بعد مرور قرابة أسبوعين على الحصار الذي فرضته دول الخليج الثلاثة (السعودية والإمارات والبحرين)، على جارتها الأسبوع الماضي، أبدى الاقتصاد القطري تماسكا اعتبره البعض غير متوقع.
وعلى الرغم من قوة الاقتصاد القطري، وتحقيقه مستويات نمو جيدة خلال السنوات الأخيرة، في خضم التراجع الاقتصادي الذي شهده العالم، إلا أن ارتباطه بعلاقات قوية، خاصة مع الاقتصاد السعودي والإماراتي، أثار المخاوف بأن يلقي قرار الحصار بظلاله على مناحي مختلفة من الاقتصاد القطري.
ودعم تلك المخاوف، تراجع المؤشر العام للبورصة في أول يومين من قرار قطع العلاقات، بنسبة 8 بالمائة، إلا أن السوق تماسكت لاحقاً، لتتجه نحو الارتفاع في اليوم الرابع.
ومنذ 5 يونيو/حزيران الجاري، قطعت 7 دول عربية علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن وموريتانيا وجزر القمر، واتهمتها بـ"دعم الإرهاب"، فيما خفضت كل من جيبوتي والأردن تمثيلها الدبلوماسي لدى الدوحة.
بينما لم تقطع الدولتان الخليجيتان الكويت وسلطنة عمان علاقاتهما مع الدوحة.
ونفت قطر الاتهامات بـ"دعم الارهاب" التي وجهتها لها تلك الدول، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.
ويرى محللون أن الاقتصاد القطري تباطأ خلال الأيام الماضية، لكنه أبدى تماسكاً ولم يسجل تراجعات متتالية، واستطاع مواجهة الحصار.
وأرجعوا ذلك، إلى الخطوات التي اتخذتها قطر في أعقاب تلك الأزمة، خاصة فيما يتعلق بتوفير المواد الغذائية من مصادر بديلة، عبر أسطولها الجوي للنقل، ممثلاً في الخطوط الجوية القطرية.
اقتصاد متين
وقال رجب الإسماعيل، أستاذ الاقتصاد في جامعة قطر، إن مؤسسات وخبراء اقتصاد توقعوا ضرراً كبيرًا بحق الاقتصاد القطري، جراء المقاطعة.
وأضاف في تصريح للأناضول: "فيما يتعلق بالسيولة المالية في السوق المحلية، سارت عمليات التحويل لخارج قطر بشكل طبيعي، ولم تتأثر رغم إقبال العديد في اليوم الاول على تحويل مبالغ ضخمة".
وأكد "الإسماعيل" أن وفرة الدولار الأمريكي في السوق المحلية لم تشهد أية ضغوطات، رغم أن مصدرها كان الإمارات قبيل الأزمة، "إلا أن البدائل كانت متنوعة".
واتخذ البنك المركزي القطري، رزمة إجراءات في الأيام الثلاثة الأولى من الأزمة، استطاع من خلالها تأمين السيولة اللازمة للنشاط الاقتصادي المحلي، وهو ما بث الطمأنينة داخل السوق.
وكان محافظ مصرف قطر المركزي، عبد الله آل ثاني، أكد في تصريحات الإثنين الماضي، استمرار التعاملات والإجراءات المصرفية في الدولة بصورة طبيعية.
وأشار آل ثاني، إلى استمرار الحرية الكاملة في تحويلات الأموال، من وإلى داخل الدولة، وفقاً للأنظمة المصرفية المتبعة، مضيفا أن المصرف المركزي لديه احتياطيات عملات أجنبية كافية لتغطية جميع الالتزامات.
استقرار الأسواق
وأكد "الإسماعيل"، على أن العمليات التجارية في السوق المحلية من بيع وشراء، هي الأخرى سارت بشكل منتظم، ولم تتأثر من جراء قرار الحصار، "واتجاه العديد لفتح خطوط استيراد مباشر مع الموردين بدلاً من التوجه للموردين الإقليمين".
واعتبر أن العامل المؤثر في هذا التماسك، "هو تمكن الحكومة من احتواء اي حالة فزع اقتصادي في الشارع القطري، سواء بالنسبة للمواطنين أو المقيمين".
وزاد: "منذ اليوم الأول كانت الحياة طبيعية، وتسير على نحو يعكس عدم التأثر بقرار جيران قطر مقاطعتها، وهو ما انعكس بشكل إيجابي على سلوك الشارع فيما بعد.. حتى لو ظهرت بعض مظاهر الخوف في اليوم الأول.. إلا انه هذا الامر تم احتوئه سريعا على نحو جيد".
وقدر مصرفيون حجم الاحتياطي النقدي لقطر بنحو 35 مليار دولار فيما تصل حجم استثمارات صندوق قطر السيادي لنحو 355 مليار دولار.
وفي أعقاب الأزمة أعلنت ستاندرد آند بورز خفض تصنيفها الائتماني للديون القطرية الطويلة الأجل درجة واحدة إلى AA- من AA ووضعتها على قائمة المراقبة الائتمانية ذات التداعيات السلبية.