تفرض مشروبات القهوة اليمنية بأنواعها المختلفة نفسها في موائد غالبية الأسر خلال شهر رمضان باعتبارها من أهم مكونات مائدة الإفطار الرمضانية إلى جانب التمور والتي يحرص كثير من اليمنيين على توفير كمية كافية منها لمعظم أيام الشهر.
ويزاحم "القشر" أصناف البن الأخرى في موائد الإفطار الرمضانية حيث تتم صناعته وإعداده من قشور القهوة، وكذا الزنجبيل، في حين يحظى "الشاي" برواج واسع خصوصاً في المقاهي التي تكتظ بها صنعاء ومختلف المدن اليمنية.
لكن هذه المشروبات المتعددة للقهوة اليمنية الشهيرة لم تسلم هي الأخرى من الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يواجهها اليمن وسط فقدان نسبة كبيرة من السكان لمصادر دخلهم المتاحة والتي تشمل كذلك رواتب مئات الآلاف من الموظفين المدنيين.
يقول عبد الباري حسان، مالك محل لبيع البن والتوابل، في صنعاء، لـ"العربي الجديد"، إن هناك تراجعا في اهتمام المواطنين بشراء القهوة اليمنية من البن والقشر والزنجبيل خلال شهر رمضان، لكنه يشير إلى أن بعض الأسر لا تزال تحرص على شراء القهوة من البن والقشر بحسب دخلها ومستواها المعيشي.
وفي متجر مجاور يشكو البائع ناصر الخولاني من تراجع القدرات الشرائية كثيراً لمعظم الأسر، قائلا لـ"العربي الجديد"، إن نسبة كبيرة من المتسوقين الذين تزدحم أسواق صنعاء الشعبية العتيقة بهم يتفرجون أكثر مما يشترون، في حين أن هناك نسبة مهمة تشتري حاجتها من القهوة بكميات منخفضة نوعاً ما مقارنة بالأعوام السابقة، حيث كانت أصناف القهوة اليمنية تحظى برواج واسع في مثل هذه الأيام من شهر رمضان.
وبحسب آخر بيانات مسح ميزانية الأسرة في اليمن، الصادرة قبل عام 2015 عن الجهاز المركزي للإحصاء فإن إنفاق ما يقرب من 2.5 مليون أسرة في اليمن على البن والشاي قدر حينها بنحو 19 مليار ريال سنوياً (حوالي 88 مليون دولار وفق صرف الصرف آنذاك).
لكن الأزمة الاقتصادية وتدهور العملة وسعر صرف الريال اليمني الذي تسبب في قفزات في الأسعار ضغط كثيرا على القدرات الشرائية للمواطنين. وكان سعر صرف الريال لا يتجاوز 250 ريالا مقابل الدولار الأميركي قبل اندلاع الصراع، بينما يصل سعر صرف العملة المحلية حالياً إلى أكثر من 1620 ريالا مقابل الدولار في عدن التي تتخذ منها الحكومة المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة لها، ونحو 530 ريالا في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين.
ويشتهر اليمن بزراعة القهوة التي تحظى عملية زراعتها مؤخراً باهتمام نسبي بالرغم من الصعوبات والتحديات التي يشكو منها المزارعون حيث تقدر بيانات زراعية إنتاج اليمن من "البن" العام الماضي بنحو 22 ألف طن من مساحة زراعية تصل إلى حوالي 30 ألف هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع).
ويخشى خبراء اقتصاد ومسؤولون زراعيون من انعكاس تردي القدرات الشرائية على زراعة البن وأهميته الاقتصادية، حيث يأملون في تطوير زراعته، وأن يكون أحد مصادر الدخل القومي، للحفاظ على مكانته التاريخية التي عُرف بها عالمياً.
بالمقابل، يتحدث مواطنون أن الأزمة الاقتصادية والمعيشية أثرت كثيراً على اهتماماتهم بمثل هذه المناسبات مثل شهر رمضان الذي كان يحظى بحرصهم الشديد على توفير معظم متطلباته ومستلزماته.
يقول المواطن سالم العواضي لـ"العربي الجديد"، إن "القشر" يمثل خيارا مناسبا بالنظر إلى سعره المنخفض مقارنة ببقية أصناف البن المتعددة التي تفوق أسعارها المرتفعة قدرات كثير من المواطنين اليمنيين، لافتا إلى أنه بالإمكان إنفاق حوالي 2000 ريال لشراء كمية من "القشر" تكفي لأكثر من 10 أيام.
(العربي الجديد)