برزت في اليمن ظاهرة صيد السلاحف في ظل ضعف الرقابة الرسمية نتيجة تداعيات الحرب المستمرة منذ نحو 7 سنوات ما يهدد بتناقص أعدادها.
وانتشر صيد السلاحف من قبل مواطنين في عدة محافظات ساحلية أبرزها أرخبيل سقطرى على المحيط الهندي (جنوب شرق).
ويقوم هؤلاء الصيادون بذبح السلاحف وطهيها، ليتم أكلها اعتقادا منهم بأنها تشفي من عدة أمراض، في بلد يعيش أسوأ أوضاع صحية في العالم، حيث لا تعمل به سوى نصف المرافق الطبية بسبب تداعيات الحرب.
ولم تستطع السلطات منع صيد السلاحف، لكنها أقامت أكثر من ورشة توعوية خلال الأشهر الماضية، للتحذير من المخاطر البيئية لهذه الظاهرة.
سلاحف مهددة
تعيش 5 أنواع من السلاحف البحرية في المياه اليمنية، هي السلحفاة الخضراء، وكبيرة الرأس، وصقرية المنقار، والزيتونية، والجلدية، وفق مجلة المحيط الأخضر المختصة بالشؤون البيئية (حكومية).
وأفادت المجلة بعددها الصادر في يونيو/حزيران الماضي، أن “جميع تلك الأنواع مصنفة كأحياء مهددة بخطر الانقراض، وذلك لما تشهده أعداد السلاحف البحرية ومنها صقرية المنقار من تراجع حاد في مختلف أنحاء العالم وبمعدّلات تنبئ بالخطر.
وذكرت المجلة أن أعداد السلاحف صقرية المنقار في العالم خلال الأجيال الثلاثة الأخيرة تناقصت بنسب عالية بلغت أكثر من 80 في المئة.
ويعود هذا التراجع، حسب المجلة، إلى خسارة السلاحف لكثير من مواطن تعشيشها، جراء التهديدات الطبيعية والممارسات السلبية للإنسان.
ومن أبرز تلك الممارسات الصيد الجائر المتعمد بغرض المتاجرة بلحومها ، ونبش بيوت البيض في السواحل والمتاجرة ببيوضها ، والاصطياد بواسطة أنواع محرمة من الشباك، وتلوث مياه البحر بالملوثات النفطية ومخلفات أكياس البلاستيك التي تبتلعها ظناً منها أنها قناديل البحر فتختنق بها.
وحسب تقرير صادر عن منصة “حلم أخضر” المهتمة بقضايا البيئة في اليمن (غير حكومية) “تعد لحوم وبيض السلاحف البحرية من نوع السلاحف ضخمة الرأس، شائعة الاستهلاك بين بعض السكان المحليين، خاصة في جزيرة عبد الكوري بأرخبيل سقطرى.
وأضاف التقرير الصادر في 30 مايو /أيار الماضي أنه” منذ العام 2010 دشنت هيئة البيئة في سقطرى(حكومية) ، برنامج مراقبة السلاحف البحرية، ما أسهم في تطبيق القوانين الرادعة والحد من عمليات الصيد”.
واستدرك التقرير ” لكن في السنوات الأخيرة توقف هذا البرنامج، وعادت للواجهة جرائم الصيد الجائر للسلاحف”.
وكشف التقرير أنه تم الإبلاغ مؤخرا عن استخدام الأسلحة النارية في صيد السلاحف من قبل الدخلاء على سقطرى ، بحسب ما أورده ناشطون كانوا في برنامج مراقبة السلاحف بالجزيرة.
صيد وطبخ وأكل
يقول ناصر عبدالرحمن رئيس جمعية سقطرى للحياة الفطرية (غير حكومية) للأناضول ، إن أرخبيل سقطرى يشتهر بالسلاحف ذات الرأس الكبير التي تخرج للتعشيش من منتصف أبريل/ نيسان إلى بداية سبتمبر/أيلول من كل عام “.
ويضيف: “يقوم الكثير من الشباب باصطياد السلاحف لغرض الترفيه والاستمتاع بطبخها وأكلها نظرا لأنها لذيذة حسب قولهم”.
ويحذر عبدالرحمن، من أن” اصطياد السلاحف له أضرار كبيرة، كونها من الكائنات البحرية المهددة بالانقراض، ولها دور كبير في القضاء على قناديل البحر الضارة، وتقليم الشعاب المرجانية”.
ويتابع: “إذا ما فقدت وانقرضت السلاحف، ستزداد أعداد القناديل البحرية وتكبر الشعاب المرجانية، ما سيؤثر على التوازن البيئي”.
وحسب عبدالرحمن، تؤثر كثافة قناديل البحر على مسألة تواجد الكائنات البحرية الأخرى مثل الأسماك، مع نشوء اختلالات بيئية في الشواطئ.
ومضى قائلا” هناك كائنات حية تعيش في الشعاب المرجانية، فلو زادت عن حجمها تؤدي إلى موت الكائنات ، ويأتي دور السلاحف في تنظيف الشعاب المرجانية من العوالق الميتة، ما يعزز التوازن البيئي”.
وشدد عبدالرحمن، على ضرورة ” إصدار قانون يعمل على تجريم ومعاقبة صيادي السلاحف، إضافة إلى نشر الوعي البيئي بين أوساط المجتمع وصانعي القرار بأهمية السلاحف ومخاطر القضاء عليها”.
مواد علاجية
من جانبه، يقول أحمد العامري، أكاديمي وباحث يمني في سقطرى للأناضول، إن ” صيد السلاحف في بعض المناطق الساحلية متوارثة منذ القدم”.
ويضيف: “هناك من يعتبر لحم السلاحف أفضل وجبة تقدم للضيف، فيما يتعمد البعض زيارة المناطق الساحلية من أماكن بعيدة للحصول على السلاحف”.
ويردف العامري: “صيد السلاحف ظاهرة موجودة على مدار العام، وتنشط في الصيف حيث تخرج هذه الكائنات إلى الشاطئ لكي تبيض، لكنها تواجه من يتربص بها من الصيادين”.
ولفت إلى أنه” يتم اصطياد السلاحف لاعتقاد الكثيرين أن لحمها وسمنها يحتويان على مواد علاجية بالإضافة إلى أنها تزيد من الطاقة والقوة “.
ويدعو العامري إلى ضرورة “نشر الوعي على الأقل حتى لا يتم اصطياد السلاحف التي تحمل بيضا أو صغيرة السن”.
ويتابع” ” أما منع الأمر قطعا فليس بالمقدور لأنه من العسير على السلطات مراقبة كل السواحل، وقد حاولت ذلك أكثر من مرة فلم توفق بل زادت الممارسات الخاطئة ضد السلاحف”.
ويشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من سكانه البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وللنزاع امتدادات إقليمية، منذ مارس/ آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء.
الأناضول