تتصدر محافظة شبوة النفطية جنوب شرقيّ اليمن واجهة الأحداث خلال الفترة الراهنة عقب قيام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بتغيير محافظ المحافظة محمد صالح بن عديو.
وتشهد المحافظة سلسلة من الأحداث والتجاذبات بين مكونات الحكومة اليمنية، نظراً لتركيز المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً على هذه المحافظة الاستراتيجية التي تعمل فيها عدد من القطاعات المنتجة، ومنها أهم وأكبر منشأة يمنية، ميناء بلحاف، لتصدير النفط والغاز. وتأتي هذه التطورات في ظل الصراع المتصاعد أخيراً على أهم مورد لليمنيين، وهو النفط.
التمهيد لعودة التصدير
تؤكد مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن مستجدات الأحداث العسكرية الأخيرة في المحافظة النفطية التي أعقبت تغيير المحافظ السابق محمد صالح بن عديو، ستمهد الطريق لإعادة تصدير النفط والغاز الطبيعي المسال عبر موانئ شبوة النفطية خلال الفترة المقبلة، بعد توقف منذ بداية الحرب الدائرة في اليمن منذ سبع سنوات.
وحسب المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، هناك مفاوضات جادة ومكثفة مع شركة "توتال" الفرنسية، المستثمر الرئيسي للغاز الطبيعي المسال في اليمن، لإعادة تصدير الغاز من حقول صافر في مأرب عبر ميناء بلحاف في شبوة.
وفي هذا السياق، يقول الخبير في الهيئة اليمنية لاستكشاف وإنتاج النفط، بكيل عبد الفتاح، إنّ هناك إمكانية لإعادة تصدير الغاز الطبيعي بعدما تمّ أخيراً وضع كل الترتيبات اللازمة لذلك، لكن الصعوبة ستكون في إعادة الإصلاح وتأهيل البنية التحتية الخاصة بالتصدير الواقعة في مناطق مواجهات ومعارك عسكرية متواصلة منذ بداية العام الحالي.
ويرى أنه قد يكون هناك تسوية مع الشركات المنتجة والمصدرة بخصوص الخسائر والتعويضات والعائدات المتوقعة للعقود المبرمة سابقاً مع الحكومة اليمنية، إذ إن هناك إمكانية لتخصيص جزء من الدعم الموعودة به الحكومة اليمنية من المانحين لإعادة تأهيل منشآت التصدير.
خطط مستقبلية
تعمل في محافظتي شبوة وحضرموت جنوب شرقيّ اليمن، وفق تقارير رسمية، 35 قطاعاً نفطياً، فيما يصل إجمالي عدد الحقول في مناطق الامتياز في اليمن نحو 105 حقول، منها 13 حقلاً تخضع لأعمال استكشافية و12 حقلاً منتجة وحوالى 81 حقل قطاعات مفتوحة للاستكشاف والتنقيب، أغلبها في المياه اليمنية، فيما يصل عدد الشركات العاملة في مجال الاستكشاف في اليمن حوالى تسع شركات، وهناك تسع شركات إنتاجية.
وعقد مجلس إدارة الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال في مدينة دبي مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2021، اجتماعاً دورياً نادراً برئاسة وزير النفط والمعادن اليمني، الذي يرأس بحكم منصبه رئيس مجلس إدارة الشركة، عبد السلام عبد الله باعبود، وبحضور شركاء المشروع (توتال إنرجيز، هنت، اس كي - هيونداي - كوجاز).
وناقش الاجتماع وفق مصادر مطلعة، لأول مرة موازنة الشركة لعام 2022، وخططها وبرامجها القادمة وعدداً من المواضيع التي تتعلق بنشاط الشركة وعملها، في الجوانب الإدارية والفنية والأمنية، إضافة إلى الوقوف أمام المتطلبات الحالية لتشغيل المشروع في ظل الأوضاع والظروف التي تشهدها اليمن.
ونوقشت إمكانية إعادة التصدير وتوسيع الاستثمار في أكبر المشاريع الاقتصادية اليمنية، مع كبرى الشركات العالمية، إذ عرض الجانب الحكومي التسهيلات التي يمكن أن تقدمها لتمكين الشركات العالمية المستثمرة في هذا المشروع من العمل والاستثمار، وإنجاز مهامها بما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني ودعمه.
ضغوط شديدة
يقول الباحث الاقتصادي عصام مقبل لـ"العربي الجديد"، إن هناك ضغوطاً شديدة مورست لتغيير المحافظ، منها منع الجهات الحكومية من أي إجراء لإعادة تصدير النفط والغاز في حقول اليمن المنتجة من شبوة تحديداً ومأرب المشتعلة بالمعارك المتواصلة منذ مطلع عام 2021.
ويشير إلى أن الاقتصاد اليمني في وضعيته المتأزمة الراهنة، يحتاج إلى أهم موارده المتمثلة بالنفط والغاز، إذ إن أي جهود وحتى تقديم دعم مالي دولي للحكومة لن يكون له أي جدوى في حال عدم وجود أي عائدات للحكومة التي تعتمد على هذا المورد الرئيسي الوحيد منذ عقود، إضافة إلى أن أي دعم دولي قد يقدم من التحالف أو غيره سيكون مقابل ضمانات، منها إعادة تصدير النفط والغاز، بحيث يكون تحت إشرافه بصورة تامة إلى جانب الحكومة اليمنية والشركات المنتجة والمصدرة.
وكانت الحكومة اليمنية قد كشفت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عن اتفاق لتسلّم شركة بترومسيلة للقطاع 5 (جنة هنت) المتوقف منذ سنوات من مجموعة المقاول (الشركاء) المشغلة للقطاع، واستئناف عملية الإنتاج في القريب العاجل، إلى جانب العمل على استعادة حقول نفطية أخرى.
ويقع حقل "جنة هنت" النفطي في مديرية عسيلان شماليّ محافظة شبوة، وهي إحدى المديريات الثلاث إلى جانب بيحان ورضوم التي سيطر عليها الحوثيون أخيراً.
وحسب وزارة النفط اليمنية، فإن بعض الشركات الأجنبية من أعضاء مجموعة المقاول استغلت فترة التوقف للقيام ببعض العبث المؤسسي في ملكية الحصص، الأمر الذي استدعى تدخل الوزارة للوقوف بحزم ضد العبث، حفاظاً على حقوق الدولة السيادية والعمل على استئناف عملية الإنتاج.
وبدوره يأمل المحلل الاقتصادي، عمر الغيلاني، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تؤدي مستجدات الأحداث الأخيرة في شبوة إلى استقرار الأوضاع في هذه المنطقة الاستراتيجية، بما يسمح بإعادة التصدير للنفط الخام والغاز الطبيعي المسال الذي بإمكانه أن يرفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة التي تحتاجها لمواجهة الأزمات الاقتصادية والمعيشية الحادة في اليمن.
وأكد أنّ هذه الخطوة هي التحدي القادم للحكومة اليمنية ومحل اختباري حقيقي لقدرتها على استعادة المورد الأول للاقتصاد اليمني.
الجدير بالذكر أنّ المخزون النفطي في اليمن يصل إلى نحو 11.950 مليار برميل، بينما يصل إجمالي المخزون الغازي إلى نحو 18.283 تريليون قدم مكعب.
(العربي الجديد)