أثارت الحملة التسويقية الأخيرة لسلسلة محلات "زارا" (ZARA) التجارية لملابس الموضة السريعة، غضباً على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بعد نشرها صوراً من جلسة تصوير دعائية وجد نشطاء ومتابعون أنها تقلل من معاناة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة ضمن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من شهرين متواصلين.
جلسة التصوير اعتبرها النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مستوحاة من الإبادة الجماعية، إذ بدا وكأنها تظهر جثامين محمولة وأخرى ملقاة على الأرض، فضلاً عن توابيت للموتي، ودمار ركام متناثر بالمكان، ما دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى مهاجمتها وانتقادها والدعوة إلى مقاطعتها.
هذه الحملة ضد العلامة التجارية العالمية ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن ترددت دعوات بمقاطعة "زارا" لعدة أسباب خلال السنوات الماضية، وذلك إما لتورط الشركة في صفقات عمالة غير أخلاقية ولا إنسانية، أو لانخراطها في نمط من التصنيع السريع الذي يستغل العمالة القسرية، وصولاً إلى دعمها لليمين المتطرف في دولة الاحتلال الإسرائيلي!
انتقاد عارض أزياء فلسطيني في 2021
في يونيو/حزيران عام 2021، دخلت فانيسا بيرلمان، كبيرة مصممي القسم النسائي في شركة زارا، في جدال عنيف عبر الإنترنت مع عارض الأزياء الفلسطيني قاهر حرحش، بسبب مناصرته للفلسطينيين في حرب الاحتلال التي شنها على قطاع غزة.
وكتبت بيرلمان إلى حرحش على إنستغرام عبر الرسائل المباشرة قبل أن يقوم عارض الأزياء الفلسطيني بتداول الرسائل "ربما لو كان شعبك متعلماً، فلن يفجروا المستشفيات والمدارس التي ساعدت إسرائيل بتمويلها في غزة".
حينها، قالت شركة إنديتكس Inditex المالكة لعلامة زارا التجارية، إنها "لا تقبل أي عدم احترام لأي ثقافة أو دين أو بلد أو عرق أو معتقد".
وتابعت الشركة: "زارا شركة متنوعة ولن نتسامح أبداً مع أي تمييز من أي نوع. نحن ندين هذه التعليقات التي لا تعكس قيمنا الأساسية المتمثلة في احترام بعضنا البعض، ونأسف للإساءة التي تسببت فيها". بينما لم تقدم الشركة أي خطط لتأديب المصممة أو معاقبتها.
وبدا أن بيريلمان تراجعت عن موقفها بعد أن انتشرت تعليقاتها على نطاق واسع، وكتبت إلى حرحش معبرة عن أسفها في رسائل مباشرة شاركها حرحش أيضاً على إنستغرام قائلة: "حسناً، أعتقد أن الأمر يعود إلى القول المأثور الذي قالته جدتي وهو أن الغضب هو بداية الحكم السيئ. أنا آسفة جداً. وآمل حقاً أن تسامحني".
وقال حرحش آنذاك إن شركة زارا هي من طلبت منه نشر اعتذار المصممة له.
دعم اليمين المتطرف في إسرائيل
كما سبق أن تكررت دعوات بمقاطعة شركة الملابس الإسبانية العملاقة، ففي أكتوبر/تشرين الأول عام 2022، بعد أن استضاف صاحب فرع العلامة في إسرائيل، اليميني المتطرف إيتمار بن غفير في مقر إقامته.
واستضاف جوفي شوفل، صاحب امتياز الفرع الكندي الإسرائيلي لمجموعة أزياء Inditex، المالكة لشركة زارا، السياسي الإسرائيلي المتطرف في إطار حدث انتخابي استضافه في منزله.
تجدر الإشارة إلى أن إيتمار بن غفير كان يقود حزب "هوتسما يهوديت" القومي المتطرف في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، وقد تكررت دعوته للعنف ضد المواطنين الفلسطينيين، وقاد بنفسه مستوطنين متطرفين في عدد من الاقتحامات للمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح في القدس الشرقية.
وانتقد نشطاء ومسؤولون عرب وفلسطينيون شركة زارا بسبب هذا الدعم الواضح لليمين المتطرف، وأصدر رئيس المحكمة العليا الفلسطينية فتوى دينية تمنع الناس من التعامل مع الشركة ودعا لمقاطعتها، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا.
استغلال العمالة القسرية لمسلمي الإيغور
في سياق متصل، تم تدشين شكاوى رسمية في فرنسا ضد عمالقة الملابس بما في ذلك شركة يونيكلو وشركة إنديتكس المالكة لشركة زارا بزعم التربح من العمل القسري لأقلية الأويغور في الصين.
وتضمنت الشكوى المقدمة مايو/أيار عام 2023 الجاري، اتهامات للشركات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وترويج العبودية والإبادة الجماعية والاتجار بالبشر. في المقابل، نفت الشركات استخدام العمل القسري في سلاسل التوريد الخاصة بها.
وقد تم تقديم الشكوى من قبل جمعية مكافحة الفساد شيربا، ومجموعة الأخلاقيات على الملصقات، ومعهد الإيغور الأوروبي، إضافة لامرأة من الإيغور كانت محتجزة في معسكر بمنطقة شينجيانغ في أقصى غرب الصين.
وهي الاتهامات التي تسببت في ظهور موجة من الدعوات العالمية بمقاطعة هذه العلامات التجارية وعدم استهلاك منتجاتها إلا بعد إثبات عدم تورطها رسمياً.
المصدر: عربي بوست