منذ ما يقارب عامين، تعيش النمرة العربية "زعفران"، وحيدةً في قفصها الحديدي في حديقة الحيوان في العاصمة اليمنيّة صنعاء، بعد أن توفّي زوجها، لتصبح إحدى الحالات التي لم ترحمها آلة ووجع الحرب المستمرة في البلاد، منذ ما يقارب الثلاثة أعوام. تظهرُ ملامح القلق والحرمان على زعفران عند رؤية رفيقتها، الأنثى الوحيدة، النمرة العربية المسماة بـ"زبيدة"، حسب تسمية القائمين على الحديقة.
يشرح، أحمد ناجي، وهو أحد المشرفين على الحديقة، ومعنيُّ بالاهتمام وإطعام النمرتين زعفران وزبيدة، لـ"العربي الجديد"، إن كثيراً من الحيوانات في الحديقة لها العديد من القصص والمآسي، جراء الحرب. "لكن النمرة زعفران ورفيقتها، كان لهما نصيبٌ أكثر، نظراً لخصوصيتهما، ولسلالتهما النادرة التي تتطلَّب الكثير من العناية، والتي لا تتوفر للأسف".
ويضيف أن "أبرز الوقائع الصعبة والمعاناة التي مرَّت بها النمرة زعفران، هو وفاة أولادها بعد ولادتهم فوراً، ووفاة زوجها الذكر قبل ما يقارب العامين بعد مرضٍ أصابه. بالإضافة إلى عدم توفُّر اللقاحات الخاصة بالحيوانات عموماً في الحديقة، وعدم توفُّر التغدية الخاصة المطلوبة لهذا النوع من النمور الفريدة، نتيجة الحرب، وتقليص العديد من المخصُّصات المالية بشكل كبير، الأمر الذي ينطبق أيضا على رفيقتها".
ويُعدُّ النمر العربي من الحيوانات الشهيرة النادرة، في شبه الجزيرة العربية، ورمزاً للندرة والجمال. وتم إدراجه ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض عام 1996. وتشيرُ الدراسات المنشورة، إلى أن الأعداد المتبقية لا تزيد عن 200 نمر، مسجلة انخفاضاً يصل إلى 90 بالمائة.
وحسب دراسة علميّة عُمانية، فقد كان هذا النوع من النمور مُتواجِداً في كافة السلاسل الجبلية، بمناطق شبه الجزيرة العربية، منذ ما يقارب مئة عام. أما اليوم، فقد انحصر تواجدها في أماكن قليلة، منها المناطق الجبلية، والغابات في اليمن وعمان ومرتفعات الحجاز.
وأثناء زيارته إلى اليمن عام 2011، وصفَ المدير التنفيذي لمؤسَّسة "حماية النمر العربي"، ديفيد أستانشون، هذا النوع من النمور في اليمن بأنه "من أجمل وأقوى الحيوانات المفترسة في الجزيرة العربية، وأحد أندر الحيوانات في الكون".
من جانبه، يوضح ناصر، وهو أحد العاملين في حديقة الحيوان بصنعاء، سبب تأخُّر جلب زوج للنمرة زعفران بأنه "كان المقرر جلب زوج للنمرة زعفران قبل أكثر من عام، من ذات الفصيلة النادرة، وآخر للنمرة زبيدة، من حديقة الحيوان بتعز، حيث يوجد هناك ذكور. وتم تشكيل لجنة، آنذاك، رفعت تقارير بضرورة جلبهما بشكل عاجل. إلا أنَّ العمليّة فشلت لثلاثة أسباب، أولها، زيادة وتيرة الحرب الدائرة خصوصاً في محافظة تعز، والمخاطر المتوقعة من عملية النقل. بالإضافة إلى عدم توفر الإمكانيات المادية لتلك العملية. ثم يأتي السبب الثالث، ويتمثّل بالإهمال من قبل المسؤولين المختصين في صنعاء لمثل هذه الأمور. كونها أصبحت في ظل الشح المالي، حسب وصفه أموراً ثانوية بالنسبة لهم". الجدير بالذكر، أن اليمن يؤوي العديد من النمور العربية في المناطق الجبلية والغابات، وخصوصاً في منطقة "وادعة" بمحافظة عمران.