تدمير الجيش الإسرائيلي لمئات المساجد خلال حربه الشرسة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لا يعني أن يتوقف رفع الأذان حتى من بين ركامها، وهذا ما حرص عليه الفلسطينيون في القطاع خلال الأشهر الماضية وتحول إلى ظاهرة مع حلول شهر رمضان.
ومساء الأحد، أدى المئات من الفلسطينيين أول صلاة تراويح لشهر رمضان هذا العام في عدد من بقايا المساجد المدمرة مثل المسجد العمري الكبير، ومسجد العباس في مدينة غزة، إضافة إلى إقامتها في جماعات بمخيمات النزوح والأماكن العامة في بقية مدن ومناطق القطاع.
وخلال الصلاة، تضرع المصلون إلى الله أن ينهي الحرب على القطاع، وأن يشفي الجرحى ويحمي الأبرياء، ويجلب السلام والاستقرار إلى غزة.
وأطلق فلسطينيون مبادرات على منصات التواصل الاجتماعي تدعو إلى أداء صلاة التراويح يومياً في جماعات بأماكن عامة ومخيمات للنازحين في مدينة رفح (جنوب) ودير البلح (وسط) وبلدة جباليا (شمال) إضافة إلى مدينة غزة.
وفي مدينة غزة يصر إمام المسجد العمري الكبير الشيخ فادي عارف، على رفع الأذان وإقامة صلاة الجماعة على أنقاض المسجد المدمر بفعل استهداف الطائرات الإسرائيلية له، وسط البلدة القديمة بمدينة غزة.
ويؤم الشيخ عارف المصلين في باحة مسقوفة داخل المسجد الذي تعود سماته للعصرين المملوكي والعثماني.
ويعدّ "العمري" الذي أُسس قبل أكثر من 1400 عام، من أكبر وأعرق مساجد غزة، وثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد الأقصى و"أحمد باشا الجزار" في عكا، ويوازيه بالمساحة جامع المحمودية في يافا.
أما مسجد العباس أحد أقدم مساجد مدينة غزة أيضاً فقد دمرته الطائرات الإسرائيلية في الأسبوع الأول من الحرب، ولكن سكان حي الرمال، غربي المدينة، الذي يتواجد فيه المسجد المدمر بدأوا بأداء صلاة الجماعة في ساحة صغيرة مجاورة له.
وحسب شهود عيان، فإن العشرات من الفلسطينيين أدوا صلاة التراويح، مساء الأحد، في الساحة المجاورة لمسجد العباس.
وهذه الصورة انعكست على العشرات من المساجد التي دمرها الجيش الإسرائيلي في مناطق متفرقة من القطاع خاصة في أحياء التفاح والشجاعية بمدينة غزة ومخيم جباليا ومدينة دير البلح.
ووفق إحصائيات أصدرها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الاثنين، فإن الجيش الإسرائيلي دمر 510 مساجد بينها 220 هدمها بشكل كلي و290 مسجدا بشكل جزئي ولم تعد صالحة للصلاة فيها.
وقال المكتب الإعلامي، في بيان له، إن "شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة يستقبل شهر رمضان المبارك وقد استهدف الاحتلال مساجده التي هي المنارة الدينية الأولى التي يؤمها أهلنا للصلوات وخاصة صلاة التراويح".
وأضاف: "شعبنا الفلسطيني بغزة يستقبل شهر رمضان بمزيد من الجوع والنزوح والقتل والحصار والإبادة الجماعية".
وحمل "الإعلامي الحكومي" الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والاحتلال الإسرائيلي "المسؤولية الكاملة عن جريمة الإبادة الجماعية في غزة".
وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة، قد قالت في بيان لها بـ21 يناير الماضي، إن تكلفة إعادة إعمار المساجد التي دمرها الجيش الإسرائيلي في غزة تقدر بنحو 500 مليون دولار تقريباً.
ويحل شهر رمضان هذا العام، بينما تواصل إسرائيل حربها المدمرة ضد قطاع غزة رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في حق الفلسطينيين.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية تسببت الحرب الإسرائيلية بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل حوالي 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.
الأناضول