يشكو مزارعو اليمن من ارتفاع تكاليف الأسمدة والمستلزمات إلى مستويات تفوق قدراتهم وإمكانياتهم لحراثة وزراعة أراضيهم. ودفع ذلك كثيرا من المزارعين في الجوف وأبين وحضرموت وصعدة والحديدة إلى ترك أراضيهم بدون زراعة.
كما أثرت هذه العوامل على مستوى المعروض من الحبوب والخضروات والفاكهة وارتفاع أسعارها، مع انخفاض واضح في مساحتها الزراعية وكمية المعروض منها في الأسواق المحلية بمعظم المناطق اليمنية.
انخفاض الإنتاج الزراعي
حسب عاملين في القطاع لـ"العربي الجديد"، انخفض الإنتاج الزراعي من الحبوب في اليمن بنحو 18% خلال عام 2022، كما تراجع المعروض من بعض محاصيل الخضروات والفاكهة كالبطيخ "الحبحب كما يُعرف في اليمن" والبرتقال.
ويبين المزارع في محافظة الجوف شمال شرق اليمن هزاع المنصوري، لـ"العربي الجديد"، أن كثيرا من مزارعي الحبوب في إحدى أكبر المحافظات اليمنية من حيث المساحة تركوا أرضهم بدون زراعة، لعدم قدرتهم على شراء الأسمدة والبذور وعديد المستلزمات الزراعية التي زادت أسعارها مؤخراً بشكل كبير.
ووفق المزارع عشال الوليدي، من محافظة أبين جنوب اليمن، لـ"العربي الجديد"، فإن عائد محاصيلهم وإنتاجهم الزراعي أصبح لا يغطي ما يتم إنفاقه على زراعة أراضيهم. في حين يشير المزارع حسان الشيخ، من محافظة الحديدة شمال غرب اليمن، إلى أن مزارعين أقدموا على بيع أرضهم لعدم القدرة على زراعتها.
ارتفاع أسعار الأسمدة
وتشهد أسعار الأسمدة ومختلف مستلزمات الإنتاج الزراعي ارتفاعا متصاعدا في اليمن منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، إذ يقدّر تجار ومزارعون نسبة الارتفاع بأكثر من 120% عما كانت عليه قبل اندلاع هذه الحرب وما خلفته من انعكاسات وتبعات في الأسواق العالمية.
ويوضح الباحث الزراعي مطلق العزي، لـ"العربي الجديد"، أن أسواق اليمن تعتمد بشكل كلي على روسيا وأوكرانيا، ليس فقط في توفير احتياجاتها من الحبوب، بل والمستلزمات الزراعية كالأسمدة التي اختفى كثير من أصنافها التي يعتمد عليها المزارعون في اليمن بدرجة أساسية، وبات العديد من المزارعين يعتمدون على أصناف رديئة لا تؤدي الغرض منها في تحسين الإنتاج الزراعي.
وتعتبر روسيا أكبر مصدّر في العالم للأسمدة، حيث تمثل ما نسبته 14% من حجم الصادرات العالمية، لذا فقد شكّل نقص الأسمدة خطراً كبيراً على الإنتاج الزراعي في اليمن كغيره من دول العالم.
ووصلت معاناة اليمن الاقتصادية وانهيار الأمن إلى مستويات خطيرة مع نهاية عام 2022، مع تكالب الأزمات الناتجة عن الصراع المحلي الدائر في البلاد منذ عام 2015، والمتغيرات التي تشهدها الأسواق.
إحياء الجمعيات التعاونية
قال الخبير في المنطقة الزراعية اليمنية الشمالية الشرقية منصور الخامري، لـ"العربي الجديد"، إن الوضع الراهن في اليمن يتطلب إعادة إحياء الجمعيات التعاونية الزراعية، واستشعار أهمية الدور الذي بالإمكان أن تقوم به في مساعدة الدولة التي تعاني من تبعات الحرب المدمرة وما فرضته من أولويات صرفت أنظارها عن بعض القطاعات الاقتصادية الواعدة، كالزراعة التي تواجه تحديات جسيمة نتيجة لتداخل عديد العوامل، ومنها ما يشهده اليمن من تغيرات مناخية حادة خلال السنوات الماضية كان لها تأثير كبير على الإنتاج الزراعي وتفاقم أزمة الغذاء في البلاد.
وفق المزارع عشال الوليدي، من محافظة أبين جنوب اليمن، لـ"العربي الجديد"، فإن عائد محاصيلهم وإنتاجهم الزراعي أصبح لا يغطي ما يتم إنفاقه على زراعة أراضيهم
وانضمت موجة الصقيع التي تضرب اليمن منذ مطلع ديسمبر/كانون الأول 2022، إلى جملة التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي في اليمن وتسببها في خسائر اقتصادية كبيرة في الإنتاج الزراعي، خصوصاً في محاصيل الفاكهة والخضروات.
ويرى خبراء اقتصاد وباحثون زراعيون ضرورة توفير الدعم للمزارعين لدعم الاستثمار في إنتاج الغذاء المحلي في اليمن، الأمر الذي سيساهم في تخفيف حدة الأزمات الغذائية التي تعاني منها البلاد.
وفي هذا السياق، يتطرق الباحث الاقتصادي منير القواس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أهمية إيجاد شراكة استثمارية واسعة بين القطاعين العام والخاص لانتشال القطاع الزراعي المشغل الأول للأيدي العاملة في اليمن، ومساعدة المزارعين الذين يحتاجون إلى من يقوم بشراء وتسويق محاصيلهم ومنتجاتهم وتعظيم العائد من إنتاجهم، وليس إلى من يعطيهم إرشادات ونصائح زراعية عبر إهدار مبالغ مالية كبيرة على دورات وبرامج لا جدوى منها.
العربي الجديد