خطت فاطمة عبدالله الأغبري - ذات الـ 26 ربيعاً - لنفسها خطاً مختلفاً، وهي تقدم اسمها كأول فتاة يمنية تجمع بين حفظ وتلاوة القرآن الكريم، والعمل الإذاعي.
وجمعت الأغبري خلال مسيرتها بين قوة الأداء والصوت الجميل المطلوبين في كل من تلاوة القرآن، أو التقديم الإذاعي، وطوعت مهاراتها في قالب خاص بها.
فاطمة حفظت القرآن كاملاً وأبدعت في تلاوته منذ سن مبكرة، وأمسكت بتلابيب العمل الإذاعي وتفوقت فيه.
تقول في حديثها للأناضول: "نشأت وترعرعت وسط أسرة محافظة أفرادها 7 أشخاص، أب وأم وثلاثة أولاد وابنتان، وجميعنا ختم القرآن الكريم حفظًا وتلاوًة".
وتضيف: "كان لوالدتي الدور الأكبر في تعليمي القرآن وحفظه منذ كان عمري 5 سنوات".
وتتابع: "كانت تأخذني معها يوميًا إلى مدرسة تعليم وتحفيظ القرآن باعتبارها تعمل معلمة فيها، فتشكل عندي هاجس الحفظ والتلاوة مبكرًا".
وتمضي قائلة: "كنت شغوفة جدًا لمشاهدة والدتي، وهي تدرّس الطالبات في المدرسة رغم بعد المسافة التي تفصل المدرسة عن منزلنا الكائن في حي الشماسي بمدينة تعز".
وتوضح فاطمة أنها اتخذت أيضًا من تشجيع والدها وإخوتها حافزًا لمواصلة تعلم القرآن، حتى وفقها الله إلى حفظه كاملًا عند بلوغها 16 عامًا.
** لرمضان طقوس خاصة
وتتحدث الأغبري عن برنامجها اليومي خلال شهر رمضان قائلة: "عادة قراءة القرآن في رمضان فيها خير عظيم وفائدة كبيرة، كما أن تلاوته أو الاستماع إليه تمنح القلوب هدوءً والنفس سكينة، لذلك أحرص على قراءته بشكل أكبر خلال الشهر الفضيل".
وتضيف: "حتى وأنا منهمكة في أعمال المنزل ومساعدة والدتي، أجد نفسي أتمتم بالآيات وأقضي لحظات انسجام وطمأنينة لا يشعر بها إلا من وفقه الله لحفظ كتابه وحسن تلاوته".
** البروز اللافت
حفظها للقرآن وإتقانها للقراءة والتجويد وإجادتها للغة العربية، دفع بالأغبري إلى تصدر المهرجانات والفعاليات التي تقام في مدرستها "الثورة".
تتابع حديثها قائلة: "كان يسند إلي أستاذي في المرحلة الابتدائية مهمة قراءة القرآن في الطابور الصباحي بمدرستي، ساعدني على ذلك حفظي للقرآن وتلاوته بصوت متفرد وجميل بحسب شهادة اساتذتي وزميلاتي".
وتضيف: "مما دفعني لأن أكون ممثلة لمدرستي ومن ثم جامعتي في مختلف مسابقات حفظ القرآن وتلاوته، على مستوى محافظة تعز والجمهورية، وفي كل مرة كنت أحقق المركز الأول".
وتردف: "تفوقي في هذا الأمر، دفع القائمين في مؤسسة هائل سعيد أنعم لتحفيظ القرآن (غير حكومية)، إلى ترشيحي لتمثيل اليمن مع شقيقي يوسف في المسابقة العالمية لتلاوة القرآن الكريم التي اقيمت في ماليزيا صيف عام 2013 وكنت ضمن أفضل 10 قراء".
** العمل الإذاعي
مع إشراقة كل صباح، تلملم الأغبري أوراقها وتحزم حقيبتها، وهي في طريقها تجاه إذاعة (وطني) في مدينتها "تعز".
وتقول: "تقديمي لنشرات الأخبار والبرامج الإذاعية المدرسية، حبب إلي العمل في المجال الإعلامي الإذاعي، بعد أن وجدت تشجيعًا كبيرًا من زميلاتي وأساتذتي في الجامعة".
وتضيف: "كنت أسال نفسي مع كل خلوة، كيف استطيع الجمع بين عملي كمعلمة للقرآن في أحد مدارس تحفيظ القرآن والمداومة على قراءته حتى لا أنسى ما حفظته، وبين العمل في المجال الإعلامي الذي يحتاج إلى تفرغ وتنقلات من مكان إلى آخر".
وتتابع: "لم يدم تفكيري طويلًا وقررت خوض التجربة متكئة على عزيمتي وإرادتي في تحقيق النجاح والجمع بين الحسنيين وبتشجيع من أهلي وأقاربي، وهو ما تحقق لي لاحقًا".
وتوضح: "كانت البداية في قناة (يمن شباب) الفضائية، من خلال عمل تقارير عن الأطفال في بلادي تحت عنوان الشروق المعتم، تناولت فيه جزء مهم من حياة الطفولة، لاسيما ما يتعرضون له من انتهاكات في ظل ظروف الحرب".
وتلفت: "لكن فكرة العمل الإذاعي كانت مسيطرة على تفكيري أكثر من التلفزيون، فتقدمت إلى إذاعة وطني (محلية)، واجتزت الاختبارات المعتادة وتم قبولي للعمل".
وتتابع: "في إذاعة وطني قدمت العديد من البرامج منها (في ظلال القرآن) و (قطاف الأصيل) وهو برنامج جماهيري منوع، ثم توالت بعده الكثير من البرامج كـ (لآلىء القرآن، وقصة شهيد، ومنبرك وطني، وبراعم الوطن)، وغيرها من البرامج المرتبطة بحياة الناس وهمومهم".
** أطمح للمزيد
ولم تتوقف طموحات فاطمة الأغبري عند حفظها لكتاب الله، وتقديمها لبرامج إذاعية مختلفة بل يتعداها الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك.
وتشدد بهذا الخصوص: "ليس لطموحاتي قيود أو حواجز، فأنا شابة متفائلة وأطمح إلى تحقيق المزيد من النجاحات، ليس محليًا فحسب، بل وإقليميا وعربيًا".
وتضيف: "وشعاري دومًا أنه متى ما توفر للمرء رؤية وخارطة طريق واضحة يستطيع أن يبحر بسفن أمانيه إلى مرافئ النجاح وشطآن العلو" .
وتختم حديثها مبتسمة: "أشعر أن في يدي تأشيرة عبور لتحقيق كل ذلك طالما في العمر بقية".
الأناضول