أثارت اللائحة الخاصة بالقائمة السوداء للشركات الصادرة عن البنك المركزي اليمني في عدن، الكثير من الجدل بالنظر إلى طبيعة عمل هذه المؤسسات والموقع الجغرافي الذي تعمل فيه، إذ يقع معظمها في مناطق سيطرة الحوثيين.
وأدرج البنك المركزي اليمني في عدن نحو 12 شركة ومؤسسة تجارية في القائمة السوداء للإرهاب استناداً للقانون اليمني رقم (1) لعام 2010 وتعديلاته بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتجميد كافة حساباتها وحظر المعاملات التجارية والمالية معها.
وأكدت مصادر مصرفية مطلعة في البنك المركزي اليمني في عدن، فضلت عدم ذكر هويتها، لـ"العربي الجديد"، أن البنك المركزي لم يتخذ هذه الخطوة إلا بعد التحقق والتأكد من أنشطة وأعمال هذه الكيانات والأفراد الذين يديرونها وأيضاً استناداً إلى قرار من النيابة العامة، وهو ملزم يتوجب سرعة تنفيذه.
ويرى خبراء اقتصاد أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها حظر التعامل مع شركات مقربة من الحوثيين، ولكن بالنظر لغياب الرؤية الواضحة للتعامل مع الملف الاقتصادي، فإن هذه الخطوات سرعان ما تبوء بالفشل.
يؤكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة أهلية) مصطفى نصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك قضية أساسية ينبغي النظر إليها بجدية تتمثل في ضرورة تحييد الاقتصاد عن الصراع وعدم استخدامه كأداة وهذا لا يعني عدم محاسبة أية شركات تتورط في دعم العنف والفساد أو ممارسة غسل الأموال، مشيراً إلى خطورة استخدام الاقتصاد كأداة من أداة الصراع وانعكاس ذلك سلباً على حياة الناس الذين يدفعون ثمن هذه الحرب منذ ثمانية أعوام.
وعلى الرغم من صعوبة فصل الواقع السياسي عن الاقتصادي، يشدد نصر على أهمية وضع حياة الناس ومعيشتهم كأولوية عند اتخاذ بعض القرارات. ويوضح رئيس مركز الإعلام الاقتصادي أنه في حال اتخاذ قرارات ضد القطاع الخاص يجب أن تكون وفقاً لحيثيات واضحة حتى لا يتحول الأمر إلى تصفية حسابات على حساب القطاع الخاص ومؤسساته.
وتبرر جهات ومؤسسات نقدية ومالية حكومية ما تتخذه من إجراءات وقرارات في هذا الخصوص، في سياق ما تراه من ضرورة التركيز لرفع الوعي تجاه جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكيفية مكافحتها وفق القوانين المختصة بذلك.
في السياق، يشرح نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق في الحكومة اليمنية مطهر العباسي أنّ القرار بحد ذاته مهم لإصلاح وتطوير السوق النقدية والمصرفية، لذا كان يجب أن يشمل جميع المناطق اليمنية وليس التركيز على مناطق معينة تقع تحت سيطرة الحوثيين.
ويرى العباسي أن هذه الخطوة قد تأتي في إطار الجهود التي تبذلها حكومة عدن في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك استناداً إلى عمل رئيس مجلس إدارة البنك المركزي اليمني أحمد غالب، والذي يشغل أيضاً منصب رئيس لجنة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وحسب خبراء في القانون اليمني، فإنّ تحديد مثل هذه القوائم واتخاذ مثل هذه الإجراءات يجب أن يصدر من جهات مختصة كالنيابة العامة، تسرد فيها حججها وبراهينها، حسب القوانين اليمنية النافذة في استصدار قوائم سوداء بأفراد وكيانات تحظر التعامل معها، إضافة إلى ضرورة أن تكون قائمة وطنية شاملة تشمل جميع محافظات البلاد.
ويرى مسؤول في اللجنة اليمنية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أنّ هناك أهمية في إطار ما نفذته الحكومة اليمنية من إصلاحات اقتصادية لإلزام مؤسسات الأعمال والشركات والبنوك بالمعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تجنباً للعقوبات المحلية والدولية التي قد تفرض عليها في حالة الإخلال بالضوابط الرقابية المفروضة عليها.
تبرر جهات ومؤسسات نقدية ومالية حكومية ما تتخذه من إجراءات وقرارات في هذا الخصوص، في سياق ما تراه من ضرورة التركيز لرفع الوعي تجاه جريمة غسل الأموال
ويرى الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ قرار اللائحة السوداء خطوة جيدة، لكنّ الأهم يتمثل في جدية البنك المركزي في عدن على تطبيق مثل هذه القرارات في مناطق أخرى بالنظر إلى عدم قدرة وفعالية أدواته على ضبط السوق النقدية والصرافين في مناطق عمله التابعة للحكومة اليمنية.
ويتحدث العوبلي أنّ مثل هذا القرار بالرغم من أهميته قد لا يكون أكثر من حبر على ورق، مشككاً في قدرة البنك المركزي اليمني في عدن على تنفيذ مثل هذه القرارات.
ويعيش اليمن مؤخراً على وقع صراع في القطاع النفطي وإقدام الحوثيين على استهداف موانئ لتصدير النفط في مناطق الحكومة اليمنية كما حدث ذلك في حضرموت وشبوة جنوب اليمن.
ويرى مراقبون أن القطاع الخاص في اليمن يعتبر الضحية الأبرز في معمعة الصراع الدائر في اليمن والذي تركز مؤخراً في الجانب الاقتصادي. ويرى مدير إحدى الشركات النفطية، عدنان الحميدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ مثل هذه القرارات الارتجالية تضر بسمعة شركات نفطية يمنية بسبب القائمة السوداء التي صنفها البنك المركزي في عدن.
وتؤكد الحكومة اليمنية استمرارها في اتخاذ الإجراءات المناسبة لتأمين المصالح الحيوية والمنشآت الاقتصادية من تهديدات الحوثيين، وحماية الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة وحركة التجارة العالمية.
العربي الجديد