فجعت الساحة الادبية والاعلامية برحيل الاديب والاعلامي اليمني حسين كرش، "رحمه الله"، رائد الأدب البوليسي والقصة البوليسية الواقعية في اليمن، والذي توفاه الأجل قبل أيام، بعد عمر طويل من الكتابة القصصية البوليسية الهادفة، التي أثرت الساحة الادبية والثقافية اليمنية بهذا النوع من الأدب.
وكان الأديب والإعلامي "حسين كرش" يعد فارس القصة البوليسية الواقعية الأول في اليمن. بل يكاد يكون الأديب اليمني الوحيد الذي اشتغل وأهتم بهذا النوع من الفن القصصي، ليتسنم لواءه بجدارة، بعد أن مخر عباب الواقع الاجتماعي اليمني بتداخلاته وتفاصيله والوانه المتعددة المربكة، ناقلا مشاهده وصوره المثيرة، سلبا وايجابا، بأسلوب أدبي رصين ومثير وشيق.
لم يكن الأديب الراحل "حسين كرش"، يؤلف القصص البوليسية من بنات أفكاره ومن خياله، كما يفعل معظم رواد هذا الفن القصصي الأكثر إثارة، بل امتاز بكونه كان ينقلها من الواقع، مستعينا بالمواد الأولية المجمعة في أرشيف البحث الجنائي اليمني، وبما يسمعه ويعيشه أو يطلع عليه في الصحف والمجلات اليمنية، ليحيلها- بقلم الروائي البوليسي المتمكن- من مجرد أحداث ميتة أو جرائم غامضة، إلى قصص شيقة تنضح بالحياة والاثارة، وتتلبسها الحكمة، ولا تخلوا غالبا من العظة والعبرة.
وقد ابتدأ مشواره ذاك، في صحيفة الحراس التابعة لوزارة الداخلية. وبالرغم من كتاباته المتعددة المجال واللون، إلا أن القصة البوليسية استولت عليه أكثر وارتبط بها وارتبطت به، واشتهر بها، واشتهرت به.
في حوار صحفي أجراه معه الإعلامي والاديب محمد القعود، تحدث الاديب الراحل عن بداية مشواره في كتابة هذا الفن، قائلا: "بدأت الكتابة في مجال القضايا الجنائية والقصة البوليسية الواقعية عام (1980) وكانت أول قصة، جريمة كتبتها في ذلك الحين ونشرت بمجلة الحراس، الصادرة عن وزارة الداخلية".
وأضاف: "وقد اتجهت الى نمط الكتابة في مجال قصص الجريمة، لأنني وجدته المجال الوحيد الأكثر واقعية وموضوعية، والاقرب الى حياة الناس ومشاكلهم ومعاناتهم، على مختلف فئاتهم وشرائحهم".
ترك الأديب الراحل، ثروة من الأدب البوليسي الواقعي، موزعا على كثير من الصحف والمجلات اليمنية. وهي اليوم- بعد رحيل رائدها- بحاجة إلى لفتة رسمية من وزارة الثقافة اليمنية، ومن المؤسسات والمنتديات الأدبية، لتجميع هذه التركة الادبية الثمينة وانزالها في كتاب، كإضافة نوعية للمكتبة اليمنية والادب اليمني، وكرد للجميل وتخليد لعلم ثقافي وأدبي ولرائد يمني في الفن القصصي البوليسي الواقعي، ودعما دائما لأسرته من بعد رحيله.