"ثورة بن"، مهرجان تستضيفه العاصمة صنعاء، في خطوةٍ تستهدف إنعاش إنتاج البن من جديد بعد سنوات من التراجع بسبب الحرب.
المهرجان تنظّمه اللجنة الزراعية والسمكية العليا، ووزارة الزراعة والري (في سلطات جماعة الحوثي الغير معترف بها)، واتّحاد جمعيات منتجي ومصدّري البن، ويهدف إلى استعادة مكانة البن اليمني التاريخية والوطنية والنهوض به ليكون رافدًا مستدامًا للتنمية.
مهرجان ومعرض "ثورة البن" انطلق الخميس تحت شعار: "تنمية وحماية البن مسؤوليتنا جميعًا"، ويستمر ليومين.
ويشارك فيه العديد من رواد البنّ اليمني وتجّاره المشهورين، بهدف تشجيع المزارع اليمني واستعادة مكانة البن اليمني التاريخية والوطنية، والنهوض به ليكون رافداً مستداماً للتنمية في اليمن.
"فرصة لإنعاش سمعة البن اليمني"
وفي حديث للأناضول، قال إسماعيل غمضان (مشارك)، إن "المهرجان يأتي كفرصة لإنعاش سمعة البن اليمني واستعادة مكانته التاريخية السابقة حتى رغم التحديات الكبيرة أمام هذه الشجرة".
غمضان، وهو من روّاد البنّ اليمنيّ وتجّاره المشهورين، أضاف: "مهرجان ثورة البن نعتبرها منصة محلية للجميع لنظهر للعالم كله تميّز البن اليمني وجودته التي باتت شبه مغيّبة".
ويشرح غمضان أن "المهرجان يهدف إلى جعل محصول البن رافداً أساسيًا للتنمية في اليمن ومن أهم الموارد الاقتصادية، من خلال الاهتمام به والانطلاق نحو تنمية المحصول وحمايته؛ ليكون الرافد الأساسي للتنمية الاقتصادية في البلاد التي أنهكتها سنوات الحرب والأزمات".
منبع الـ"موكا"
صدّر اليمن القهوة في القرن الخامس عشر، وعُرف بـ"موكا"، وهو تحريف لتهجئة "قهوة المخاء" نسبة إلى ميناء المخاء بمحافظة الحُديدة المطلة على البحر الأحمر، والذي يعدّ أول ميناء انطلقت منه سفن تجارة وتصدير البن إلى أوروبا وباقي أنحاء العالم.
وتحتل القهوة مكانةً كبيرة لدى اليمنيين الذين تميّزوا بزراعتها منذ القِدم حتى أصبح البن اليمنيّ من أهمّ المنتجات الزراعية اليمنية التي غزت أسواق العالم وتمتلك شهرةً كبيرة على مستوى العالم قديمًا وحديثًا.
الشهرة الواسعة التي احتلّها البنّ اليمني ترجع لمذاقه الفريد واختلاف نكهاته وأنواعه باختلاف مناطق زراعته، فهناك البن الإسماعيلي وهو الأجود، يليه المطري والحيمي واليافعي والخولاني والحمادي والآنسي والبرعي، وهي مناطق في شمال اليمن وجنوبه، وتميّزت بزراعة وإنتاج بن هو الأفضل بين المنتجات العالمية ولا يمكن أن تجدها في باقي دول العالم الأُخرى.
تحديات
رغم مكانة البنّ اليمني الكبيرة في العالم، إلا أنه تعرّض لعقبات وصعوبات شديدة، خصوصًا بعد أن أُهمِل خلال السنوات الماضية، حيث تراجعت زراعة البن وانحسرت مساحاته المزروعة، ما دفع الكثير من المهتمين بالبن إلى إطلاق هذه المبادرة في العام 2021، كمحاولةٍ لإعادة أمجاد البنّ اليمني من جديد، والوصول إلى تحقيق نهضةٍ زراعية يمنية شاملة تتجاوز كل العقبات والتحديات والمصاعب.
ويضيف غمضان: "بحكم ما تمرّ به البلاد، يعتبر وضع اليمن غير المستقر مصدر العقبات أمام زراعته والاهتمام به، أو تصديره إلى الخارج الذي أصبح من أكبر الصعوبات التي يخشاها مزارعو وتجّار البن لما يواجهونه من العراقيل في نقله وتصدير كميات كبيرة منه بسبب إغلاق المنافذ التي تضع هذا المنتج أمام محطات وعقبات جسيمة ومتعبة جدًا".
تواجه تنمية إنتاجية البن اليمني، العديد من التحديات الأخرى أبرزها شحّ مياه الأمطار، ومحدودية الأراضي الزراعية في المرتفعات، وتحويل الكثير من أراضي زراعة البنّ إلى زراعة القات.
كما أن هناك صعوبة في نقل التكنولوجيا الحديثة في إنتاج البن، بالإضافة إلى الاستثمار المحدود في هذا الجانب، وعدم وجود أبحاث متخصصة في مجال البن.
ونتيجة لتلك الصعوبات، تدهورت العملية الإنتاجية لهذا المحصول الاستراتيجي والنقدي، وتراجع مركز اليمن في قائمة الدول المصدّرة للبن من المركز الأول في القرن السابع عشر، إلى المركز الثلاثين حاليًا ضمن 51 دولة.
وبحسب جريدة "الثورة" الرسمية اليمنية، كان الإنتاج متصاعدًا حتى سنوات ما قبل الحرب والحصار، فقد وصل الإنتاج في عام 2013 إلى 20 ألف طن، ووصل حجم المساحة الزراعية المخصصة للبن إلى 34497 هكتارًا، لكن هذا الرقم هوى في العام 2016 إلى ما دون 8000 طن.
ويصدّر اليمن البن بكميات قليلة مقارنةً ببعض الدول التي تنتج البنّ بكثرة، رغم امتلاكه فرصةً ممتازة لزيادة إنتاج البن اليمنيّ المتخصص عالي الجودة، والذي سيعطي عوائد كبرى للاقتصاد القومي إذا ما تمّ الاهتمام بتنمية وتطوير زراعته وتحسين إنتاجيته، فالمناخ المعتدل وجبال اليمن الشاهقة ووديانها الغائرة، تمثل معًا توليفة طبيعية جعلت البن اليمني مميزاً في المذاق ومتفرّدًا بالجودة عن باقي الأنواع.
ومنذ 2015، ينفّذ تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن دعمًا للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات.
ومنذ عام 2014، سيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء، فتأثرت معظم القطاعات الزراعية بما فيها العنب اليمني بشكل كبير، نتيجة شح المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها في السوق السوداء.
الأناضول