شهد النظام المصرفي بالمحافظات اليمنية الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، اليوم الأربعاء، حالة من الشلل، جراء معالجات وصفت بالمتأخرة قام بها البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن، بهدف كبح الانهيار القياسي للعملة المحلية، أمام الدولار.
وكانت آخر التداولات التي سجلت في محافظات عدن وتعز وحضرموت، قد شهدت انهياراً قياسياً وذلك بتسجيل 850 ريالاً أمام الدولار الواحد، فيما سجل ارتفاعاً طفيفا إلى 610 ريالات أمام العملة الأميركية في المناطق الخاضعة للحوثيين التي تشهد أزمة حادة بالسيولة النقدية.
ورصد مراسل "العربي الجديد"، حالة شلل شبه تامة للنظام المصرفي، في مدينتي تعز وعدن، بعد إغلاق غالبية شركات ووكالات الصرافة، وذلك بناء على قرار من البنك المركزي التابع للحكومة الشرعية، بهدف كبح انهيار الريال أمام العملات الأجنبية.
وشوهدت عدد من الدوريات الأمنية، وهي تنتشر على امتداد شارع جمال عبدالناصر وسط مدينة تعز، الذي تنتشر فيه العشرات من وكالات الصرافة الناشئة خلال الحرب، وذلك بهدف تنفيذ قرار البنك، فيما تم استثناء شركة تحويلات وحيدة فقط لاستقبال وإرسال التحويلات النقدية بين المدن، مع منعها من عملية بيع وشراء العملات الأجنبية.
وأكد مصدر في البنك المركزي في تعز لـ"العربي الجديد"، أن الفترة الماضية شهدت تراخياً كبيراً في الرقابة على شركات الصرافة، التي وصلت خلال السنوات الخمس الماضية إلى 172 شركة ووكالة تحويلات، 50 منها فقط تمتلك تراخيص رسمية، فيما تعمل البقية خارج القانون.
وعلى الرغم من الإجراءات الجديدة، التي تسببت في توقف بيع وشراء العملة، إلا أن أسعار السلع الغذائية لم تتراجع، وقال تجار لـ"العربي الجديد"، إن غالبية المستوردين وتجار الجملة كانوا قد رفعوا أسعار السلع الأساسية بما يعادل 1000 ريال يمني مقابل الدولار الواحد، وأن العودة إلى التسعيرة السابقة التي كانت قبل شهر بحاجة لمعالجات حقيقية من الحكومة وليس وهمية.
وكان البنك المركزي الذي يتخذ من عدن مقرا له، قد كشف عن حزمة معالجات تصحيحية حاسمة لوقف التدهور الاقتصادي، بدأ بتنفيذها بالمناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، بعد خروج تظاهرات شعبية في عدد من المحافظات للتنديد بارتفاع الأسعار وغياب الدور الحكومي عن وقف تدهور الريال.
ووفقا لبيان صحافي صادر عن البنك، حصل "العربي الجديد"، على نسخة منه، فقد تضمنت المعالجات الجديدة " إيقافا مؤقتا لتراخيص نشاط 4 من كبار شركات الصرافة، وإعطاءها مهلة لا تتجاوز أسبوعين لتصحيح أوضاعها ووقف مخالفاتها، وإلا سيتم سحب تراخيص نشاطها وإيقافها بصورة نهائية.
كما أقر البنك "تنفيذ حملة تفتيش منظمة ومستمرة على شركات ومنشآت الصرافة، لضبط المخالفات والمضاربات بالعملات في سوق صرف النقد، واتخاذ إجراءات رادعة ضد من يثبت عليه ذلك، بما فيها سحب تراخيص مزاولة النشاط ".
وشملت القرارات الجديدة " إيقاف كافة شبكات الحوالات المالية المحلية، اعتباراً من يوم السبت القادم، على أن يقدم القطاع المختص لدى البنك المركزي تصوراً حول إمكانية استخدام إحدى الشبكات القائمة لفترة مؤقتة، إلى حين إنشاء شبكة مالية موحدة تعمل تحت إشراف البنك المركزي، وفي أقرب موعد ممكن".
وحصر البنك المركزي، مجموع التحويلات الداخلية للفرد الواحد خلال يوم كامل بسقف 500 ألف ريال يمني (590 دولارا)، أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى، وعدم بيع العملات الأجنبية من قبل شركات الصرافة لمنشآت الصرافة الفردية، وحظر التعامل بالعملات الأجنبية كوسيلة للدفع في المعاملات التجارية والخدمية الداخلية.
وتضمنت المعالجات الجديدة "وقف حسابات البنوك لدى البنك المركزي غير الملتزمة بالقوانين النافذة وتعليمات البنك المركزي والممتنعة عن موافاة البنك المركزي بالبيانات اللازمة والكاملة عن نشاطها".
وأقر البنك اليمني " عدم السماح لشركات ومنشآت الصرافة التعامل بالمصارفة أو بيع النقد الأجنبي للتجار المستوردين لعدد من السلع الأساسية، وهي المشتقات النفطية وحديد البناء والأخشاب والإسمنت وأعلاف الدواجن والسكر والأرز والقمح، وكذا منع شركات الصرافة من تقديم أية تسهيلات ائتمانية للصرافين ووكلائهم الذين يتم التعامل معهم".
وبما أن تجار المشتقات النفطية يقومون بسحب نحو 70% من العملات الأجنبية في السوق المحلية ويقفون خلف عملية المضاربة الحاصلة، أقر البنك المركزي، آلية جديدة للمصارفة الخاصة باستيراد الوقود، بعد الموافقة عليها من مجلس الوزراء، وفقا للبيان.
وبموجب الآلية الجديدة " لن يتم السماح باستيراد المشتقات النفطية ودخول السفن الناقلة لشحناتها إلى الموانئ إلا بتصريح من المكتب الفني التابع للمجلس الاقتصادي الأعلى يصدرها بموجب إفادة يمنحها البنك المركزي للتاجر المستورد تتضمن استيفاء إشعار المصارفة عبر البنك المركزي ونموذج التحويل الخارجي لقيمة الشحنة (السويفت) إضافة إلى إشعار سداد العوائد الرسمية للدولة (جمارك وضرائب وغيرها) .
المصدر: العربي الجديد