تتعرض السواحل اليمنية لضغط مفرط على قطاع الصيد بما فيه من استنزاف عشوائي للثروة السمكية من قبل شركات أجنبية ومحلية، ولا سيما في محافظة المهرة شرقي البلاد، وسط استغلال حالة الانقسام والصراع المستمر الذي تشهده البلاد منذ نحو ثماني سنوات، بينما يعاني الصيادون محدودو الموارد من صعوبات بالغة في أعمالهم.
وأدى تنامي الصيد الجائر في عموم سواحل اليمن، التي تزيد عن 2200 كيلومتر، إلى تراجع عائدات أحد أهم النشطة الاقتصادية في الدولة، فيما تتجه السلطات المحلية في بعض المناطق إلى وضع آلية لتنظيم الصيد، في خطوة يراها ناشطون في قطاع الصيد جاءت متأخرة كثيراً لكنها ضرورية للحفاظ على ثروات البلاد.
وصرح مسؤول في محافظة المهرة لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، بأنّ سواحل المحافظة تعرضت لانتهاكات خطيرة خلال الفترة الماضية، إذ شهدت توسعاً كبيراً للاصطياد الجائر والجرف العشوائي للأسماك، خصوصاً الأنواع التجارية.
وأضاف المسؤول أنّ هناك ضرورة لتكاتف جميع الجهات المعنية وتكاملها، بما يؤدي إلى تفعيل دور الرقابة البحرية ومنع استخدام الوسائل المحظورة قانونياً في عملية الاصطياد، وأيضاً البحث في الأسباب التي أدت إلى توسع هذه الظاهرة وتنفيذ برامج فاعلة لمساعدة الصيادين، والعمل على استكمال المشاريع الخدمية والتنموية التي تساهم في تطوير البنية التحتية وتنظيم مصائد الأسماك.
وتؤكد السلطة المحلية في المهرة ضرورة مكافحة الصيد الجائر وتتبع المخالفين، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم للقضاء على مظاهر استنزاف الثروات.
ورصدت "العربي الجديد" الوضع في سواحل المهرة، واستطلعت آراء صيادين ومسؤولين في جمعيات ومؤسسات عاملة في الاصطياد والإنتاج السمكي، فتبين أنّ هناك تزايداً كبيراً لسفن الصيد الآتية من دول مجاورة منذ بداية عام 2202، في ظل ضعف الإجراءات والرقابة المحلية في هذه السواحل الشرقية لليمن، إذ تسببت في تبديد نسبة كبيرة من الموارد السمكية في سواحل المهرة تقدر بأكثر من 35%.
يقول عمور الحيافي، وهو مسؤول في جمعية أهلية للصيد البحري في المهرة، لـ"العربي الجديد"، إنّ تحركات السلطة المحلية لم تأتِ إلّا بعد مناشدات متواصلة منذ منتصف العام الماضي من الصيادين التقليديين من أبناء المهرة، الذين يشاهدون منذ أشهر ما تتعرض له سبل عيشهم ومصادر رزقهم من عبث الشركات التي تنتهك مناطق الاصطياد في سواحل المحافظة، وتقوم بجرف واسع للأسماك بصورة مفرطة ومدمرة.
ويعد صيد الأسماك إلى جانب الزراعة وتربية الثروة الحيوانية من أهم الأنشطة الرئيسة التي يمارسها سكان المهرة، إذ تقع المحافظة على شريط ساحلي، يمتد 500 كيلومتر، غني بالأسماك والأحياء البحرية.
ويؤكد هارون حارث، وهو صياد، لـ"العربي الجديد"، أنّ الصيادين التقليدين أبرز ضحايا ما تتعرض له سواحل المهرة من عبث وانتهاك واستباحة من قبل شركات صيد محلية وأجنبية تستخدم أدوات ومعدات حديثة في الصيد، في حين لم يجدوا كصيادين ما يصطادونه بسبب هذه الممارسات.
وتقدر آخر بيانات رسمية صادرة قبل الحرب في اليمن حجم الإنتاج الأسماك والأحياء البحرية في محافظة المهرة بنحو 92.7 ألف طن، في حين يصل عدد الصيادين إلى حوالي 7 آلاف صياد وما يقرب من 20 جمعية عاملة في مجال الصيد البحري بالمحافظة، إضافة إلى أكثر 3 آلاف قارب.
ويعتبر الناشط الاجتماعي قوس بن مثنى، وهو من سكان محافظة المهرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الصيد البحري من الأعمال الرئيسية التي يمتهنها سكان المهرة، داعياً السلطات المعنية في المحافظة والحكومة اليمنية إلى التصدي للتهديدات التي تطاول مصادر وسبل عيش أكبر فئة سكانية تعمل في مجال الصيد، إذ ساهمت الأزمات وهذه الأعمال غير المشروعة في الإضرار بأرزاق الصيادين، ودفعت كثيرين منهم إلى التوقف عن ممارسة مهنة الصيد بعدما عادوا كثيراً من البحر خلال الفترة الماضية بشباك شبة فارغة من الأسماك.
ووفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، فإنّ أغلب المرافق والبنى التحتية السمكية في اليمن إما في حالة سيئة أو جرى تعليق العمل بها بسبب النزاع، وهو ما أثر على سبل المعيشة لأكثر من نصف مليون شخص يعيشون في المناطق الساحلية ويعتمدون على البحر لتوفير الغذاء والمال لأسرهم.
العربي الجديد