يعاني اليمن من تراجع كبير في كل قطاعاته الاقتصادية والإنتاجية والصناعية، وبشكل خاص تلك المرتبطة بشكل وثيق بالمجتمع الحرفي والمهني في البلاد مثل الصناعات الجلدية التي تكالبت عليها مجموعة واسعة من المعوقات المزمنة لتأتي الحرب وتضعها على قائمة الصناعات المندثرة.
ووصل إنتاج الجلود في اليمن إلى نحو 12.900 طن في العام 2012، قبل أن تبدأ هذه الصناعة التي كانت تستوعب أكثر من 3 آلاف عامل بالانحدار، وتحول بعض العاملين الصناعيين في هذا القطاع إلى "سماسرة" يجمعون الجلود لتصديرها إلى الخارج.
ويقول وهيب المازني، أحد الفنيين والخبراء المتخصصين في الصناعات الجلدية، إن المصانع والمعامل و"المدابغ" اليمنية تجمعت حولها مجموعة من المشاكل والصعوبات والمعوقات التي لم تستطع التعامل معها، في ظل إهمال الجهات الرسمية في اليمن مد يد العون والمساعدة لمثل هذا النوع من الصناعات.
ويؤكد لصحيفة "العربي الجديد"، تقادم وتهالك معدات المدابغ، إضافة إلى مشكلة الكهرباء والمياه وعدم توفر محطة لمعالجة المياه المستعملة، وهو ما يخلق مشاكل بيئية وكذا مشاكل في التنظيم الصناعي للإنتاج".
وتراجعت القدرات الإنتاجية لمصانع الأحذية في اليمن من 50 في المائة إلى 20 في المائة فقط، لقلة الطلب إضافة إلى اشتداد المنافسة الصينية من خلال إنتاج مواد تركيبية، والتي تعرف بالجلد الصناعي، والتي تسوق في اليمن بأقل من 50 في المائة من كلفة إنتاج المصانع اليمنية.
وتؤكد بيانات جهاز الإحصاء أن قيمة إنتاج المصانع اليمنية المتخصصة في دباغة الجلود والصناعات الجلدية تصل لحوالي 15 مليار ريال سنويا، بعد تهاوي عدد المنشاَت من 120 منشأة إلى 49 منشأة فقط متوزعة ما بين صغيرة ومتوسطة وكبيرة.
وحسب عبدالرزاق الوالي، وهو مالك مصنع للجلود، فإن الفوضى التي عمت قطاع الصناعات الجلدية وانتشار مكاتب وسماسرة التصدير ألحقا أضراراً كبيرة بالمصانع المحلية العاملة في الصناعات الجلدية.
ويضيف الوالي أن المصانع المحلية تواجه مشاكل في تقادم الآلات والمعدات التي تحتاج إلى صيانة، وكذا صعوبة الحصول على جلود الخام لارتفاع سعرها بشكل كبير.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة اليمنية قد فرضت حظرا على صادرات الجلود الخام من اليمن، بعد مطالبات القطاع الخاص اليمني بإعادة إحياء هذه الصناعة وتعزيز صناعة الجلد المحلي، وعلى إثرها فرضت رسوما تصل لأكثر من 25% في ميناء التصدير، مما جعل قدرة الجلود اليمنية الخام على المنافسة في السوق الدولية ضعيفة.
واستعرضت دراسة صادرة عن المنظمة العربية للتنمية الصناعية، أسباب هذه التراجع الذي تشهده صناعة الجلود في اليمن، والذي يعود إلى ضعف الشراكة بين فروع قطاع الجلود وضعف الاستثمار الداخلي والخارجي، وتدني وضعف المهارات الفنية والتكنولوجية لليد العاملة.
العربي الجديد