حول ثلاثة أقدار من الأرز وطبيخ "الفاصولياء" الساخن، يتزاحم عشرات النازحين الفلسطينيين وأصحاب المنازل المدمرة بفعل الحرب الإسرائيلية، للحصول على الوجبات المجانية لسد رمق عائلاتهم التي لا تجد في الكثير من الأحيان هذا النوع من الطعام.
يمد هؤلاء الأشخاص المتواجدون في مخيم الشابورة للاجئين الفلسطينيين وسط مدينة رفح جنوبي القطاع، الأواني البلاستيكية والحديدية للفلسطيني خالد بركات، الذي يعتلي طاولة خشبية وضع عليها الأقدار.
وباستخدام وعاء حديدي كبير، يبدأ الفلسطيني خالد بركات، صاحب المبادرة الفردية التطوعية لتوزيع الوجبات المجانية، بسكب الطبيخ داخل أواني النازحين، الذين يكون بينهم عدد كبير من النساء والأطفال.
ويأتي النازحون إلى بركات، حاملين أكياسا من النايلون ليحصلوا على القليل من هذا الطعام، لعدم توفر الأواني المناسبة لديهم.
ومنذ بداية الحرب، نزح مئات آلاف الفلسطينيين إلى مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، هربا من الهجمات العنيفة التي استهدفت أماكن سكنهم.
ويعيش النازحون أوضاعا معيشية وصحية متردية للغاية، في ظل نقص الغذاء وارتفاع الأسعار، وسط تخوفات من انتشار الأمراض والأوبئة في أوساطهم لأسباب قلة المناعة الناجمة عن نقص الأغذية، وقلة مستويات النظافة بفعل نقص المياه ومستلزمات التنظيف.
وسبق وأن حذرت منظمات حقوقية وأممية من خطر انتشار الأمراض الجلدية والتنفسية والتهاب السحايا والكبد الوبائي بين النازحين.
وفي وقت سابق الأربعاء، حذر متحدث وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في غزة عدنان أبو حسنة، في تصريح مصور، من أن مدينة رفح تشهد انتشارا كبيرا ومضاعفا لـ"الأمراض المعوية والجلدية والكبد الوبائي والتهاب السحايا بين النازحين".
كما حذر من "انهيار خطير" في الأوضاع الصحية والبيئية نتيجة الازدحام الشديد بالمدينة، خاصة داخل مراكز الإيواء.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الأربعاء 25 ألفا و700 شهيد و63 ألفا و740 مصابا معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.
وجبات مجانية
يقول بركات، للأناضول: "المستهدفون من هذه المبادرة هم النازحون وأصحاب المنازل المهدمة في مخيم الشابورة".
وأضاف "الجهود فردية بتمويل من أصحاب الخير، الأمر الذي يمكننا من طهي الوجبات الساخنة والتوزيع على المحتاجين".
وأوضح بركات، أن المبادرة تقدم للفئة المستهدفة "الوجبات الساخنة التي لا تتوفر بالعادة لديهم، خاصة في ظل عدم وجود وسائل للطهي أو مستلزماتها، ووسط غلاء وندرة توفر مكونات هذه الوجبات".
وتابع "نحاول تقديم أفضل الوجبات بمكونات غذائية مفيدة، بأقل الإمكانيات من خلال الطهي على النار جراء عدم توفر غاز الطهي".
وأعرب عن آماله في تمكنه من تقديم هذه الوجبات للمحتاجين داخل أطباق مغلفة ونظيفة، ودون حاجتهم لمد أيديهم التي تحمل الأواني المتهالكة بهذا الشكل، الذي وصفه بـ"البدائي".
وأشار بركات، إلى أهمية تقديم الوجبات مغلفة، خاصة وأن النازحين وصلوا رفح دون أن يحملوا معهم أيا من مستلزمات منازلهم.
وناشد جميع من يستطيع تقديم يد المساعدة دعم هذه المبادرة "للوصول إلى أكبر عدد من الناس والنازحين في مناطق أخرى بمدينة رفح".
واستقبلت رفح منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ما يزيد عن مليون نازح، ما رفع عدد سكان المدينة إلى مليون و300 ألف نسمة، بحسب تصريح سابق لرئيس بلدية رفح أحمد الصوفي.
وتواصل إسرائيل منذ بداية الحرب، إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري المخصص لإدخال البضائع، ما تسبب في شح توفر المواد الغذائية باستثناء ما تقدمه المساعدات الإغاثية الشحيحة التي تصل القطاع.
وبحسب أونروا، فإن ما يصل إلى القطاع من مساعدات إغاثية لا يلبي 7 إلى 8 بالمئة من احتياجات السكان.
والثلاثاء، وصفت متحدثة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عبير عطيفة، رفض إسرائيل وصول البعثات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة بـ"القيود الممنهجة".
وبحسب البرنامج، فإن إسرائيل ضاعفت، منذ مطلع العام، القيود على وصول بعثات الإغاثة إلى قطاع غزة في الأسبوعين الأوليين من يناير/ كانون الثاني الجاري.
الأناضول