أطلق القطاع الخاص رؤية شاملة لإعادة الإعمار في اليمن تتضمن مشاركته في بناء ورسم السياسات العامة والخطط ذات الأولوية بجهود إعادة الإعمار كونه ومؤسساته المختلفة الأكثر دراية باحتياجات التشغيل والإنتاج والنمو الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة.
وحددت الرؤية التي اقترحتها الغرف التجارية والصناعية، وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، القطاعات ذات الأولوية لخطة إعادة الإعمار التي بالإمكان تنفيذها بنظام الشراكة مع الحكومة اليمنية، كمشاريع إعادة إعمار البنية التحتية والإسكان والكهرباء والطاقة، إضافة إلى قطاعات التعليم، المياه والصرف الصحي والصحة.
ويقول القطاع الخاص إن بإمكانه المساهمة في توفير جزء من التمويل اللازم لعملية الإعمار سواء عن طريق الجهاز المصرفي الرسمي، أو عبر وسائل أخرى، كإنشاء الشركات المساهمة أو الاستثمار في السندات الحكومية والصكوك وغيرها من وسائل التمويل.
مدير عام الاتحاد اليمني للغرف التجارية والصناعية محمد قفلة يقول لـ"العربي الجديد"، إن القطاع الخاص في اليمن تعرض لأضرار وخسائر فادحة طوال سنوات الحرب الدائرة، ودفع ثمنا كبيرا على كافة المستويات.
ويشرح قفلة أن الهدف من الرؤية التي أطلقها الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية بصفته أرفع مؤسسة تمثل القطاع الخاص في اليمن، تتمثل في تجهيز وتأهيل القطاع الخاص اليمني لهذه المرحلة من إعادة الإعمار لأنها متعلقة بدرجة أساسية بالبنية الأساسية، لذا لا بد، وفق قوله، من حل المشاكل التي يعاني منها القطاع الخاص لكي يتمكن من المساهمة في مشاريع إعادة الإعمار.
وترى مؤسسات القطاع الخاص أنها قادرة على المساهمة بفاعلية في توفير السلع ومستلزمات الإنتاج والخدمات اللازمة لإعادة الإعمار، وبالتالي فإنه من المهم توفير الظروف الملائمة للقيام بوظيفة الإمداد لاحتياجات المشاريع ذات العلاقة بإعادة الإعمار.
إلى جانب التأثيرات الإنسانية الكبيرة التي خلفها الصراع في اليمن خلال السنوات الماضية والتي جعلت البلد يعيش أسوأ أزمة إنسانية على المستوى العالمي، تشير العديد من التقارير إلى أن تضرر البنية التحتية الأساسية بصورة كبيرة ساهم في تراجع النشاط الاقتصادي الكلي والقطاعي، وساهم في فقدان الوظائف ومحدودية فرص التوظيف الجديدة خلال سنوات الحرب، الأمر الذي أدى إلى زيادة معدلات البطالة إلى حوالي 32% من إجمالي القوى العاملة في الاقتصاد في 2020 مقارنة بحوالي 13.5% في 2014.
ويؤكد مستشار الاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية منصور البشيري، لـ"العربي الجديد"، أن الاحتياجات التنموية في اليمن زادت كثيراً خلال الأعوام السبعة الماضية من عمر الحرب، سواء من حيث الكميات أو النوعية، حيث إن الصراع أدى إلى تدمير وتعطيل جزء كبير من البنى التحتية والمؤسسية العاملة في شتى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية اليمنية.
ومع التأكيد على أهمية شمول جهود إعادة الإعمار كل القطاعات والبنى التحتية والمؤسسية، غير أن البشيري يرى أن هناك الكثير من القيود التي تحول دون تحقيق ذلك، وبالأخص القيود المالية والتمويلية وقيود الخبرات الفنية المتاحة وغيرها من القيود والتحديات.
يمثل قطاع الكهرباء والطاقة الأولوية الرئيسية بين القطاعات الاقتصادية المختلفة والذي يجب أن يحظى بامتيازات عند إعادة الإعمار، كما تتطرق رؤية القطاع الخاص، كون هذا القطاع المحرك الرئيسي لبقية القطاعات والأنشطة الاقتصادية.
كما يمثل توفير التمويل الاستثماري طويل الأمد أحد أهم التحديات إن لم يكن أكبرها على الإطلاق التي يمكن أن تواجهها عمليات إعادة الإعمار في اليمن.
وقدر البنك الدولي كلفة إعادة الإعمار لما خلفته الحرب في اليمن بـ25 مليار دولار، حسب مديرة مكتب اليمن في البنك الدولي تانيا مير، في شهر يونيو/ حزيران الماضي.
ويقترح الاتحاد اليمني للغرف التجارية والصناعية عددا من الخيارات التي يصفها بالمثلى لإدارة التمويلات ذات العلاقة بأعمال إعادة الإعمار، منها إنشاء صندوق عام تشارك فيه الحكومة والقطاع الخاص والمانحين، إضافة إلى إنشاء بنك للاستثمار وإعادة الإعمار على شكل شركة مساهمة عامة تشارك فيه الحكومة والبنوك والأفراد بالتزامن مع إنشاء صناديق استثمارية متخصصة على مستوى المحافظات، وآخر ائتماني دولي بإشراف الدول والمنظمات المانحة.
الباحث الاقتصادي منير القواس يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن القطاع الخاص في اليمن يشعر بأن هناك تهميشا وتجاهلا كبيرا له من قبل الجهات الحكومية والمانحين ودول التحالف العربي التي أوكلت جزءا من هذه المهام إلى مؤسسات محلية لديها لتنفيذ مشاريع تنموية محدودة على شكل مساعدات إغاثية.
ويرى أن اليمن ومؤسسات القطاع الخاص تعاني بشكل ملحوظ من صعوبات وتحديات مؤسسية وإدارية ومالية وعدم القدرة على استيعاب وإدارة المخصصات مالية، إضافة إلى الوضعية المتردية لقطاع الأشغال والإنشاءات والمقاولات الوطنية التي تحتاج لمشاريع شراكة تعيد تأهيلها وتطوير قدراتها وتصفية ديونها لتقوم بدور مهم في مرحلة إعادة الإعمار خلال الفترة القادمة.
العربي الجديد