خلص تقرير صادر عن مشروع الحقوق الرقمية في منظمة "سام"، إلى أن غياب الوعي الرقمي، كان سبباً رئيسياً في تفشي ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في اليمن، وضاعف من تداعيات الظاهرة على أفراد المجتمع.
وأشار التقرير -الذي حمل العنوان (الابتزاز الإلكتروني في اليمن.. الظاهرة والحل)- أن جملة من العوامل الفردية والاجتماعية، والقانونية إضافة إلى غياب الوعي الرقمي، أدت إلى تفشي ظاهرة الابتزاز الإلكتروني، وضاعفت من تداعياتها.
ونقل عن مختصين في الأمن الرقمي، بعضا من الأساليب والطرق التي تقع من خلالها الفتيات في مصيدة الابتزاز الإلكتروني، منها فقدان النساء لهواتفهن الشخصية في الأماكن العامة، والتي تصل أحيانا إلى أيدي المبتزين، واستراق صورا شخصية لنساء من حفلات أعراس عبر مجندات لهذا الفعل، إلى جانب الاختراقات المباشرة لهواتف وحواسيب مستخدمي الانترنت اليمنيين، الذين لا يملكون وعيا رقميا كافيا يجنبهم حيل شبكات الابتزاز.
ولفت التقرير الصادر عن مشروع الحقوق الرقمية إلى أن تبعات الابتزاز الإلكتروني وتشويه السمعة، لا تتوقف عند شعور الضحية بالقلق والاكتئاب والضغط النفسي، بل تتجاوز ذلك إلى اللجوء إلى الانتحار، وقد تدفع ذوي الضحية للتخلص منها بقتلها، انطلاقا من حسابات مجتمعية واتهامات لا مبررة، مستدلا بتصريح أدلى به الناشط مختار عبد المعز إلى مشروع الحقوق الرقمية، حيث أشار إلى أنه وخلال نوفمبر تم تسجيل أربع حالات (انتحار ومحاولة انتحار)، جراء الابتزاز، في محافظتين.
ويرى القائمون على التقرير أن هذه الحوادث ليست سوى نماذج وعينة لآلاف من القصص المشابهة والمآسي الرهيبة التي تتعرض لها ضحايا الابتزاز الإلكتروني، في مجتمع يلقي بثقل الاتهام وعبء الخطيئة على كاهلها، حتى وإن كانت الشواهد والقرائن كلها، تثبت براءتها.
وأورد تقرير (الابتزاز الإلكتروني) أن افتقار اليمن إلى قانون بشأن مكافحة الجريمة الإلكترونية، وضع سلطات إنفاذ القانون أمام تحدٍ عند معالجة قضايا الابتزاز الإلكتروني، وبالتالي اضطر المشرع إلى تكييف نصوص قانون العقوبات (العام) وإسقاطه على هذا النوع من القضايا، مع ما يعتريه من قصور وعدم مواكبة للمستجدات، ناهيك عن أن النصوص القانونية الحالية، لا تقر عقوبات رادعة بحق الجاني.
واعتبر التقرير أن الدور الحكومي/ المؤسسي في مكافحة الابتزاز الإلكتروني غائب، وفي أحسن الأحوال غير فعال، وهو ما دفع نشطاء في الأمن الرقمي لسد الفراغ والقيام بدور مشهود وإيجابي في التصدي لهذه الظاهرة.
وشدد فريق الحقوق الرقمية على مجموعة من الحلول التي تساعد في الحد من الابتزاز وتقي من تبعاته، بدءا باتباع إجراءات الأمان الرقمي، كتفعيل المصادقة الثنائية لكل البرامج والتطبيقات، ووضع كلمة مرور صعبة وبصمة، وتجنب تفعيل المزامنة ما بين الإيميل والتطبيقات والصور، إضافة إلى عدم فتح الروابط المشبوهة ومجهولة المصدر، وتجنب الانجرار إلى الغرف المغلقة ومحادثات الفيديو وإرسال الصور مهما كانت الظروف.
وركز التقرير على مسألة إصدار "قانون الجرائم الإلكترونية"، مع تأهيل المحققين والقضاة وتدريبهم على كيفية التعامل مع الجرائم الإلكترونية، يترافق ذلك مع التوعية بأن إيقاف الخطر والتصدي للانتهاكات يكون في حدود القانون، كما ونوه بضرورة "جعل مراكز الشرطة والنيابات والمحاكم أماكن آمنة لوجود النساء لتسهيل الإبلاغ عن الجرائم التي تقع عليهن، وإنشاء وحدات خاصة بالمرأة،
وأكد على "أهمية النهوض بوسائل الإعلام لإثارة هذه الملفات والتحذير من مخاطرها، ووضع برامج لتوعوية النساء بخطورة الابتزاز الإلكتروني وكيفية تفادي الوقوع في مصيدته، إضافة إلى توعية المجتمع بمخاطر السكوت على هذه الجرائم، وحثهم على الإبلاغ عنها لتسهيل السيطرة عليها مبكراً وتجنب مآلاتها الكارثية.
وطالب بفرض رقابة شديدة على مراكز بيع وإصلاح الهواتف منعاً للابتزاز ومسبباته، وتسهيل إجراءات الإبلاغ عن هذه الجرائم والتعامل معها (البلاغات) بجدية، والتحرك السريع لضبط الجناة فور تلقي البلاغات الموثوقة، إضافة إلى
واختتم التقرير بالقول: إن تغيير وعي الأفراد، يعد الخطوة الأولى لتغيير واقعهم، وانطلاقا من هذه المسلَّمة، فإن الرهان يقع على وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والنشطاء والمؤثرين، في تحمل هذه المسؤولية، والتصدي لظاهرة الإبتزاز الإلكتروني، وهو ما يستدعي التشبيك والتنسيق، على المستويين المحلي والدولي، بما يضاعف من فاعلية وكفاءة الجهود المبذولة.
منظمة سام