما تم توريده فعليا خلال شهر أكتوبر المذكور، كان أقل بأكثر من 40% عن المحدد بالربط الجديد (رغم أن المدير هو من قام بتحديد هذا الربط !!..)
دعونا نتحدث بلغة الأرقام الرسمية، حتى نكتشف ذلك: -
- وفقا لمذكرة المدير، فإن مقدار الربط المحدد عن كل يوم من شهر أكتوبر(2019)، كان يجب أن يساوي: 1,819,200 ريال/ يوم. أي بواقع شهري يصل إلى: 54,576,000 ريال/ شهر.
- غير أنه، من واقع مذكرة مدير الشئون القانونية بالمكتب (وثيقة رقم "7" أعلاه)، فإن مقدار ما تم توريده فعليا خلال شهر أكتوبر(2019) = 23,750,063 ريال/ شهر، أي بواقع يومي يصل إلى 791,668 ريال/ يوم.
- والنتيجة: أن هذه الحصيلة تقل بمقدار 1,027,532 ريال يوميا عن المربوط اليومي: (1,819,200 ريال/ ربط يومي) – (791,668 ريال/ توريد يومي فعلي) = (1,027,532 ريال/ المفقود اليومي).
- كما أن هذا يعني أيضا: أن إجمالي المفقود خلال شهر أكتوبر بالكامل، بلغ: 30,825,937 ريال: (54,576,000 ريال/ ربط شهري مفترض) – (23,750,063 ريال/ توريد شهري فعلي) = (30,825,937 ريال/ فاقد شهري).
ويمكن حساب المفقود خلال شهري نوفمبر وديسمبر 2019، بنفس الطريقة، إذا ما أردنا ذلك. وفي نهاية المطاف، سنجد أن هذه النتيجة مقاربة كثيرا للنتيجة التي كنا توصلنا إليها سابقا، ضمن مخطط الإنفوجرافك رقم "1" المرفق أعلاه.
وهذا قد يعني، فيما يعنيه، أننا لم نقدم أي جديد، أكثر من كوننا عززنا تلك النتيجة التي توصلنا إليها حسابيا. إلا أن هذا- على اية حال- أمرا جيدا، يجعلنا نواصل السير بثقة كبيرة نحو ما نريد الوصول إليه..
إختلالات ومخالفات كبيرة
والأن، دعونا ننتقل خطوات أخرى للتقدم نحو العمق (عمق الفساد المستشري)، على وقع التساؤل: ما الذي حدث في سياق تصحيح تلك الإختلالات؟!
في الواقع، إنه وفي ظل تلك الظروف المشبعة بالفساد، واستمرار ضياع المزيد من أموال ضريبة مبيعات القات، شكل محافظ تعز نبيل شمسان، في ديسمبر 2019، لجنة خاصة بـ"تقييم ربط وتحصيل ضريبة ومبيعات القات"، والتي بدورها قامت بعدد من الزيارات الميدانية إلى مراكز التحصيل. وكانت أول زيارة لها في 5 ديسمبر/ كانون الأول 2019، واستمرت الزيارات حتى 25 من الشهر نفسه..
وفي النهاية توصلت اللجنة المكلفة بدراسة وتقييم ربط وتحصيل ضريبة القات، إلى وجود عدد كبير من الاختلالات والمخالفات القانونية أثناء عملية التحصيل في المركز. (أنظر الوثيقة رقم "11"، المرفقة أدناه، والتي تظهر أبرز تلك الاختلالات والمخالفات القانونية)
وفي نهاية تقريرها، خلصت اللجنة إلى تقرير: "عدم وجود آلية تحصيل مجدية لضريبة القات مبنية على أسس علمية مستمدة من واقع كل مركز تحصيل على حده".
ربط أكبر..وما زال التحصيل أقل!!
وعلى ضوء دراستها الميدانية، المستمدة من عملية النزول الميداني، توصلت اللجنة إلى تحديد أرقام تقديرية لحجم الربط المطلوب، كعلاج أولي لمعالجة النزيف المالي المستمر في إهدار الملايين من ضريبة مبيعات القات..
وقد حصل "يمن شباب نت"، على الوثيقة الرسمية الصادرة عن اللجنة المذكورة بهذا الشأن، تحت عنوان "تقييم ربط ضريبة مبيعات القات على مستوى كل مركز تحصيل". وتضمنت الوثيقة ما أقرته اللجنة من مبالغ ربط على مستوى اليوم والأسبوع والشهر، وعلى مستوى كل مراكز من مراكز التحصيل التسعة.. (أنظر الوثيقة رقم "12"، المرفقة أدناه، الموضحة لتقييم الربط بناء على النزول الميداني إلى مراكز التحصيل من قبل اللجنة المكلفة من المحافظ)
وكما نلاحظ من الوثيقة أعلاه، فإن حجم إجمالي الربط الذي حددته اللجنة بعد النزول الميداني، وفقا لدراسة كل مركز تحصيل، جاء على النحو التالي: -
- 2,800,000 ريال، إجمالي الربط اليومي من كافة المراكز؛
- 19,600,000 ريال، إجمالي الربط الأسبوعي؛
- 86,800,000 ريال، إجمالي الربط الشهري.
مع ملاحظة أن هذا الربط- بحسب اللجنة- هو للفترة التي يقل (يشح) فيها القات..!!
أما الأن، وبعد هذا التحديد الجديد للربط اليومي والشهري، دعونا نجري مقارنة شاملة بين كل من: -
- الربط السابق؛ المحدد من قبل مدير الضرائب (لشهر أكتوبر 2019)- وثيقة رقم "9"
- الربط الجديد، المقر من قبل لجنة التقييم والربط (من نهاية 2019، ومطلع 2020)- وثيقة رقم "12"
- المبالغ المورده فعليا، في الشهر، (من خلال احتساب المتوسط الشهري لبيانات الربع الأول من العام الحالي: 2020)، وبالتالي مقارنتها بكلا الربطين السابقيين للحصول على الفوارق الضائعة من تحصيل إيرادات ضريبة مبيعات القات..
فمن خلال هذه المقارنة، سنعرف: ما الذي حدث فعليا على أرض الواقع؟ وما إذا كان قد تم الإلتزام فعلا بالربط المحدد، أم لا؟! وصولا إلى تحديد ومعرفة: حجم الفارق المهدر والضائع على مستوى اليوم والشهر؟
ولتسهيل هذه المهمة، قمنا بعرض البيانات على مخطط أنفوجرافك، يلخص تلك الأرقام، مع إجراء المقارنة فيما بينها، وفقا لما حددناه من عناوين أعلاه..
ومن خلال ذلك، حصلنا على الفوارق المطلوبة.. (أنظر الأنفوجرافك رقم "2" المرفق أدناه)
من البيانات والأرقام الأولية (الرسمية)، والإحصائيات الإجمالية المستقاة منها، توصلنا- وفقا لما هو معروض في الانفوجرافك أعلاه- إلى الفوارق الأتية: -
- 29,424,000 ريال؛ هو إجمالي الفارق الشهري بين الربط المقر من قبل اللجنة المكلفة بتقييم الربط، (والمحدد بـ: 84,000,000 ريال/ شهر)؛ وبين الربط المقترح من قبل المدير العام، (والمحدد بـ: 54,576,000 ريال/ شهر).
- 35,130,900 ريال؛ هو إجمالي الفارق الشهري بين الربط المقترح من المدير العام (54,576,000 ريال/ شهر)؛ وبين ما تم توريده فعليا (19,445,100 ريال/ شهر).
- 64,554,900 ريال؛ هو إجمالي الفارق الشهري بين الربط المقدر من قبل اللجنة (84,000,000 ريال/ شهر)؛ وبين ما تم توريده فعليا (19,445,100 ريال/ شهر).
وباستخدام النسب المئوية، فإن هذا يعني: -
- أن الربط الشهري المقترح من المدير العام، يقل بنسبة 35% عن الربط الشهري المقدر من قبل اللجنة !!
- أن ما تم توريده فعليا، يساوي 35% فقط، من حجم الربط الشهري المقترح من المدير العام!!
- بينما أن ماتم توريده فعليا، لا يساوي سوى 23% فقط، من حجم الربط الشهري المقدر من قبل اللجنة !!.
وعلى هذا المنوال، يمكن حساب إجمالي فوارق وخسائر الخمسة الأشهر الأولى من العام الجاري (التي تلت الربطين المشار إليهما)، فقط، حيث ستصل الخسائر خمسة أضعاف ما سبق..!!
مزيد من التراجع والمخالفات
ورغم التوصيات التي وجهتها لجنة تقييم ربط وتحصيل ضريبة القات لمكتب الضرائب بشأن تحسين الرصد اليومي والانتظام في عملية التوريد، إلا أن الوضع لم يتغير، بل زاد إلى الأسوأ، وفقا لما كشفته وثائق وكشوفات أخرى حصل عليها "يمن شباب نت".
فعلى سبيل المثال، يكشف تقرير خاص بتحصيل ضريبة القات لشهر مارس الماضي (2020)، أن إجمالي الحصيلة الفعلية لهذا الشهر بلغت: (23,697,500) ريال، محصلة من سبعة مراكز تحصيل، من أصل 11 مركزا في المناطق المحررة والخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
(انظر الوثيقة رقم "13" المرفقة أدناه، التي توضح حجم التحصيل لضريبة القات، الموردة عن كل مركز لشهر مارس 2020، وبعض الملاحظات عليها).
وإذا ما عدنا إلى الوثيقة الأولى (وثيقة رقم "1"، المرفقة أعلاه)، سنجد الأرقام الخاصة بشهر أبريل (2020)، أي الشهر التالي مباشرة، لنكتشف حصيلة ضريبة مبيعات القات تراجعت إلى 17,214,950 ريال- (أي بنقص 6,482,550 ريال يمني عن شهر مارس).
أما إجمالي ايرادات ضريبة القات منذ يناير وحتى مارس الفائت، (أي الربع الأول من العام 2020) فتبين الوثيقة نفسها (وثيقة رقم "1") إلى أنها بلغت: 67,017,750 ريال، وبإضافة حصيلة شهر أبريل إليها، بلغت: 84,232,000 ريال.
وهذه الأرقام بقدر ما تكشف وجود تراجعا كبيرا في التحصيل، وهذا ما كنا نرمي إلى إثباته، إلا أنها أيضا- من جهة أخرى- تجعلنا نكتشف أيضا وجود بعض الإختلافات في بعض الإحصاءات الإجمالية بين وثيقة وأخرى من الوثائق الرسمية التابعة لمكتب الضرائب نفسه. وهذا ما كنا أشرنا إليه في إحدى الفقرات أعلاه.
فمثلا هذا الرقم (67,017,750 ريال) الذي ورد ضمن الوثيقة رقم "1" الصادرة عن مكتب الضرائب في 14 مايو 2020؛ يختلف قليلا عن الرقم (67,408,969 ريال) الذي ورد في مذكرة الوكيل الأول للمحافظة (وثيقة رقم "2" أعلاه) في 7 مايو 2020؛ كما يختلف الرقمان عن الرقم (58,335,335 ريال) الذي ورد في مذكرة مدير الشئون القانونية بمكتب الضرائب (وثيقة رقم "7") في 9 أبريل 2020، على الرغم أن جميعها تتحدث عن حصيلة الربع الأول (يناير، فبراير، مارس) من العام الجاري (2020)..!!
ربما هذا يعني أن هناك أكثر من وثيقة بأرقام مختلفة، كطريقة يعتمدها مكتب الضرائب بهدف التلاعب بالأرقام أمام الجهات الرسمية والرقابية، أو ربما أن هناك أمور أخرى نجهلها..!!
ذروة الفساد والإهدار المالي
هنا، يمكن القول أن ذروة الفساد والإهدار المالي لضريبة القات، بات هو المساحة الفاضلة أمامنا لكشف أكثر التفاصيل إثارة، من خلال الأرقام الكبيرة التي تتجاوز كل ما سبق من أرقام، وتجعل منها مجرد لعب بسيط على المكشوف..
كنا قد أعتمدنا في السابق على مبالغ الإيرادات المتوافرة معظمها في كشوفات مكتب الضرائب، أو بناء على مذكرات رسمية؛ ومقارنتها بالأرقام الواردة بالربط اليومي المحدد بالمزايدة؛ أو بالربط الذي تم تحديده لاحقا من قبل مدير مكتب الضرائب نفسه، أو الربط التصحيحي اللاحق عن طريق لجنة التقييم والربط المشكلة من قبل المحافظ الحالي..الخ
إلا أننا هنا، سنضع كل ذلك جانبا، وننتقل إلى كشف حقيقة ما يتم تحصيله فعليا، خارج الكشوفات الرسمية وبعيدا عن الرقابة، والذي سنكتشف أنه أكثر بكثير من كل تلك الأرقام المقيدة في الكشوفات الرسمية..!! الأمر الذي يؤكد تورط مكتب الضرائب بتعز بفساد مالي من العيار الثقيل جدا..!!
ويعزز هذه الفرضية الكثير من الأدلة، سواء عبر ما تقدمه الوثائق الرسمية، أيضا، أم عبر ما تم التأكد منه عمليا على أرض الواقع، مؤخرا، كما سنلاحظ. حيث أن الحقيقة المرة الأكبر، ستتعدى كل تلك الأرقام بنسب تتجاوز أحيانا نسبة الـ200%..!!
ودعونا في البداية نمهد للأمر بذكر أحد الأدلة (القياسية) التي ظهرت مؤخرا: حين سُمح للمتعهد الفائز بالمزايدة "محمد أحمد الحاشدي" بتحصيل ضريبة القات في مركز الضباب (فقط)، في 15 يونيو الفائت، تمكن من تحصيل وتوريد مبلغ 2,355,800 ريال في يوم واحد فقط.
ومن خلال كشف اليومية لحصيلة ضريبة القات يظهر أن المبلغ المذكور يمثل حصيلة ضريبة مبيعات القات لعدد 27 موردا. وبحسب مصدر مسئول، فقد جرى توريد تلك الحصيلة إلى البنك المركزي مباشرة. (أنظر كشف اليومية المرفق أدناه- وثيقة رقم "14"، والتي توضح مبالغ ضريبة مبيعات القات المحصلة من كل مورد قات دخل إلى تعز في ذلك اليوم)
ومع أن هذا الرقم يعد كبيرا، بالمقارنة مع ما يتم تحصيله يوميا من قبل متحصلي مكتب الضرائب بتعز، إلا أنه في الحقيقة، لا يساوي سوى نصف ضريبة القات المفترض تحصيلها على أرض الواقع..!!
وهذا ما كشفته آخر اللجان التي شكلها محافظ تعز، نبيل شمسان، الذي من المؤكد أنه أحيط علما بكافة الحقائق المتعلقة بما يجري من فساد في هذا الجانب، ومع ذلك فهو لا يجد حلولا نهائية، أكثر من مواصلة هذه اللعبة: تشكيل اللجان الميدانية، التي ترفع تقاريرها إليه بالمخالفات وتقديرات الربط اليومية والشهرية المفترضة..!!
ومع ذلك، دعونا- هذه المرة أيضا- نرى، ونكتشف إلى أين وصلت نتائج هذه اللجنة الأخيرة، أيضا؟!..
10% فقط من الحقيقة
في العشر الأوآخر من شهر يونيو/ حزيران الماضي، نزلت اللجنة الجديدة المشكلة من قبل المحافظ، إلى مراكز التحصيل، ومعها نزل "شباب الرقابة المجتمعية"، الى تلك المراكز للتحقق من عميلة تحصيل إيرادات ضريبة القات، وتحديد مقدار المبالغ، وقيمة الضريبة الحقيقية، التي يتم تحصيلها يومياً من قبل متعهدي الضريبة المتعاقدين مع مكتب الضرائب.
ومن خلال ما نشره فريق "شباب الرقابة المجتمعية"، على مواقع التواصل الإجتماعي، حول نتائج تلك العملية الميدانية، وجدنا أن الأرقام زاد حجمها بشكل أكبر بكثير مما هي عليه في كشوفات مكتب الضرائب، أو حتى من تقديرات الربط اليومي للجان الميدانية السابقة..!!
ومن البيانات الميدانية اليومية الواردة في تقارير شباب الرقابة المجتمعية، المنشورة على صفحاتهم الخاصة بالفيسبوك، حصلنا على حجم التحصيل اليومي لفترة أسبوع كامل (22 – 28 يونيو الماضي)، وقمنا بتنظيمها في جداول خاصة توضح حصيلة كل يوم من الأيام السبعة الماضية..
(أنظر الجداول المرفقة أدناه.. الجدول على اليمين يوضح حجم التحصيل على مستوى كل مركز، خلال الأيام الثلاثة الأولى من النزول الميداني، بينما الجدول على اليسار يوضح إجمالي كل يوم من الأيام السبعة)
ومن خلال البيانات الواردة في الجداول أعلاه، تسنى لنا حساب المتوسط اليومي للتحصيل، (جمعنا إجمالي الأيام السبعة وقسمناها على عدد الأيام، للحصول على المتوسط الحسابي لمعدل التحصيل اليومي)، والذي يصل إلى مبلغ: 4,205,327 ريال/ يوم. أي أن هذا هو ما يفترض تحصيله يوميا من ضريبة القات.
وبالتأكيد، فإن هذا المبلغ يفوق مقدار الربط اليومي المحدد من قبل مدير الضرائب بنسبة 230%، بينما يفوق حجم الربط اليومي المحدد من قبل اللجنة السابقة (لجنة ديسمبر 2019) بنسبة 150%..!!
وقال فريق "شباب الرقابة المجتمعية" إن هذه المبالغ، التي تم تحصيلها من قبل اللجنة المكلفة من قبل المحافظ، "تكشف عن حقيقة هذا الوعاء الضريبي"، وأنه بمقارنتها مع مقدار المبالغ المحصلة يوميا من ضريبة القات، ومقدار ما يتم توريده الى خزينة الدولة من قبل المتعهدين، فإن هذه الأخيرة "لا تساوي سوى 10% من قيمة المبالغ المحصلة في الواقع"..!!
يأتي ذلك، في حين أن عملية التحصيل هذه، التي أشرفت عليها وراقبتها اللجنة الأخيرة (يونيو 2020)، شابها الكثير من المخالفات والمشاكل، بحسب ما ذكر فريق "شباب الرقابة المجتمعية"..!!
وقد قمنا بعملية تلخيص تلك المخالفات والمشاكل، الواردة في تقارير المجموعة، بشكل نقاط، في إطار مخطط بياني تفصيلي. (أنظر الأنفوجرافك رقم "4"، المرفق ادناه، والذي يوضح بالتفصيل نوعية المخالفة/ المشكلة، وفقا للمراكز التحصيلية التي وقعت فيها).
ما يعني أنه لو تمت معالجة هذه الإشكاليات ومنع تلك المخالفات، لوصل الرقم إلى أكثر من ذلك بكثير. وهو ما أشار إليه فريق "شباب الرقابة المجتمعية، الذي طالب محافظ تعز نبيل شمسان، "بسرعة معالجة الإشكالات في مراكز التحصيل، التي تشهد شحة في التحصيل بسبب المتحصلين، أو التهريب الذي يحدث"،..."وذلك لمعرفة حجم التحصيل اليومي الحقيقي، وقياس الربط اليومي وفقا لذلك، كما هو أولا وأخيرا للحفاظ على المال العام وتنمية موارد السلطة المحلية بمحافظة تعز".
ليس إلا "فتات"
ويرى مدير عام الموارد المالية بمحافظة تعز، الأستاذ "علي راوح"، أن مبلغ ضريبة مبيعات القات المورد منذ مطلع العام حتى شهر أبريل الماضي "عبارة عن فُتات، ولا يضاهي ما يتم تحصيله شهريًا" بشكل فعلي.
وأضاف لـ"يمن شباب نت" أن "محصول ضرائب القات لا يقل عن 3 مليون ريال يوميًا، وهذا المبلغ كحد أدنى مقبول، ويمكن تحصيله في ذروة شحة القات"، مشيرا إلى أن ضريبة مبيعات كانت تصل سابقا إلى 6 مليون و200 ألف ريال بشكل يومي.
وأكد راوح على أن "موارد الدولة في كل مكاتب المحافظة الايرادية، جميعها إيرادات مهدرة، ويتسبب بها القائمون على عملية التحصيل".
من جهته، أيضا، يؤكد مدير فرع البنك المركزي في تعز "معاذ البركاني"، على تراجع ايرادات الضرائب في المحافظة، وذلك "على عكس ما كانت عليه الأعوام الماضية".
وكشف لـ"يمن شباب نت" أنه لم يتم توريد أي مبالغ في هذا الجانب، منذ نحو قرابة شهر..!! منوها إلى أن "أخر مرة تم توريد ايرادات الى البنك كان نهاية الشهر الفائت". (أخذت منه هذه التصريحات في شهر يونيو الماضي).
أخيرا.. لماذا السكوت؟ وإلى متى؟
قبل أن نختتم هذا التحقيق، دعونا نقتبس من تقرير فريق "شباب الرقابة المجتمعية، الأخير، هذا التنويه:
"ننوه إلى وجود عراقيل مستمرة أمام اللجنة المكلفة من المحافظ، والتي دعونا سابقا محافظ تعز بسرعة معالجتها، كما فعلت اللجنة في تقاريرها الميدانية أيضا، لكن الصمت- للأسف- جعل العراقيل تتضخم، حتى وصل الأمر حد تهديد حياة بعض أعضاء اللجنة من قبل محسوبين على مدير مكتب الضرائب، وكذا اختطاف لجنة مركز السمسرة، كما قام مدير مكتب الضرائب اليوم بالتحفظ على حوافظ التوريد؛ حتى يمنع اللجنة من توريد المبالغ الى البنك المركزي .. كل ذلك ومازال الصمت مستمرا".
وعند هذه اللحظة الحرجة، والمحرجة، نتسائل: بعد كل هذا الفساد الصارخ، والواضح للجميع؛ هل ما زال محافظ تعز بحاجة إلى مواصلة "لعبة" تشكيل لجان فحص ومراقبة أخرى، حتى يتسنى له التأكد من أن هناك قرارات يجب أن تُتخذ للحفاظ على المال العام المهدر، والمنهوب..؟!
والأهم: إلى متى ستستمر هذه المهزلة؟ وعلى أي نحو يمكن تفسير ما يحدث؟!