يستقبل اليمنيون شهر رمضان المبارك بطقوس خاصة، ويمثل اليوم الأخير من شهر شعبان أول هذه الطقوس، حيث يسمى هذا اليوم في العاصمة صنعاء "يا نفس ما تشتهي" أو "يا نفس ما تشتي".

وينتظر أهالي المدينة الأثرية صنعاء القديمة هذا اليوم الذي له طقوس خاصة مرتبطة بشكل كبير بأشهى الأكلات المتنوعة، ويعد أيضاً مناسبة اجتماعية للم شمل الأهل والأصدقاء.
 
موروث اجتماعي قديم

وهذه الطقوس يمارسها الكثير من اليمنيين في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، إلا أنها في صنعاء القديمة أصبحت أشبه بالأعياد الدينية نظراً للاهتمام الكبير الذي يوليه السكان بيوم "يا نفس ما تشتهي".

وجرت العادة لدى أبناء صنعاء القديمة في اليوم الأخير من شهر شعبان، بأن يتبادل الجيران أنواع الأكلات الشعبية والحلويات، والتهاني بمناسبة قدوم رمضان.
 
ويفسر الإسم الذي يطلق على هذا اليوم "يانفس ماتشتهي؟"، بأنه تساؤل ذاتي، حيث يسأل الشخص نفسه ماذا تشتهي (من الوجبات بشكل خاص)، ويحاول تلبية هذا الطلب الذي تشتهيه نفسه.

تقول الجدة فاطمة، من سكان صنعاء القديمة، إن هذه العادة متوارثة من الأباء والأجداد إلا أن طقوسها لم تعد كما كانت عليه في السابق.

وتضيف في حديثها لـ"يمن شباب نت"، أن يوم "يا نفس ما تشتهي" هو فرصة لاجتماع الأهل والجيران لتصفية القلوب من الأحقاد استعداداً لاستقبال رمضان بقلوب نظيفة.

ومن حديث الجدة فاطمة يتضح أن يوم "يانفس ماتشتهي" ليس خاصاً بالأكل فقط كما يتبادر إلى أذهان الكثير من الناس، وإنما له علاقة بجوانب أخرى اجتماعية ودينية.
 
وتقول الجدة فاطمة، إن النساء يجتمعن في مجلس مع بعض فيما يجتمع الرجال بمجلس آخر، وبعد إعلان رؤية هلال رمضان يذهب الرجال إلى المساجد للصلاة والتسابيح وقراءة القرآن، فيما تذهب النساء إلى الحمامات البخارية التقليدية، حيث تمثل النظافة جزء مهم لدى نساء صنعاء القديمة لاستقبال رمضان.
 
تطور وانتشار

هذا الموروث الشعبي انتشر وتطور بشكل ملفت، وأصبحت بعض المطاعم في العاصمة صنعاء تخصص ليوم "يانفس ماتشتهي" مأكولات شعبية مثل بنت الصحن والسلتة والفحسة، ومأكولات أخرى، بأسعار مخفضة.
 
ومنذ بداية شهر شعبان تبدأ بعض المطاعم الترويج للوجبات التي تقدمها بمناسبة "يانفس ماتشتهي"، وتختلف مدة التخفيضات لهذه المناسبة من مطعم إلى آخر.
وفي الوقت الذي تكتفي بعض المطاعم بإعلان تخفيض أسعار الوجبات، أو تقديم باقة أكلات متنوعة بسعر مخفض لمدة يوم واحد، تمدد مطاعم أخرى هذه التخفيضات لمدة اسبوع، ويكون آخر اسبوع من شهر شعبان.
 
ويشارك المواطنون من المحافظات الأخرى إحياء يوم "يانفس ما تشتهي"، حيث تقول علياء أحمد، من عدن وتسكن في العاصمة صنعاء، إنها أصبحت تهتم بهذا اليوم وتميزه عن الأيام الأخرى.
 
وتوضح لـ"يمن شباب نت"، أن فكرة "يانفس ماتشتهي" ليست ثقافة منتشرة في عدن كما هي في صنعاء، إلا أن ثقافة اجتماع الأهل والأصدقاء في مائدة واحدة بآخر يوم من شعبان موجودة لدى بعض السكان في عدن.
 
وتؤكد أنها تشارك جيرانها الاحتفال بقدوم رمضان في يوم "يانفس ماتشتهي"، وتبادلهم أكلات شعبية عدنية كما تستقبل منهم أكلات شعبية صنعانية، مشيرة إلى أن لديها جيران من محافظات أخرى ويحتفلون أيضاً بهذا اليوم.
 
ويأتي شهر رمضان المبارك على اليمنيين هذا العام، في ظل حرب وأزمة اقتصادية تعصف بالبلاد منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ما يجعله أكثر مأساوية من الأعوام السابقة، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، واستمرار أزمة الغاز المنزلي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.